وقالَ الرَّاغِبُ : الحِيلَةُ ما يُتَوصَّلُ به إِلى حالَةِ ما فيه خُفْيَة وأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِه فيمَا في تَعاطِيهِ حنثٌ (١) وقد يُسْتَعْملُ فيمَا في اسْتِعْمالِه حِكْمَةٌ ، ولهذا قيلَ في وصْفِه تعالَى : (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (٢) أَي الوُصُولِ إِلى (٣) خُفْيةٍ من الناسِ إِلى ما فيه حِكْمَةٌ ، وعلى هذا النَّحْوِ وصِفَ بالمَكْرِ والكَيْدِ لا على الوصْفِ المَفْهومِ (٤) ، تعالَى اللهُ عن القَبيحِ ، قالَ : والحِيلَةُ من الحَوْلِ ولكن قُلِبَ واوُه لإِنْكِسارِ ما قَبْلِه ومنه قيلَ رجُلٌ حُوَّلٌ. وقالَ أَبُو البَقَاءِ : الحِيلَةُ من التَّحَوُّلِ لأَنَّ بها يتحَوَّلُ من حالٍ إِلى حالٍ بنوع تَدْبيرٍ ولطْفٍ يَحِيلُ بها الشيءَ عن ظاهِرِهِ وشاهِدُ الحَوِيل قَوْلُ بشامة بن عمرو :
بعينٍ كعينِ مفيضِ القداحِ |
|
إِذا ما أَرَاغَ يُرِيدُ الحويلا |
وقال الكُمَيتُ :
يفوت ذوي المفاقر أَسهلاه |
|
من القنّاص بالغدر العتولِ |
وذاتِ اسْمَيْن والأَلوانُ شَتَّى |
|
تُحَمَّق وهي كَيِّسة الحَوِيلِ(٥) |
يعْنِي : الرَّخَمَة ، وذَوُو المَفَاقِر الذين يَرْمُون الصَّيْد على فقرةٍ أَي إِمْكَان.
والحِوَلُ والحِيَلُ كعِنَبٍ فيهما والحِيلاتُ بالكسرِ جُموعُ حِيلَةٍ الأَوَّلُ نظراً إِلى الأَصْلِ ، واقْتَصَرَ ابنُ سِيْدَه على أَوَّلِهما.
ورجُلٌ حُوَلٌ كصُرَدٍ وبُومَةٍ وسُكَّرٍ وهُمَزَةٍ ، وهذه من النَّوادِرِ وحَوالِيُّ ، بالفتحِ ويُضَمُّ ، وحَوْلُوَلٌ وحُوَّلِيُّ كسُكَّرِيٍّ ثمانِيَةُ لُغاتٍ ذَكَرَهُنَّ ابنُ سِيْدَه ما عَدا الثانِيَةِ والأَخِيْرةِ ، فقد ذَكَرَهما الصَّاغَانيُّ ، أَي شديدُ الاحْتِيَالِ.
ورجُلٌ حَوَلْولٌ : مُنْكَر كَمِيْش ، من ذلِكَ.
ورجُلٌ حُوَالِيُّ وحُوَّلٌ : بَصِيرٌ بتَحْويلِ الأُمورِ ، وهو حُوَّلٌ قُلَّبٌ وحُوَّلى قُلَّب وحُوَّليُّ قُلَّبيُّ بمعْنًى. ويقالُ : ما أَحْوَلَهُ وأَحْيَلَهُ وهو أَحْوَلُ منكَ وأَحْيَلُ مُعَاقَبة أَي أَكْثَرُ حِيْلَة ، عن الفرَّاءِ.
ويقالُ : لا مَحالَةَ منه بالفتحِ أَي لا بُدَّ ، يقالُ : المَوْتُ آتٍ لا مَحالَةَ.
والمُحالُ من الكَلامِ بالضمِ ما عُدِلَ به عن وَجْهِهِ ، وقالَ الرَّاغِبُ هو ما جُمِعَ فيه بَيْن المُتَنَاقِضَيْن وذلِكَ يوجدُ في المقالِ نحو أَنْ يقالَ جسْمٌ واحِدٌ في مَكَانَيْن في حالَةٍ واحِدَةٍ. وقالَ غيرُه : هو الذي لا يتصَوَّرُ وُجُوُدُه في الخارِجِ.
وقيلَ : المُحالُ : الباطِلُ مِن حالَ الشيءُ : يَحُولُ إذا انْتَقَلَ عن جِهَتِه كالمُسْتَحيلِ ، يقالُ : كَلامٌ مُسْتَحيلٌ أي مُحالٌ. واسْتَحالَ الشيءُ : صَارَ مُحالاً. وأَحالَ أَتَى به أَي بالمُحالِ ، زَادَ الصَّاغَانيُّ : وتَكَلَّم به. والمِحْوالُ كمِحْرابٍ الرَّجُلُ الكثيرُ المُحالِ في الكَلامِ ، عن اللَّيْثِ.
وحَوَّلَهُ تَحْويلاً جَعَلَهُ مُحالاً. وحَوَّلَه إِليه أَزَالَهُ.
وقالَ الرَّاغِبُ : حَوَّلْتُ الشيءَ فتَحَوَّلَ غَيَّرْتُه إِمَّا بالذَّاتِ أَو بالحُكْمِ أَو بالقَوْلِ.
وقَوْلُك : حَوَّلْت الكِتَابَ هو أَنْ تَنْقلَ صُورَة ما فيه إِلى غيرِه من غيرِ إِزَالَةٍ للصورةِ الأُوْلَى ، والاسمُ الحِوَلُ والحَوِيلُ كعِنَبٍ وأَميرٍ ، ومنه قَوْلُه تعالَى : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) ، كما في المُحْكَمِ كما سَيَأْتي.
وحوّلَ الشَّيءُ تَحَوَّلَ لازِمٌ مُتَعَدٍّ وقَوْلُ النابِغَةِ الجعْدِي :
أكَظَّكَ آبَائي فَحَوَّلْتَ عنهم |
|
وقلت له : يا ابنَ الحِيالا تحوَّلا(٦) |
يَجوزُ أَنْ يُسْتعملَ فيه حَوَّلْت مكانَ تَحَوَّلت ، ويجوزُ أَنْ يريدَ حَوَّلْت رَحْلَك فحذفَ المَفْعول وهذا كَثيرٌ كما في المُحْكَمِ ؛ وفي العُبَابِ : حَوَّلْت الشيءَ نَقَلْتُه من مكانٍ إلى مكانٍ ، وحَوَّلَ أَيْضاً بنفْسِه يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى قالَ ذُو الرُّمَّةِ :
إِذا حَوَّل الظِّلُّ العَشِيَّ رأَيْته |
|
حَنِيفاً وفي قَرْن الضُّحى يَتَنَصَّر (٧) |
يَصِفُ الحرْباءَ يعْنِي تَحَوَّل هذا إذا رَفَعْت الظِّلّ على أَنَّه
__________________
(١) في المفردات : خبث.
(٢) الرعد الآية ١٣.
(٣) في المفردات : في خفية.
(٤) في المفردات : المذموم.
(٥) الثاني في اللسان والمقاييس ٢ / ١٢١ والصحاح.
(٦) اللسان.
(٧) اللسان والصحاح.