وقالَ الزَّجَّاجُ : هو المُحِبُّ الذي لا خَلَلَ في مَحَبَّتِه ، وبه فسَّرَ الآيَةَ ، أَي أَحَبَّه مَحَبَّةً تامَّةً لا خَلَلَ فيها. قالَ : وجائَزٌ أَنْ يكونَ معْنَاه الفَقِير أَي اتخّذَهَ مُحْتاجاً فَقِيراً (١) إِلى ربِّه.
أَو الخَلِيلُ : من أَصْفَى المَوَدَّةَ وأَصَحَّها ، وبه فَسَّرَ ابنُ دُرَيْدٍ قَوْلَهُمْ في إِبرَاهيمَ صلىاللهعليهوسلم ، خَلِيل اللهِ ، سماعاً ؛ قالَ : ولا أَزِيدُ فيه شيئاً لأَنَّها في القُرْآنِ. وهي بهاءٍ وجَمْعُها خَليلاتٌ وخَلائِلُ ، كما في المُحْكَمِ.
والخَلِيلُ والفائِزُ : كِلَاهُما سَيْفُ سَعِيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه وهو القائِلُ :
أَضْربُ بالفائزِ والخليلِ |
|
ضربَ كريمٍ ماجدٍ بهلولِ |
يرجو رِضى الرحمنِ والرسولِ |
|
حتى أموتَ أَو أَرى سبيلي |
وأَيْضاً : اسمُ مَدينةِ سَيِّدِنا إِبراهيمَ الخَليلِ ، صَلَواتُ اللهِ وسَلامُه عَلَيه وعلى ولدِه وآلِهِما ؛ ويقالُ في النِّسْبَةِ : هو خَلِيليُّ ، ولقَدْ أَظْرف مَنْ قالَ :
فقلْتُ لصاحِبِي هذا خَلِيلي
وقَدْ دَخَلْت هذه المدِينةَ في سَنَة ١١٦٨ ، وتَشَرَّفْت بزيارَةِ مَنْ بها من الأَنْبياءِ الكِرَامِ عليهمالسلام ، وهي مدِينةٌ عظيمَةٌ بَيْن جِبالٍ ، عَلَيها سُورٌ عَظيمٌ يقالُ إِنَّه من بناءِ الجِنِّ ، يَسْكِنَها طَوائِفُ من العَرَبِ ، ولم أَجدْ بها من أَحْمل عنه علْمَ الحدِيثِ ، وقد خَرَجَ منها أَكَابِرُ العُلَماءِ في كلِّ فَنٍّ. فمن ذلِكَ البُرْهانُ إِبرَاهيمُ بنُ إِبرَاهيمَ بنِ خَلِيلٍ الجَعْبَرِيُّ الشافِعِيُّ المَقْري ، نَزِيلُ الخَلِيلِ مَاتَ بها سَنَة ٧٣٢ ، وولدُه الشَّمس محمدُ شيْخُ الخَلِيلِ وأَولادُه البْرُهانُ إِبرَاهيم وأَحمدُ ومحمدُ وعُمَرُ وعليُّ ، حدَّثُوا ، الأَخِيرْ سَمِعَ على الميدومي وتُوفي سَنَة ٨٠٣ ، وأَخُوه عُمَرُ اسْتَجَازَ له البَرْزالي جَمْعاً وتُوفي سَنَة ٧٨٥ ، والزَّيْنُ عَبْدُ القادِرِ بنُ محمدِ بنِ عليٍّ سَمِعَ على المديوميّ وتُوفي سَنَة ٨٢٧ ، وأَخُوه شَمْسُ الدِّينِ محمدُ شيْخُ حَرَمِ الخَلِيلِ حدَّثَ ، وتُوفي سَنَة ٨٩٨ ، وأَخُوهم الثالِثُ السّرَاجُ عُمَرُ عن الحافِظِ بن حجرٍ والقاياتيّ وأَخَذَ المَشْيخةَ ، تُوفي سَنَة ٨٩٣ ، والزَّيْنُ عَبْدُ الباسِطِ بنُ محمدِ بنِ محمدِ بنِ عليٍّ أَجَازَ له الحافِظُ بنُ حجرٍ وابنُ إِمامِ الكَامِلِيّة تُوفي سَنَة ٨٩٧ ؛ ومن المُتَأَخرين شيْخُ مَشَايخِنا شَرَفُ الدِّيْن أَبُو عَبْدِ الله محمدُ بنُ محمدِ بنِ الخَلِيليُّ الشافِعِيُّ ، أَخَذَ عن الحافِظِ البَابِلِيّ وجماعَةٍ ، وعنه عدَّةٌ من شيوخِنا.
وخَليلُكَ : قَلْبُكَ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ ، وقَوْلُ لَبِيدٍ :
ولقَدْ رَأَى صُبْحٌ سَوادٌ خَلِيلِه |
|
من بَيْن قائِمِ سَيْفِه والمِحْمَلِ (٢) |
صُبْحٌ : كانَ من مُلوكِ الحَبَشةِ ، وخَلِيلُه : كَبِدُه ، ضُرِبَ ضَرْبةً فرَأَى كَبِدَ نفْسِه ظاهِرَةً.
أَو خَلِيلُك أَنْفُكَ وبه فُسِّرَ قَوْلُ الشاعِرِ :
إِذا رَيْدةٌ من حَيْثُما نَفَحَت به |
|
أَتَاه بِرَيَّاها خَلِيلٌ يُواصِلُه (٣) |
وخَلَّ خَلًّا : إذا خَصَّ وهو ضِدُّ عَمَّ ، ذَكَرَه اللّحْيانيُّ في نَوادِرِه ومنه قَوْلُ الشاعِرِ :
قَدْ عَمَّ في دعائِه وخَلَّا |
|
وخَطَّ كانِباه واسْتَمَلَّا (٤) |
وخَلَّ لَحْمُهُ يَخِلُّ ويَخُلُّ من حَدَّيْ ضَرَبَ ونَصَرَ خَلًّا وخُلولاً واخْتَلَّ ، وهذه عن الصَّاغَانيّ ، أَي نَقَصَ وهُزِلَ فهو مَخْلولٌ ومُخْتَلُّ.
وقالَ الكِسائيُّ : خَلَّ لَحْمُهُ خَلاً وخُلُولاً : قَلَّ ونَحُفَ.
والخِلَلُ كعِنَبٍ وكتابٍ وثُمامَةٍ بَقِيَّةُ الطَّعامِ بَيْنَ الأسْنانِ الواحِدَةُ خِلَّةٌ بالكسرِ ، وقيلَ : خِلَلَةٌ ، ويقالُ : أَكَلَ خُلالَته ، وقد تَخَلَّلَهُ.
يقالُ : وَجَدْت في فمي خِلَّة فَتَخَلَّلْت ، كما في التَّهْذِيبِ.
وفي العُبَابِ : الخُلالَةُ ما يَقَعُ من التَّخلُّلِ ، يقالُ : فلانٌ يأْكُلُ خُلالَته وخِلَلته وخِلَله ، أَي ما يَخْرُجُ من بَيْن أَسْنانِه إذا تَخَلَّل ، وهو مَثَلٌ.
والمُخْتَلُّ الشَّديدُ العَطَشِ ، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه.
__________________
(١) بالأصل «فقير».
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٢٧ واللسان والتكملة.
(٣) اللسان.
(٤) التهذيب واللسان.