قالَ : ويُقال : أَحْمَقَهُ : إِذا وَجَدَه أَحْمَقَ كأَحْمَدَه : وجَدَه مَحْمُوداً.
ومن المَجازِ : بَقْلَةُ الحَمْقاءِ : سَيِّدَةُ البَقْلِ ، وهي بالإِضافَةِ ، على تَأْوِيلِ بَقْلَةِ الحَبَّةِ الحَمْقاءِ ويُقالُ : البَقْلَةُ الحَمْقاءُ على النَّعْتِ ، قال ابنُ سِيدَه : هي التي تُسَمِّيها العامَّةُ الرِّجْلَة لأَنَّها مُلْعِبَةٌ ، فشُّبِّهَتْ بالأَحْمَقِ الذي يَسِيلُ لُعابُه ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ : زَعَمُوا أَنَّها سُمِّيَتْ بها لأَنَّها تَنْبُتُ على طُرُقِ الناسِ ، فتُداسُ ، وعلى مَجْرَى السَّيْلِ فيَقْتَلِعُها (١) ، وفي المَثَل : «أَحْمَقُ مِنْ رِجْلَةٍ» وقالَ ابنُ فارِس : إِنّما سُمِّيَت بذلك لضَعْفِها ، وقالَ قومٌ يُبْغِضُونَ عائِشَةَ رضياللهعنها : بَقْلَةُ الحَمْقاءِ بقلةُ عائِشَةَ ؛ لأَنّها كانَتْ تُولَعُ بِها ، وهذا مِنْ خُرافاتِهم ، وهي اسمُها في الجاهِلِيَّةِ الجَهْلاءِ ، نقَلَهُ الصاغانيُّ.
والحُماقُ كغُرابٍ ، وسَحابٍ الأُولَى عن الجَوْهَرِيِّ ، والثانيةُ عن ابْنِ سِيدَه : الجُدَرِيُّ نفسُه أَو شِبْهُه كما في الصِّحاحِ ، يُصِيبُ الإِنْسانَ ويتَفَرَّقُ في الجَسَدِ وقالَ اللِّحْيانِيُّ : هو شَيْءٌ يَخْرُجُ بالصِّبْيانِ ، وقد حُمِقَ ، وفي الصِّحاح : قال أَبو عُبَيْدٍ : يقالُ منه : رَجُلٌ مَحْمُوقٌ كالحُمَيْقَى مَقْصُوراً ، عن أَبِي زَيْدٍ.
والحُمَيْقاءُ مَمْدُوداً عن ابنِ دُرَيْد (٢) والحَمَقِيقُ ، كحَمَطِيطٍ ، والحَمِيقُ كأَمِيرٍ : نَباتٌ وقال الخَلِيلُ : هو الهَمَقِيقُ ، وهو عِنْدِي أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ.
والحَمَقِيقُ : طائِرٌ عن ابنِ دُرَيْدٍ ، وقال أَبُو حاتِمٍ ـ في كِتابِ الطَّيْرِ ـ : هو الحُمَيْمِيقُ : طائِرٌ لا يَصِيدُ شَيْئاً ، عامَّةُ صَيْدِه العَظاءُ والجَنادِبُ ، وما يُشْبهُ ذلِكَ من هَوامِّ الأَرْضِ ، وقال ابنُ عَبّادٍ : الحُمَيْقِيقُ : طائِرٌ أَبْيَضُ وذَكَرَ الحُمَيْمِيقَ أَيضاً.
