تَكادُ أَيْدِيهِنَّ تَهْوِي في الزَّهَقْ (١) |
|
من كَفْتِها شَدًّا كإِضْرامِ الحَرَقْ |
أَو لهبُها عن ابْنِ الأَعْرابِيِّ ، وثَعْلَبٍ ، وبه فَسَّرُوا الحَدِيث : «ضالَّةُ المُؤْمِن حَرَقُ النّارِ» أَي : لَهَبُها ، قال الأَزْهَرِيُّ : أَرادَ أَنَّ ضالَّةَ المُؤْمِن إِذا أَخَذَها إِنْسانٌ ليَتَمَلَّكَها فإِنَّها تُؤَدِّيهِ إِلى حَرَقِ النّارِ ، والضَّالَّةُ من الحَيوانِ : الإِبِلُ والبَقَر ، وما أَشْبَهَها مما يَبْعُدُ ذَهابُه في الأَرْضِ ، ويَمْتَنِعُ من السِّباعِ.
والحَرَقُ : أَثر احْتِراقٍ يُصِيبُ من دقِّ القصّار ونحْوه في الثَّوْبِ وقالَ ابنُ الأَعرابِيِّ : الحَرَقُ : النَّقْبُ في الثَّوْبِ من دَقِّ القَصّارِ ، جَعَلَه مثلَ الحَرَقِ الّذِي هو لَهَبُ النارِ ، قال الجوهرِيُّ : وقد يُسَكَّنُ ، ونَقَل الصاغانِيُّ عن ابنِ دُرَيْدٍ : ولا أَدْرِي ما صِحَّتُه ، قال : وهو كلامٌ عَرَبِيٌّ معروفٌ.
وفي الحَدِيثِ : «أَنّه دَخَلَ مَكَّةَ يومَ الفَتْحِ ، وعليه عِمامةٌ سَوداءُ حَرَقانِيَّةٌ قد أَرْخَى طَرَفَها على كَتِفَيْهِ» ، وهي مُحَرَّكة : التي عَلَى لَوْنِ ما أَحْرَقَتْهُ النّارُ كأَنّها مَنْسُوبةٌ بزيادَةِ الأَلفِ والنونِ إِلى الحَرَقِ ، أَي : النارِ (٢).
وحَرِقَ شَعَرُه ، كَفَرِحَ حَرَقاً : تَقَطَّعَ ونَسَلَ ، فهو حَرِقُ الشَّعَرِ وكذلِكَ الجَناح ، وذلِك إِذا قَصُرَ ولم يَطُلْ ، أَو انْقَطَع ، ومنه قولُ أَبِي كَبِير الهُذَلِيِّ :
ذَهَبَتْ بشَاشَتُه فأَصْبَحَ واضِحاً |
|
حَرِقَ المَفارِقِ كالبُراءِ الأَعْفَرِ (٣) |
هكذا أَنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ وقِيلَ : الحَرِقُ ككَتِفٍ : الرَّجُلُ المُتَشَقِّقُ الأَطْرافِ ومنه قَوْلُ الطِّرِمّاحِ يَصِفُ غُراباً :
شَنِجُ النَّسَا حَرِقُ الجَناحِ كأَنَّه |
|
في الدّارِ إِثْرَ الظّاعِنِينَ مُقَيَّدُ |
هكذا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ ، ويُروى : «أَدْفَى (٤) الجَناحِ» وهذه أَشْهَرُ وأَكْثَرُ. والحَرِقُ من السَّحابِ : الشَّدِيدُ البَرْقِ نقله الجوهريُّ.
