أَبُو عُبَيْدٍ : أَصلُه من الحَيّاتِ ، وقال الأَزْهَرِيُّ : صَغَّرَ الأَوْرَقَ تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ كسُوَيْدٍ في أَسْوَدَ ، والأَصْلُ وُرَيْقُ ، فقُلبَت الواوُ هَمْزَةً ذَكَرَه في هذا التَّركِيبِ ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ : حَقُّ أُرَيْقٍ أَنْ يُذْكَرَ في فصل «ور ق» لأَنَّه تصغِيرُ أَوْرَقَ ، كقَوْلِهم في أَسْوَدَ : سُوَيْدٌ ، ومما يَدُلُّ على أَنَّ أَصْلَ الأُرَيْقِ الحَيّاتُ ـ كما قال أَبو عُبَيد ـ قولُ العَجّاجِ :
وقد رَأَى دُونِيَ من تَجَهُّمِي (١) |
|
أُمَّ الرُّبَيْقِ والأُرَيْقِ الأَزْنَمِ |
بدلالَةِ قولِه : «الأَزْنَمِ» وهو الَّذِي له زَنَمَةٌ من الحَيَّاتِ.
وآرَقَه كَذَا وأَرَّقَه إِيراقاً وتَأْرِيقاً ، وعلى الثانِي اقْتَصَرَ الجَوْهَريُّ : أَسْهَرَه وهو مُؤَرَّقٌ قال :
مَتَى أَنامُ لا يُؤرِّقْنِي الكَرِي
قال سِيبَوَيْه : جَزَمه لأَنّه في معنى إِنْ يَكُن لي نَوْمٌ في غيرِ هذه الحالِ لا يُؤَرِّقْنِي الكَرِيُّ ، وقال تَأَبَّطَ شَرّاً :
يا عِيدُ مالَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ |
|
ومَرِّ طَيْفٍ عَلَى الأَهْوالِ طَرّاقِ (٢) |
وقال رُؤْبَةُ :
أَرَّقَنِي طارِقُ هَمٍّ أَرّقَا |
|
ورَكْضُ غِرْبانٍ غَدَوْنَ نُعَّقَا |
وقالَ الأَعْشَى :
أَرِقْتُ وما هَذا السُّهادُ المُؤَرِّقُ |
|
وما بِيَ من هَمٍّ وما بِيَ تَعْشَقُ (٣) |
ومُؤَرِّقٌ كمُحَدِّثٍ : عَلَمٌ منهم مُؤَرِّقٌ العِجْلِيُّ وغيرُه ، قال ابنُ دُرَيْدٍ في تَرْكِيب «ور ق» فأَمّا تَسْمِيَتُهم مُؤَرِّقاً فليسَ من هذا ، ذاكَ من الأَرَقِ ، وهو ذَهابُ النَّوْمِ (٤).
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليهِ :
رَجُلٌ أَرُقٌ كَندُسٍ ، وأُرُقٌ بضَمَّتَينِ ، بمعنى آرِقٍ.
وقِيلَ : إِذا كانَ ذلِكَ عادَتَه فبِضمِّ الهَمْزَةِ والراءِ لا غيرْ. وأُراقُ (٥) ، كغُرابٍ : موضِعٌ في قَوْلِ ابنِ أَحْمَرَ :
كأَنَّ عَلَى الجِمالِ أَوانَ حُفَّتْ |
|
هَجائِنَ من نِعاجِ أُراقَ عِينَا |
وقالَ ابنُ زَيْدِ الخَيْلِ الطّائِيُّ :
ولَمَّا أَنْ بَدَت لصَفَا أُراقٍ |
|
تَجَمَّعَ مِنْ طَوائِفِهمْ فُلُولُ |
[أزق] : أَزِقَ صَدْرُه ، كفَرِحَ وضَرَبَ الأَوَّلُ عن ابنِ دُرَيْدٍ أَزْقاً بالفَتْحِ وأَزَقاً بالتّحْرِيكِ ، وفيه لَفٌّ ونَشْرٌ غيرُ مُرَتَّبٍ : ضاقَ وفي الصِّحاحِ والعُبابِ : الأَزْقُ : الأَزْلُ ، وهو الضِّيقُ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : الأَزَقُ ، بالتَّحْرِيكِ : الضِّيقُ ، يُقال : أَزِقَ ، بالكَسْرِ ، يأْزَقُ أَزَقاً ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ في قَولِ رُؤْبَةَ يَصِفُ نامُوسَ الصَائِدِ :
مُضطَّمِراً (٦) كالقَبْرِ بالضَّيْقِ الأَزَقْ
حَرّك الزّاي ضَرورَةً ، قال الصّاغانِيُّ : الدَّلِيلُ على صِحَّةِ قولِ الأَصْمَعِيِّ قولُ العَجّاجِ :
أَصْبَحَ مَسْحُولٌ يُوازِي (٧) شِقَّا |
|
مَلَالَةً يَمَلُّها وأَزْقَا |
أَو أَزِقَ الرَّجُلُ : إِذا تَضايَقَ صَدْرُه في الحَرْبِ ، كتَأَزَّقَ فِيهِما ، وحكى الفَرّاءُ : تأَزَّقَ صَدْرِي ، وتَأَزَّل ، أَي : ضاقَ.
والمَأْزِقُ ، كمَجْلِسٍ : المَوْضِعُ المَضِيقُ الذي يَقْتَتلونَ فيهِ ، قالَ اللَّحْيانِيّ : وكذلِكَ مَأْزِقُ العَيْشِ ، ومنه سُمِّي مَوْضِعُ الحَرْبِ مَأْزِقاً ، والجمعُ المَآزِقُ ، قال جَعْفَرُ بنُ عُلْبَةَ الحارِثِيُّ :
إِذا ما ابْتَدَرْنَا مَأْزِقاً فَرَّجَتْ لَنَا |
|
بأَيْمانِنَا بِيضٌ جَلَتْهَا الصَّيَاقِلُ |
وفي المَقايِيس لابنِ فارِسٍ : اسْتُؤْزِقَ على فُلانٍ : إِذا ضاقَ عليهِ المَكانُ فَلَمْ يُطِقْ أَنْ يَبرُزَ.
ثمّ إِنَّ هذا الحَرْفَ مكتوبٌ عِنْدَنا في النُّسَخِ بالحُمْرَةِ ، وقد وُجِدَ في نُسَخِ الصِّحاحِ ، فانظُرْه.
__________________
(١) عن الديوان ص ٦٢ وبالأصل «تهجمي».
(٢) المفضليات ص ٢٧.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١١٦ برواية :
وما بي من سقم وما بي معشقُ
(٤) الجمهرة ٢ / ٤١٠.
(٥) تقدمت الإشارة إليه ، وقد مر الشاهد أثناء المادة.
(٦) عن الديوان ص ١٠٧ وبالأصل «مضطرما».
(٧) عن الديوان ص ٤٠ وبالأصل «يوارى» بالراء.