مَعَ ما نَقَلهُ الصّاغانِيُّ ، ولم يُفْصِح المُصَنِّف بالضِّدِّيّةِ ، وهو قُصُورٌ منه مع تَأَمُّلٍ في سِياقِه. وقال الأَصْمَعِيُّ : أَصبَحَت ضَرَّةُ الناقَةِ حالِقاً : إِذا قارَبَتِ المَلْءَ ولم تَفْعَلْ ، ونَقَلَ ابنُ سِيدَه عن كُراع : الحالِقُ : التي ذَهَبَ لبَنُها ، وحَلَقَ الضَّرْعُ يَحْلِقُ حُلُوقاً فهو حالِقٌ ، وحُلُوقُه : ارْتِفاعُه إِلى البَطْنِ وانْضِمامُه ، قالَ : وهو فِي قولٍ آخَر : كَثْرَةُ لَبَنِه.
قلتُ : ففِيه إِشارَةٌ إِلى الضِّدِّيَّة.
والحالِقُ : من الكَرْمِ والشَّرْيِ ونَحْوِه : ما الْتَوَى منه وتَعَلَّقَ بالقُضْبانِ قالَ الأَزهرِيُّ : مَأْخُوذٌ من اسْتِدارَتِه كالحَلْقَةِ.
ومن المَجازِ : الحالِقُ : الجَبَلُ المُرْتَفِعُ المُنِيفُ المُشْرِفُ ، ولا يَكُونُ إِلَّا مع عَدَمِ نَباتٍ ، ويُقال : جاءَ من حالِقٍ ، أَي : مِنْ مَكانٍ مُشْرِفٍ ، وفي حَدِيثِ المَبْعَثِ : «فهَمَمْتُ أَن أَطْرَحَ نَفْسِي من حالِقٍ» أَي : من جَبَلٍ عالٍ ، وأَنشدَ اللَّيْثُ :
فخَرَّ مِنْ وَجْأَتِه مَيِّتاً |
|
كأَنَّما دُهْدِهَ مِنْ حالِقِ (١) |
وقيل : جَبَلٌ حالِقٌ : لا نَباتَ فيه ، كأَنّه حُلِقَ ، وهو فاعِلٌ بمعنى مَفْعُول ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ : وهو من تَحْلِيقِ الطّائِرِ ، أَو من البُلُوغ إِلى حَلْقِ الجَوِّ.
ومن المجازِ : الحالِقُ : المَشْؤومُ على قَوْمٍ ، كأَنَّه يَحْلِقُهم ، أَي : يَقْشِرُهم كالحالِقَةِ هكذا في النُّسَخِ ، وفي العُبابِ والتَّكْمِلَة : كالحالُوقَةِ ، وهو الصَّوابُ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ : الحَلْقُ : الشُّؤْمُ وهو مجازٌ ، ومنه قولُهم في الدُّعاءِ : عَقْراً حَلْقاً.
والحَلْقُ : مَساغُ الطَّعامِ والشَّرابِ في المَرِيءِ ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ : هو مَخْرَجُ النَّفَسِ من الحُلْقُومِ ومَوْضِعُ الذَّبْحِ.
وقالَ أَبو زَيْدٍ : الحَلْقُ : موضِعُ الغَلْصَمَةِ ، والمَذْبَحِ.
والحُلْقُومُ : فُعْلُومٌ عند الخَلِيلِ ، وفُعْلُولٌ عندَ غيرِه ، وسيَأْتي ذكره. قالَ أَبُو حَنِيفَةَ : أَخْبَرَنِي أَعْرابِيٌّ من السَّراةِ أَنّ الحَلْقَ : شَجَرٌ كالكَرْمِ يَرْتَقِي في الشَّجَرِ ، وله وَرَقٌ كوَرَقِ العِنَبِ حامِضٌ يُطْبَخُ به اللَّحْمُ ، وله عَناقِيدُ صِغارٌ كعَناقِيدِ العِنَبِ البَرِّيِّ يَحْمَرُّ (٢) ، ثم يَسْوَدُّ فيكونُ مُرًّا ، ويُؤْخَذُ وَرَقُه فيُطْبَخُ ، ويُجْعَلُ ماؤُه في العُصْفُرِ فيَكُونُ أَجْوَدَ لَهُ مِنْ ماءِ (٣) حَبِّ الرُّمّانِ ومَنابِتُه جَلَدُ (٤) الأَرْضِ ، وقالَ اللِّيْثُ : هو نَباتٌ لوَرَقِه حُمُوضَةٌ يُخْلَطُ بالْوَسْمَةِ للخِضابِ ، الواحِدَةُ حَلْقَةٌ ، أَو تُجْمَعُ عِيدانُها وتُلْقَى فِي تَنُّورٍ سَكَن نارُه ، فتَصِيرُ قِطَعاً سُوداً ، كالكَشْكِ البابِلِيِّ ، حامِضٌ جِدَّا ، يَقْمَعُ الصَّفْراءَ ، ويُسَكِّنُ اللهبَ.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : سَيْفٌ حالُوقَةٌ : ماضٍ ، وكذا رَجُلٌ حالُوقَةٌ : إِذا كان ماضِياً ، وهو مجازٌ.
وحَلِقَ الفَرَسُ والحِمارُ ، كفَرِحَ يَحْلَقُ حَلَقاً ، بالتَّحْرِيكِ : إِذا سَفَدَ فأَصابَهُ فَسادٌ في قَضِيبِه من تَقَشُّرٍ واحْمِرارٍ فيُداوَى بالخِصاءِ ، كما في الصِّحاحِ ، قاله أَبُو عُبَيْدٍ ، قالَ ثَوْرٌ النَّمَرِيُّ : يكونُ ذلك من داءٍ ليسَ له دَواءٌ إِلا أَنْ يُخْصَى ، فرُبّما سَلِم ، ورُبّما ماتَ ، قال :
خَصَيْتُكَ يا ابْنَ حَمْزَةَ بالقَوافِي |
|
كما يُخْصَى مِنَ الحَلَقِ الحِمارُ (٥) |
وقال الأَصْمَعِيُّ : يكونُ ذلِكَ من كَثْرَةِ السِّفادِ ، قالَ ابنُ بَرِّيّ : الشُّعَراءُ يَجْعَلُونَ الهِجاءَ والغَلَبَة خِصاءً ، كأَنَّه خَرَج من الفُحُولِ.
وقالَ شمر : أَتانٌ حَلَقيَّةٌ ، مُحَرَّكَةً : إِذا تَداوَلَتْها الحُمُرُ حَتّى أَصابَها داءٌ في رَحِمِها.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ (٦) : الحَوْلَقُ كجَوْهَرٍ : وَجَعٌ في حَلْقِ الإِنْسانِ وليسَ بثَبَتٍ.
قالَ والحَوْلَقُ أَيضاً : الدّاهِيَةُ ، كالحَيْلَقِ كحَيْدَرٍ ، وهو مجازٌ.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : فخرّ من وجأته الخ كذا بالأصل وحرره» والبيت في الجمهرة ٢ / ٢٩٤.
(٢) كذا بالأصل والتكملة وفي اللسان : يخضرّ ثم يسودّ.
(٣) بالأصل «من حب الرمان» والمثبت عن القاموس. وفي النبات لأبي حنيفة رقم ٦٤٤ فيكون خيراً له من حب الرمان.
(٤) بالأصل «جلد البلاد» والمثبت عن التكملة.
(٥) اللسان والتهذيب ، وفي الصحاح برواية : يا بن جمرة.
(٦) انظر الجمهرة ٢ / ١٨.