وفي الحديثِ : حَبائِلُ اللُّؤْلُؤِ كأَنَّه جَمْعُ حَبلٍ على غيرِ قِياسٍ أو هو تصحيفٌ والصوابُ جَنابِذُ بالجيمِ والذَّالِ وقد تقدَّمَ ذِكْرُه في موضِعِه ، هكذا صَرَّحَ به أَكْثَرُ أَهْلِ الغَرِيبِ وتَبِعَهُم أَكْثَرُ شُرَّاحِ البُخَارِيّ. قالَ شيْخُنا : والصوابُ أَنَّها رِوايَة صَحِيحةٌ كما حقَّقَه عِيَاض في المشارِقِ وصَحَّحَه الحافِظُ ابنُ حجر وغَيْرُه. وأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ محمدِ بنِ حَبْلٍ النَّحَويُّ قاضِي مالِقَةَ [جُنَّ] (١) بعْدَ العِشْرِين وسَبْعُمَائة ، وربيعةُ بنُ حاتِمٍ بن سِنَان الحَبْليُّ المِصْرِيُّ محدِّثٌ ووَلَدُه محمَّد بنُ رَبِيعَة سَمِعَ منه أَبُو الحَجَّاجِ المزيّ الحافِظ ، وجدُّه حاتِم سَمِعَ من أَحْمَدَ بن معد الاقْلِيشيّ وأَخُوه (٢) عَبْدُ اللهِ بنُ حاتِمٍ سَمِعَ منه المُنْذِرِيُّ وذَكَرَه في مُعْجَمِه وقالَ : مَاتَ سَنَةَ ٦٣٩.
وككِتابٍ حبال بنُ رُفَيْدَةَ التَّمِيميُّ التَّابعيُّ وهو حبال بنُ أَبي الحَبَّالِ يَرْوِي عن الحَسَنِ وعنه أَبُو إسْحق السُّبَيْعِيّ نَقَلَه ابنُ حَبَّانَ ، زَادَ الحافِظُ : ورَوَى عن عائِشَةَ أَيْضاً.
وكشَدَّادٍ أَبُو إسْحقَ الحَبَّالُ محدِّثُ مِصْرَ وحافِظُها في زَمَنِ الفَاطِميِّينَ وجماعَةٌ آخَرُون يُعْرَفُون بذلِكَ ، وهو الذي يَفْتِلُ الحِبَالَ ويَبيْعُها.
وحَبَلَهُ يَحْبلُهُ حَبْلاً شَدَّه به أي بالحَبْلِ قالَ :
في الرَّأْسِ منها حبُّه مَحْبُولُ (٣)
وفي المَثَلِ : يا حابِلُ اذْكُرْ حَلًّا أي يا مَنْ يَشُدُّ الحَبْلَ اذْكُرْ وَقْتَ حَلِّه.
والحَبْلُ الرَّسَنُ قالَ الله تعالَى : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (٤) كالمُحَبَّلِ كمُعَظَّمٍ عن ابنِ سِيْدَه وبه فسّرَ قَوْل رُؤْبَة :
كلُّ جُلالٍ يَمْلأُ المُحَبَّلا (٥)
ح* حُبولٌ كما في المُحْكَمِ وفي التَّهْذِيبِ والجَمِيْعُ الحبَالُ ، وفي الصِّحَاحِ : ويُجْمَعُ على حِبَالٍ وأَحْبُلٍ. والحَبْلُ : الرَّمْلُ المُسْتَطِيْلُ كما في الصِّحَاحِ والمُحْكَمِ ، زَادَ الأَزْهَرِيُّ. المجْتَمِعُ الكَثِيرُ العَالِي ، وكذلِكَ : حِبَالُ الدَّهْنَاءِ رَمَلاتٌ مُسْتَطِيْلات ويقالُ : جَاؤُا حبلى زرود وهما رَمْلَتَان مُسْتَطِيْلتَان.
