وقد قالَ عزَّ من قائلٍ : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً) (١) ، وكأَنَّه إِنَّما جازَ حَمَلَتْ به لمَا كانَ في معْنَى عَلِقَتْ به ، ونظيرُه (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) (٢) ، لمَا كانَ في معْنَى الإِفْضاءِ عُدِّي بإِلى.
وهي حامِلٌ وحامِلَةٌ على النَّسَبِ وعلى الفِعْلِ إِذا كانَتْ حُبْلى ، وفي العُبَابِ والتَّهْذِيبِ : مَنْ قالَ حامِلٌ ، قالَ هذا نَعْتٌ لا يكونُ إِلَّا للإِناثِ ، ومَنْ قالَ : حامِلَةٌ بَنَاها على حَمَلَتْ فهي حامِلَةٌ وأَنْشَدَ المرزبانيُّ :
تَمَخَّضَتْ المَنُونُ لها بيَوْمٍ |
|
أَتى ولِكُلِّ حَامِلَة تَمَام (٣) |
فإِذَا حَمَلَتْ شيئاً على ظَهْرِها أَو على رَأَسِها فهي حامِلَةٌ لا غَيْر ، لأَنَّ الهاءَ إِنَّما تلْحَقُ للفَرْقِ فأَمَّا ما لا يكون للمُذكَّرِ فقد اسْتُغْني فيه عن علامةِ التأْنيثِ ، فإِن أُتى بها فإنَّما هو الأَصلُ ، هذا قَوْلُ أَهْلِ الكُوفةِ ، وأمَّا أَهْلُ البَصْرَةِ فإِنَّهم يقُولُون هذا غَيْرُ مُسْتمرّ لِأَنَّ العَرَبَ تقُولُ : رجلٌ أَيِّمٌ وامرَأَةٌ أَيِّمٌ ، ورجلٌ عانِسٌ وامرَأَةٌ عانِسٌ ، مع الإِشْتِراكِ ، وقالُوا : والصوابُ أَنْ يقالَ قَوْلهم حامِلٌ وطالِقٌ وحائِضٌ وأَشْبَاه ذلِكَ من الصِّفاتِ التي لا علامَةَ فيها للتَّأْنيثِ ، وإِنَّما هي أَوْصافٌ مُذَكَّرة وُصِفَ بها الإِنَاثُ كما أَنَّ الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة أَوْصافٌ مُؤَنَّثة وُصِفَ بها الذُّكُران.
والحَمْلُ : ثَمَرُ (٤) الشَّجرِ ويُكْسَرُ ، الفَتْحُ والكَسْرُ لُغتانِ عن ابنِ دُرَيْدٍ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وابنُ سِيْدَه.
وشَجَرٌ حامِلٌ ، أو الفتحُ لما بَطَنَ من ثَمَرِهِ ، والكَسرُ لِمَا ظَهَرَ منه ، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه ، أَو الفتحُ لمَا كان في بَطْنٍ أو على رأسِ شجرةٍ ، والكسرُ لما حُمِلَ على ظَهْرِ أو رَأْسٍ ، وهذا قَوْلُ ابنِ السِّكِّيت ، ومنه قَوْلُه تعالَى : (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٥) حِمْلاً ، كما في العُبَابِ ، وقالَ ابنُ سِيْدَه : هذا هو المَعْرُوفُ في اللُّغةِ ، وكذا قالَ بعضُ اللُّغَوِيِّين ما كان لازماً للشيءِ فهو حَمْلٌ ، وما كان بائِناً فهو حِمْلٌ. أَو ثَمَرُ الشَّجَرِ ، الحِمْلُ : بالكسرِ ما لم يَكْبُرْ ويَعْظُمْ فإذا كَبُرَ فبالفتحِ ، وهذا قَوْلُ أَبي عُبَيْدَة ، ونَقَلَه عنه الأَزْهَرِيُّ في ترْكِيب ش م ل ، ثم قَوْلُه ما لم يَكْبُرْ بالمُوَحَّدةِ هكذا في نسخِ الكتابِ ؛ وفي نسخِ التَّهْذِيبِ : ما لم يَكْثُرْ بالمُثَلَّثَةِ فانْظُرْ ذلِكَ ، ولمَّا لم يطَّلِع شيْخُنا على مَنْ عَزَى إليه هذا القَوْل اسْتَغْرَبه على المصنِّفِ وقالَ : هو قيدٌ غَرِيبٌ ؛ ج أَحْمالٌ وحُمولٌ وحِمالٌ بالكسرِ ، الأَخِيْرُ جَمْع الحَمْل بالفتحِ ، ومنه الحدِيثُ : «هذا الحِمَالُ لا حِمَالُ خَيْبَرَ» يعْنِي ثَمَرَ (٦) الجَنَّةِ وأَنَّه لا يَنْفَدُ كما في المُحْكَمِ وفي التَّبْصِيرِ : هو قَوْلُ الشاعِرِ.
