باتُوا غِضاباً يَحْرِقُونَ الأُرَّمَا
ويَكُون تَهْدِيداً ووَعِيداً من فُحُولِ الإِبل خاصَّةً ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ (١) : وهو من النُّوق زَعمُوا من الإِعْياءِ ، قال زُهَيْرٌ :
أَبيَ الضَّيْمَ والنُّعمانُ يَحْرِقُ نابَه |
|
عليهِ فأَفْضَى والسُّيُوفُ مَعاقِلُهْ (٢) |
وجَعَل ابنُ دُرَيْدٍ الفِعْلَ للنّاب ، فقالَ : حَرَق نابُ البَعِير يَحْرُقُ ، وصَرَفَ يَصْرِفُ ، وفي الأَساسِ : وإِنّه ليَحْرقُ عليكَ الأُرَّمَ ، أَي : يَسْحَقُ بعضَها ببَعْض ، كفِعْل الحارِقِ بالمُبْرَدِ وهذا يُفْهَمُ منه أَنَّ حَرْقَ النّاب مَأْخُوذٌ من حَرْقِ الحَدِيدِ ، كما هو صَرِيحُ كلامِ الجَوْهَرِيِّ ، فإِنّه قال : ومنه حَرَقَ نابَه إِلى آخِرِه.
والحارِقَتانِ : رُؤُوسُ الفَخِذَيْنِ في الوَرِكَيْنِ ، أَو هُما عَصَبَتانِ في الوَرِكِ إِذا انْقَطَعَتا مَشيَ صاحِبُهما عَلَى أَطْراف أَصابِعِه لا يَسْتَطِيعُ غيرَ ذلك ، عن ابْنِ الأَعْرابِيِّ ، قالَ : وإِذا مَشَى على أَطْرافِ أَصابِعِه اخْتِياراً فهو مِكْتامٌ ، وقد اكْتامَ الرّاعِي ، وقالَ غيرُه : الحارِقَةُ : العَصَبَةُ التي تَجْمَعُ بينَ الفَخِذِ والوَرِكِ. وقِيلَ : هي عَصَبَةٌ مُتَّصِلَةٌ بينَ وابِلَتَي الفَخِذِ والعَضُدِ التي تَدُورُ في صَدَفَةِ الوَرِكِ والكَتِفِ ، فإِذا انْفَصَلتْ لم تَلْتَئِم أَبَداً ، وقِيلَ : هي في الخُرْبَةِ تُعَلِّقُ الفَخِذَ بالوَرِكِ ، وبِها يَمْشِي الإِنْسانُ ، وقِيلَ : إِذا زالَت الحارِقَةُ عَرِجَ الإِنْسانُ.
والمَحْرُوقُ : الذي انْقَطَعَت حارِقَتُه وقد حُرِقَ كعُنِيَ ، أَو الّذِي زالَ وَرِكُه وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لأَبِي مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيِّ يصفُ راعِياً :
يَظَلُّ (٣) تَحْتَ الفَنَنِ الوَرِيقِ |
|
يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمَحْرُوقِ |
يَقُول : إِنّه يَقُومُ على فَرْدِ رِجْلٍ يَتَطاوَلُ للأَفْنانِ ، ويَجْتَذِبُها بالمِحْجَنِ ، فيَنْفُضُها للإِبِلِ ، كأَنّه مَحْرُوقٌ ، وقالَ ابنُ سِيدَه : أَخْبَرَ أَنّه يَقُوم بأَطْرافِ أَصابِعِه حَتّى يَتَناولَ الغُصْنَ ، فيُمِيلَه إِلى إِبِلِه ، يَقُولُ : فهو يَرْفَعُ رِجْلَه ليَتَناوَلَ الغُصْنَ البَعِيدَ منه ، فيَجْذِبَه.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : المَحْروقُ في الرَّجَزِ (٤) : السَّفُّودُ.
