الحَسَنِ البَصْرِيِّ جالَسَهُ عِشْرِينَ سَنَةٍ وعنه عِيْسَى بنُ عُبَيْدٍ المَرُوزِيُّ قالَهُ ابنُ حَبَّان ، وأَحَمْدُ بنُ حَلالٍ حدِيثُه عنْدَ المِصْرِيِّين ، مُحَدِّثونَ.
ومن المجازِ : الحُلْوُ الحَلالُ : الكَلامُ الذي لا رِيْبَةَ فيه أَنْشَدَ ثَعْلَب :
تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ ولا تُرَى |
|
على مَكْرَهٍ يَبْدو بها فيَعِيب (١) |
والحِلالُ بالكسرِ مَرْكَبٌ للنِّساءِ قالَهُ اللَّيْثُ ، وأَنْشَدَ لطُفَيْل الغنويّ :
وراكضةٍ ما تَسْتَجِنُّ بحُنَّة |
|
بغير حِلالٍ غادَرَتْه مُجَعْفَلِ (٢) |
وأَيْضاً مَتاعُ الرَّحْلِ من البَعيرِ ، ويُرْوَى بالجيمِ أَيْضاً وفسَّرَ قَوْلُه :
ومُلْوِيَةٍ تَرى شَماطِيطَ غارة |
|
على عَجَلٍ ذَكَّرْتُها بِحِلالِها(٣) |
بثيابِ بدَنِها وما على بَعِيرِها ، والمَعْرُوفُ أَنَّه المَرْكَبُ أَو مَتاعُ الرَّحْلِ لا ثيابُ المَرْأَةِ ، ومعْنَى البَيْتِ على ذلِكَ : قُلْتُ لها ضُمِّي إليكِ ثِيابَك وقد كانَتْ رَفَعَتْها من الفَزْع. وقالَ الأَعْشَى :
فكأَنَّها لم تَلْقَ سِتَّة أَشْهر |
|
ضُرًّا إذا وَضَعَتْ إليك حِلالَها(٤) |
وحَلَّلَ اليَمينَ تَحْليلاً وتحِلَّةً وتَحِلًّا ، وهذه شاذَّةٌ ، كَفَّرَها ، والاسمُ من ذلِكَ الحِلُّ بالكسرِ قالَ :
ولا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّةٍ |
|
ولا عِدَّةً في الناظِرِ المُتَغَيَّب (٥) |
والتَّحِلَّةُ : ما كُفِّرَ به ومنه قَوْلُه تعالَى : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) (٦) ؛ وقَوْلُهم لأَفْعَلَنَ كذا إلَّا حِلُّ ذلك أَنْ أَفْعَلَ كذا ، أي ولكن حِلُّ ذلك ، فحِلُّ مُبْتَدأَةٌ وما بعْدَها مَبْنيُّ عليها ، وقيلَ : معْنَاه تَحِلَّةُ قَسَمِي أو تَحْلِيلُه أَنْ أَفْعَلَ كذا. وفي الحدِيثِ : «لا يموتُ للمُؤْمِنِ ثلاثَةُ أَوْلادٍ فتَمَسَّه النارُ إلَّا تَحِلَّة القَسَم» ؛ قالَ أَبُو عُبَيْدٍ : معْنَاهُ قَوْل الله تعالَى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلّا وارِدُها) (٧) ، فإذا مَرَّ بها وجَازَها فقَدْ أَبَرَّ الله قَسَمَه. قالَ القتيبيُّ : لا قسم في قَوْله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلّا وارِدُها) فيكون له تَحِلَّة ؛ ومعْنَى قَوْله إلَّا تَحِلَّة القَسَمِ إلَّا التَّعْزِيز الذي لا يَبْدَؤُه منه مَكْرُوهٌ ، وأَصْلُه من قَوْلِ العَرَبِ : ضَرَبَه تَحْليلاً وضَرَبَه تَعْزِيراً إذا لم يُبَالِغ في ضَرْبِه ، ومنه قَوْلُ كَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ رَضِيَ الله تعالَى عنه :
تَخْدِي على يَسَرات وهي لاحِقَة |
|
ذَوَابِلَ وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل(٨) |
وأَصْلُه من قَوْلِهم : تَحَلَّلَ في يَمينِهِ إذا حَلَفَ ثم اسْتَثْنَى اسْتِثْناءً مُتَّصِلاً قالَ امْرُؤُ القَيْسِ :
ويوماً على ظهرِ الكثيبِ تَعَذَّرَتْ |
|
عليّ وآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ(٩) |
وقالَ غيرُه :
أَرَى إِبِلِي عافَتْ جَدُودَ فلم تَذُقْ |
|
بها قَطْرَةً إلَّا تَحِلَّة مُقْسِم (١٠) |
وقالَ ذُو الرُّمَّةِ :
قليلاً لتحليلِ الألى ثمّ قَلصَتْ |
|
به شيمةٌ ردعاءُ تقليصَ طائرِ |
ثم جُعِلَ مَثَلاً لكلِّ شيءٍ يَقلُّ وَقْتُه. وقالَ بعضُهم القَوْلُ ما قالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ لأنَّ تفْسِيرَه جَاءَ مَرْفوعاً. وفي حدِيثٍ آخَرَ : «من حَرَسَ لَيلةً من وَرَاء المُسْلمين مُتَطَوِّعاً لم يأْخذْه السُّلطانُ (١١) لم يَرَ النارَ إلَّا تَحِلَّة القَسَم» ؛ قالَ الله تعالَى :
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : مجعفل أي مصروع كما في اللسان».
(٣) اللسان.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٥١ برواية : «جلالها» والمثبت كرواية اللسان والصحاح والمقاييس ٢ / ٢٢ والتهذيب.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : المتغيب قال في اللسان : قال ابن سيده هكذا وجدته المتغيب مفتوحة الياء بخط الحامض والصحيح المتغيب بكسر الياء.
(٦) سورة التحريم الآية ٢.
(٧) مريم الآية ٧١.
(٨) اللسان وعجزه في الصحاح والمقاييس ٢ / ٢٢ باختلاف الرواية.
(٩) من معلقته ، ديوانه ص ٣٦.
(١٠) اللسان.
(١١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : السلطان ، كذا بخطه والذي في اللسان كالنهاية : الشيطان ، ولعله الصواب».