ومن المجازِ : الحَبْلُ : العَهْدُ والذِّمَّةُ والأَمانُ ، يقالُ :كانَتْ بَيْنهم حِبَالٌ فقَطَعُوها أي عُهُودٌ وذِمَمٌ وقَوْلُهِ تعالَى :(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) (٦) أي بعَهْدِه. وقالَ الرَّاغِبُ واسْتُعِيرَ للموصل (٧) ولكلِّ ما يُتَوَصَّلُ به إلى شيءٍ قالَ :(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً). فحَبْلُه هو الذي معه التَّوَصّل به إليه من القُرْآنِ والنبيِّ (٨) والعَقْلِ وغَيْرِ ذلِكَ ، كما إذا اعْتَصَمْت به أَدَّاك إلى جوارِهِ ، ويقالُ للعَهْدِ حَبْلٌ. وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ : الاعْتِصَامُ بحَبْلِ الله اتباعُ القُرْآنِ وتَرْك الفُرْقة ، وإيَّاه أَرَادَ ابنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه بقَوْلِهِ : «عَلَيْكُم بحَبْلِ الله فَإنَّه كتابُه ، قالَ : والحَبْلُ في كلامِ العَرَبِ يتصرفُ (٩) على وُجُوهٍ : منها العَهْدُ وهو الأَمَانُ ، وذلِكَ أَنَّ العَرَبَ كانَتْ تُخِيفُ بعضَها بعضاً ، فكانَ الرجُلُ إذا أَرَادَ سَفَراً أَخَذَ عَهْداً من سَيِّدِ قَبيلَةٍ فيَأْمَنَ بذلِكَ ما دَامَ في حُدُودِها حتى يَنْتَهِيَ إلى أُخْرَى فيَأْمَنَ بذلِكَ يُرِيدُ به الأَمَانَ فقالَ رَضِيَ الله تعالَى عنه : عَلَيْكُم بكتابِ الله فإنَّه أَمانٌ لَكُم وعَهْدٌ من عَذَابِ الله.
وقَوْلُه تعالَى : (إِلّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ) (١٠). قالَ ابنُ عَرَفَةَ : أَرَادَ إلَّا بعَهْدٍ مِنَ الله وعَهْدٍ مِنَ الناسِ ، فتِلْكَ ذلتهم تَجْرِي عَلَيهم أَحْكَامُ المُسْلِمِين. وقالَ الرَّاغِبُ : فيه تَنْبيهٌ أَنَّ الكافِرَ يَحْتَاجُ إِلى عَهْدَيْن : عَهْدٍ مِنَ الله وهو أَنْ يكونَ مِنْ أَهْلِ كتابٍ أَنْزَلَهُ الله وإلَّا لم يُقَرَّ على دِينِه ولم يُجْعَلْ في ذمةٍ وإلى عَهْدٍ من الناسِ يَبْذلُونه.
والحبل الثِّقَلُ عن الأَزْهَرِيِّ.
والحَبْلُ : الدَّاهِيَةُ ويُكْسَرُ كما سَيَأْتِي.
والحَبْلُ الوِصالُ والجَمْعُ حِبالٌ ومنه حدِيثُ مبايَعَةِ
__________________
(١) زيادة عن التبصير ١ / ٢٤١.
(٢) في التبصير ١ / ٢٩٧ «وعمه» يعني عم محمد ، وقوله : وأخوه يعني «أخو ربيعة».
(٣) اللسان بدون نسبة.
(٤) المسد الآية ٥.
(٥) ليس في ديوانه ، والرجز في اللسان والتكملة.
(*) كذا بالأصل وفي القاموس : «ج».
(٦) آل عمران الآية ١٠٣.
(٧) المفردات : للوصل.
(٨) لم ترد في المفردات.
(٩) اللسان : ينصرف.
(١٠) آل عمران الآية ١١٢.