وشجرةٌ حامِلَةٌ ذاتُ حَمْلٍ.
والحَمَّالُ : كشَدَّادٍ حامِلُ الأَحْمالِ والحِمَالَةُ ككِتابةٍ حِرْفَتُه كما في المُحْكَمِ.
والحَمِيلُ : كأَميرٍ الدَّعِيُّ. وأَيضاً الغَريبُ تَشْبيهاً بالسَّيلِ وبالوَلَدِ في البَطْنِ قالَهُ الرَّاغِبُ ، وبهما فسَّرَ قَوْلُ الكُمَيْتِ يُعَاتِبُ قُضاعة في تَحَوُّلِهم الى اليَمَنِ :
عَلامَ نَزَلْتُم من غيرِ فَقْر |
|
ولا ضَرَّاءَ مَنْزِلةَ الحَمِيل؟ (٧) |
والحَمِيلُ : الشِّراكُ وفي نسخةٍ الشَّرِيكُ ، والأُوْلَى مُوَافِقَةٌ لِنصِّ العُبَابِ.
والحَمِيلُ : الكَفِيلُ لكَوْنِه حامِلاً للحقِّ مَعَ مَنْ عَلَيه الحقّ ، ومنه الحدِيثُ : «الحَمِيلُ غارِمٌ». والحَمِيلُ : الوَلَدُ في بَطْنِ أُمِّه إذا أُخِذَتْ من أَرْضِ الشِّرْكِ ؛ وقالَ ثَعْلَبُ : هو الذي يُحْمَلُ من بلادِ الشِّرْكِ إلى بلادِ الإِسْلامِ فلا يُوَرَّثُ إلَّا بِبَيِّنةٍ.
والحَمِيلُ من السَّيْلِ ما حَمَلَه من الغُثَاءِ (٣) ومنه الحدِيثُ : «فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيلِ السَّيْلِ».
والحَمِيلُ : المَنْبُوذُ (٨) يَحْمِلُهُ قومٌ فَيُرَبُّونَهُ ، وفي بعضِ
__________________
(١) الأحقاف الآية ١٥.
(٢) البقرة الآية ١٨٧.
(٣) اللسان ونسبه لعمرو بن حسان يروى : لخالد بن حقّ. والصحاح والمقاييس ٢ / ١٠٦.
(٤) عن القاموس وبالأصل «تمر».
(٥) اللسان والصحاح والمقاييس ٢ / ١٠٧.
(٦) اللسان والصحاح والمقاييس ٢ / ١٠٧.
(٧) ضبطت في القاموس بالضم ، والسياق اقتضى كسرها.
(٨) في عبارة الشارح اختلاف عن عبارة القاموس وسقط في الكلام وتمام العبارة في القاموس : ومن السيل الغثاءُ ومن الثمامِ والوشيج الدابلُ