وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعُمَيْرة بنِ طارِقٍ :
بفِتْيانِ صِدْقٍ فوقَ جُرْدٍ كأَنَّها |
|
طَوالِبُ عِقْبان عليها الرَّحائِل(١) |
أَو هو سَرْجٌ من جُلودٍ لا خَشَبَ فيه كان يُتَّخَذُ للرَّكْضِ الشَّديدِ ، كما في المُحْكَمِ ، قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ :
تَعْدُو به خَوْصاءُ يَفْصِمُ جَرْيُها |
|
حَلَقَ الرِّحالةِ وهي رِخْوٌ تَمْزَعُ (٢) |
يقولُ : تَعْدُو فتَزْفِر فتَفْصِم حَلَقَ الحِزَامِ.
رَحَلَ البعيرَ كمَنَعَ يَرْحَلُه رَحْلاً ، وارْتَحَلَهُ : حَطَّ ، وفي المُحْكَمِ : جَعَلَ ، عليه الرَّحْلَ فهو مَرْحُولٌ ورَحِيلٌ (٣).
ورَحَلَه رِحْلَةً : شَدَّ عَلَيه أَدَاتَه ، قالَ الأَعْشَى :
رَحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدوةً أَجمالَها |
|
غَضْبَى عليك فما تقولُ بَدَا لَها؟ (٤) |
وقالَ المثقَّبُ العَبْدِيُّ :
إِذا ما قمت أَرْحَلُها بليلٍ |
|
تَأَوَّهُ آهةَ الرَّجُلِ الحَزِينِ (٥) |
وفي الحدِيثِ (٦) : إِنَّ ابِني ارْتَحَلَنِي فكَرِهْت أَنْ أُعْجِلَه ، أَي جَعَلَنِي كالرَّحلةِ فَرَكِب على ظَهْرِي.
وفي التَّهْذِيبِ : رَحَلْت البعيرَ أَرْحَله رَحْلاً إِذا عَلَوْته.
وقالَ شَمِرٌ : ارْتَحَلْت البعيرَ إِذا رَكِبْته بقَتَبٍ أَو اعْرَوْرَيْته ، قالَ الجعدِيُّ :
وما عَصَيْتُ أَميراً غير مُتَّهَم |
|
عندِي ولكنَّ أَمْرَ المَرْءِ ما ارْتَحَلا(٧) |
أَي : يَرْتَحلُ الأَمْرَ يَرْكَبُه.
قالَ شَمِرٌ : ولو أَنَّ رَجلاً صَرَعَ آخَرَ وقَعَدَ على ظَهْرِه لقَلْت رَأَيْته مُرْتَحِله.
وإِنَّه لحَسَنُ الرِّحْلَةِ ، بالكسرِ ، أَي الرَّحْلِ للإِبِلِ أَي شَدَّه لرَحْلِها قالَ :
ورَحَلُوها رِحْلةً فيها رَعَن (٨)
والرَّحَّالُ : كشَدَّادٍ العالِمُ به المُجيدُ له.
والمُرَحَّلَةُ* : كمُعَظَّمَةٍ إِبِلٌ عليها رِحالُها ، وهي أَيْضاً التي وُضِعَتْ عنها رِحالُها ضِدٌّ ، قالَ :
سوى تَرْحِيلِ رَاحلةٍ وعَيْنٍ |
|
أُكالِئُها مَخَافةَ أَنْ تَنَاما |
والرَّحولُ والرَّحولَةُ والراحِلَةُ الصالِحَةُ لأَنْ تُرْحَلَ للذَّكَرِ والأُنْثَى ، فاعِلَةٌ بمعْنَى مَفْعُولةٍ وقد يكونُ على النّسَبِ. وفي الحدِيثِ : «تَجِدُونَ الناسَ بعْدِي كإِبلٍ مائةٍ ليس فيها راحِلَةٌ» ، الرَّاحِلَةُ من الإِبِلِ : القويُّ على الأَسْفارِ والأَحْمالِ ، وهي التي يَخْتارُها الرجُلُ لمَرْكَبِهِ ورَحْلِه على النَّجابةِ وتَمَام الخَلْق وحُسْن المَنْظَرِ ، وإِذا كانَتْ في جماعَةِ الإِبِلِ تَبَيَّنَت وعُرِفَت.
قالَ الأَزْهَرِيُّ هذا تَفْسيرُ ابنِ قُتَيْبة وقد غَلَطَ فيه فإِنَّه جَعَلَ الرَّاحِلَة الناقَةَ وليسَ الجَمَل عِنْدَه رَاحِلَة ، والرَّحِلَةُ عِنْدَ العَرَبِ كلُّ بعيرٍ نَجِيبٍ ، سَواءٌ كانَ ذَكَراً أَو أُنْثَى ، وليْسَت الناقَةُ أَوْلى باسمِ الرَّاحِلةِ من الجَمَلِ ، تقولُ العَرَبُ للجَمَلِ إِذا كانَ نَجِيباً رَاحِلَة ، وجَمْعُه رَوَاحِل ، ودُخُول الهاءِ في الرَّاحِلَة للمُبَالغَةِ في الصِّفَةِ ، كما تقولُ رجُلٌ داهِيَةٌ وباقِعَةٌ وعلَّامَةٌ.
وقيلَ : أَنَّما سُمِّيَت رَاحِلَة لأَنَّها تُرْحَلُ كما قالَ اللهُ تعالَى : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٩) أَي مَرْضِيَّةٍ ، و (ماءٍ دافِقٍ) (١٠) ، أَي مَدْفُوق.
وقيلَ : لأَنَّها ذاتُ رَحْلٍ ، وكذلِكَ : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ، أَي ذاتُ رضاً ، و (ماءٍ دافِقٍ) ذي دَفْقٍ.
__________________
للبيد بن ربيعة ، والبيت في ديوان لبيد ط بيروت ص ١٨ برواية : على الأظراب.
(١) اللسان.
(٢) ديوان الهذليين ١ / ١٦ برواية : «فهي رخو» واللسان.
(٣) قوله : «فهو مرحول ورحيل» هذه العبارة في متن القاموس ، وقد وضعها الشارح خارج الأقواس على أنها ليست من القاموس ، وهو خطأ.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٥٠ واللسان.
(٥) اللسان والصحاح.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وفي الحديث الخ أوله كما في اللسان أن النبي صلىاللهعليهوسلم سجد فركبه الحسن فأبطأ في سجوده ، فلما فرغ سئل عنه ، فقال : إن ابني الخ.
(٧) اللسان.
(٨) اللسان بدون نسبة.
(*) بالأصل ليست من القاموس.
(٩) سورة القارعة الآية ٧.
(١٠) سورة الطارق الآية ٨.