والحَرُوقُ كشَكُورٍ ، وتَنُّورٍ ، وجَلُولاء ، وكُناسَةٍ ، وغُرابٍ ، وتشْدِيدُهُما فهي سَبْعُ لُغاتٍ : الأُولى والثانية عن الفَرّاءِ ، كما في العُباب ، والثالثةُ نَقَلها ابنُ بَرِّيّ ، قال : حكاها أَبو عُبَيْدٍ في المُصَنَّفِ في باب فَعُولاءَ عن الفَرّاءِ أَو تَشْدِيدُ الأُولى من الأَخِيرَتَيْنِ لَحْنٌ وفي العُبابِ : والعامَّةُ تقولُ : الحُرّاقُ والحُرّاقَةُ بالتَّشْدِيدِ : ما يَقُع فيه النّارُ عند القَدْحِ وقال ابنُ سِيدَه : وقالَ أَبو حَنِيفَة : هي الخِرَقُ المُحْرَقَةُ التي يَقَعُ فيها السَّقْطُ ، وفي التَّهْذِيب : هو الذي تُورَى فيه النارُ.
والحَراقُ كسَحابٍ : اسمُ رَجُل.
والحُراقُ كغُرابٍ ، من المِياهِ : الزُّعاقُ ، وهو الشَّدِيدُ المُلُوحَةِ قاله الجَوْهَرِيُّ ويُشَدَّدُ وكذلِكَ الجَمْعُ ، كأَنّما يُحْرِقُ حَلْقَ الشارِبِ ، وقال ابنُ الأَعرابيِّ : ماءٌ حُراقٌ وقُعاعٌ بمعنىً واحِدٍ ، وليس بعدَ الحُراقِ شَيْءٌ ، وهو الَّذِي يَحْرِقُ أَوبارَ الإِبِل.
والحُراقُ من الخَيْل : العَدّاءُ وذلِكَ إِذا كانَ يَحْتَرِقُ في عَدْوِهِ.
وقال ابنُ عَبّادٍ : الحُراقُ : مَنْ يُفْسِدُ في كُلِّ شَيءٍ ، كالحِراقِ بالكسرِ هكذا هو نَصُّ المُحيطِ ، وفي بعضِ النُّسَخِ : من يُفِيدُ كُلَّ شَيْءٍ ، والأُولَى الصّوابُ. قلتُ : وهو قولُ ابنِ الأَعْرابِيِّ ، ونَصُّه : رَجُلٌ حِراقٌ ، بالكسر (٥) : لا يُبْقِي شَيْئاً إِلّا أَفْسَدَه ، مُثِّلَ بنارٍ حِراقٍ.
والحُراقُ : الجُشُّ (٦) الّذِي يُلقَحُ به النَّخْلُ ، كالحِرْقِ والحِراقِ بكسرهما والحَرَق مُحَرَّكَةً ، وكصَبُورٍ ويُضَمُّ فهي سِتُّ لُغاتٍ ، الثانيةُ منها تَقَّدَم ذِكْرُها.
ونارٌ حِراقٌ ، ككِتابِ : لا تُبْقِي شَيْئاً عن ابْنِ الأَعْرابِيِّ ، وقال أَبو مالِكٍ : تَحْرِقُ كُلَّ شيءٍ ، وضَبَطَه بالكَسْرِ وبالضَّمِّ (٧).
ورمْيٌ حِراقٌ بالكسرِ أَيْضاً ، أَي : شَدِيدٌ.
__________________
(١) عن الديوان ص ١٠٦ وبالأصل «الرهق» بالراء المهملة.
(٢) هذا قول الزمخشري كما نقله ابن الأثير في النهاية وزاد : قال : يقال : الحرْق بالنار والحَرَق معاً.
(٣) ديوان الهذليين ٢ / ١٠١ برواية : «وأصبح واضحاً» وفي شرحه والحرق : الذي كأنما أصابته نار أو ريح فاحترق.
(٤) عن اللسان «دفا» وبالأصل «أدنى» وأدفى الجناح أي طويله.
(٥) في التهذيب : ورجل حِراقٌ وحُراقٌ بكسر الحاء وضمها.
(٦) في التهذيب واللسان : الكُشّ.
(٧) نص قول أبي مالك في التهذيب : هذه نارٌ حِراقٌ وحُراقٌ.