ومن المَجازِ : غَرَّنِي غُرُورَ المُحْمِقات وهِي : اللَّيالِي الَّتِي يَطْلُعُ القَمَرُ في جَمِيعِها ونَصُّ العُبابِ : فِيها لَيْلَه كُلّه وقد يَكُونُ دُونَه غَيْمٌ وأَخْصَرُ منه عِبارَةُ الأَساسِ : هي اللَّيَالِي البِيضُ ذَواتُ الغَيْمِ فتَظُنُّ فيها أَنَّكَ قد أَصْبَحْتَ وعليكَ لَيْلٌ ؛ لأَنَّك تَرعى ضَوْءاً ولا تَرَى قَمَراً ، مُشْتَقٌّ من الحُمْقِ ، ويُقال : سِرْنا في لَيالٍ مُحْمِقات ، لأَنّه يَسِيرُ الرّاكِبُ فيها ويَظُنُّ أَنَّه قد أَصْبَحَ حَتّى يَمَلَّ ، قِيلَ : ومنه أُخِذَ اسمُ الأَحْمَقِ ؛ لأَنّه يَغُرُّكَ في أَوّلِ مَجْلِسهِ بتَعاقُلِه ، فإِذا انْتَهَى إِلى آخِرِ كَلامِه تَبَيَّنَ حُمْقُه ، فقَدْ غَرَّكَ بأَوَّلِ كَلامِه.
وحَمَّقَهُ تَحْمِيقاً : نَسَبهُ إِلى الحُمْقِ وكانَ هَبَنَّقَةُ يُحَمَّقُ.
ويُقال : حُمِّقَ ، مَبْنِيًّا للمَفْعُولِ مُشَدَّداً : إِذا شَرِبَ الخَمْرَ أَو سَكِرَ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلُه ، قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَب رضياللهعنه :
لُقَيْمُ بنُ لُقْمانَ من أُخْتِه |
|
وكانَ ابنَ أُخْتٍ له وابْنَمَا |
ليالِيَ حُمِّقَ فاسْتَحْضَنَتْ |
|
إِليه فجامَعَها مُظْلِما |
فأَحْبَلَها رَجُلٌ نابِهٌ |
|
فجاءَتْ بهِ رَجُلاً مُحْكَمَا |
وقال ابنُ بَرِّيّ : وهكذا أَنْشَدَهُ ابنُ الأَنْبارِيّ أَيضاً ، وفَسَّره بما تَقَدَّمَ ، وقد أَنْكَره أَبو القاسِمِ الزَّجّاجِيُّ (٣).
وانْحَمَقَ الرَّجُلُ : إِذا ذَلَّ وتواضَعَ وضَعُفَ عن الأَمْرِ ، ومنه قولُ الشاعِرِ :
ما زالَ يَضْرِبُنِي حَتّى اسْتَكَنْتُ له |
|
والشَّيْخُ (٤) يَوْماً إِذا ما خابَ يَنْحَمِقُ |
أَي : لضَعْفٍ ، قال ابنُ بَرِّيّ : وقال الكِنانِيُّ :
يا كَعْبُ إِنّ أَخاكَ مُنْحَمِقٌ |
|
فاشْدُدْ إِزارَ أَخِيكَ يا كَعْبُ |
ومن المَجازِ : انْحَمَقَ الثَّوْبُ إِذا أَخْلَقَ وبَلِيَ ، وكذلك نامَ الثَّوْبُ في الحُمْقِ (٥).
ومن المَجازِ أَيضاً : انْحَمَقَت السُّوقُ : إِذا كَسَدَتْ قِيلَ : ومنه الأَحْمَقُ ، كأَنَّه فَسَدَ عَقْلُه حَتَّى كَسَد.
__________________
(١) وفي التهذيب : البقلة الحمقاء هي الفرفخة.
(٢) الجمهرة ٢ / ١٨٢ وضبطت فيها الحمقيق ، بالقلم ، بكسر أولها.
(٣) ضبطت «حُمِّق على ما لم يسم فاعله عن الزجاجي ، أما إنشاد ابن الانباري على ما نقله ابن بري «حَمَّق» بالبناء للفاعل.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : والشيخ بوماً الخ أورد هذا الشطر في اللسان بلفظ : «والشيخ يضرب أحياناً فيحمق»
(٥) في التهذيب : نام الثوب وانحمق إذا خَلُق.