والحارِقَةُ : النارُ يَقُول : أَلْقَى اللهُ الكافِرَ في حارِقَتِه ، أَي : في نارِه.
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ (٥) : وقَوْلُ عليٍّ كَرَّمَ الله وَجْهَه : «كذَبَتْكُم الحارِقَةُ» وقولُه : «عليكُم بالحارِقَةِ» قالَ ابنُ الأَعرابيِّ : هي المَرْأَةُ الضَّيِّقَةُ المَلاقِي ومنه
الحَدِيثُ الآخَر : «وجَدْتها حارِقَةً طارِقَةً فائِقَةً» وفي الأَساسِ : هي التي تَضُمُّ الشَّيْءَ لضِيقِها ، وتَغْمِزُه ، فِعْل من يَحْرِقُ أَسْنانَه ، وهي الرَّصُوف والعَصُوفُ ، وقال أَبُو الهَيْثَم : هي التي تَثْبُتُ للرَّجُلِ عَلى حارِقَتها ، أَي : شِقِّها وجَنْبِها ، قال : وقِيلَ : هي التي تَغْلِبُها الشَّهْوَةُ حَتَّى تَحْرِقَ أَنْيابَها بعضَها على بَعْضٍ ، إِشْفاقاً من أَنْ تَبْلُغَ الشَّهْوَةُ بها الشَّهِيقَ أَو النَّخِيرَ فتَسْتَحِي من ذلِك.
أَو : هي التي تُكْثِرُ سَبَّ جاراتِها عن ابْنِ الأَعْرابِيِّ.
وقالَ شَمِر وأَبو الهَيْثَمِ أَيضاً : الحارِقَةُ : النِّكاحُ على الجَنْبِ وبه فُسِّرَ قولُ عليٍّ رضياللهعنه : كذَبَتْكُم الحارِقَةُ ما قامَ لِي بهَا إِلّا أَسْماءُ بنتُ عُمَيْسٍ». وقالَ ابنُ سِيدَه : عِنْدِي أَنَّ الحارِقَةَ هُنا اسمٌ لهذا الضَّرْبِ من الجِماعِ أَو المُرادُ به هُنا الإِبْراكُ وقالَ ثعلبٌ : الحارِقَةُ : هي الّتِي تُقامُ على أَرْبَعٍ ، وبه فُسِّرَ قولُ عليٍّ رضياللهعنه.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : امرأَةٌ حارُوقٌ : نَعْتٌ مَحْمُودٌ لها عِنْدَ الخِلاطِ (٦) ، أَي : الجِماعِ وهي التي تَضُمُّ الشَّيْءَ لضِيقِها وتَغْمِزُه.
والحِرْقُ ، بالكَسْرِ : شِمْراخُ الفُحّالِ الذي يُلْقَحُ بِهِ وذلك.
أَنّه يُؤْخَذُ الشِّمراخُ من الفَحْلِ ، فيُدَسُّ في الطَّلْعَةِ ، وسَيَأْتِي للمُصَنِّفِ ذكرُه ثانِياً قريباً.
والحَرَقُ بالتَّحْرِيكِ : النّارُ يُقالُ : في حَرَقِ اللهِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، ومنه الحَدِيثُ : «الحَرَقُ والغَرَقُ والشَّرَق شَهادَةٌ» وقال رُؤْبَةُ يصفُ الحُمُرَ :
__________________
(١) الجمهرة ٢ / ١٣٩.
(٢) في اللسان : «فأمضى» والمثبت كرواية الديوان ص ١٤٣ صنعة ثعلب وفسرها : أي صار في فضاءٍ وصار يمتنع بالسيوف.
(٣) كذا بالأصل والصحاح ، وفي التهذيب واللسان «تراه تحت» وقد صوبها الصاغاني في التكملة ، ونسب الرجز لأبي محمد الفقعسي.
(٤) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «في الزجر».
(٥) الجمهرة ٢ / ١٣٩.
(٦) الجمهرة ٣ / ٣٩.