كُوم الذُّرَى وادِقَة سُرَّاتُها
ووَدَقَت ذَاتُ الحَافِر ، مُثَلَّثَةَ الدَّال ، واقتَصَر الجَماعة على وَدَقَت تَدِق ، كوعَدَ وَداقاً كسَحاب وَوَدَقاناً ، وَوَدَقاً ، محرَّكَتَيْن. وفَاته وَدْقاً بالفَتْح ، وَوُدُوقاً بالضَّم ، وَوِدَاقاً بالكَسْر : أَرادَتِ الفَحْلَ واشتَهَتْه كأَودَقَت ، واسْتَوْدَقَتْ كِلاهُما عن الجوهَريّ.
وأَتانٌ وَدُوقٌ ووَدِيقٌ ، وفَرسٌ وَدُوقٌ ووَدِيقٌ ، وبها وِدَاق ، ككِتابٍ. قال الفَرَزْدَقُ :
كأَنّ رَبِيعاً من حِمايَة مِنْقَرٍ |
|
أَتانٌ دعاها للوِداقِ حِمارُها |
وفي حَدِيثِ ابنِ عَبّاس ـ رضياللهعنهما ـ في إِلْقاءِ عَصَا مُوسَى عليهالسلام : «وإِنَّ فِرْعَوْنَ كانَ على فَرَسٍ ذَنُوب حِصَان ، فتمَثَّل له جِبْريلُ عليهالسلام على فَرَس وَدِيقٍ ، فتقَحَّمَ خَلْفَها» وهي التي تَشْتَهِي الفَحْلَ.
قال ابنُ سِيدَه : وقد يَكُونُ الوِداقُ مِثلُه في الأَتانِ ، حكاه كُراع في عِبارَة ، قال : فلا أَدْرِي : أَهو أَصلٌ أَم استَعْمَله؟ قالَ ابنُ بَرِّي : وقد ذَكَرَ ابنُ خَالَوَيْهِ : أَودَقَت فهي وَادِق ، ولا يُقالُ : مُودِق ، ولا مُسْتَوْدِق.
وفي المَثَل : وَدَقَ العَيْرُ إِلى الماءِ أَي : دَنَا منه. يُضرَبُ لِمَن خَضَعَ لِشَيْءٍ حِرْصاً عليه ، نقله الجوهَرِيُّ والصاغانِيُّ.
والمَوْدِقُ كمَجْلِسٍ : مَوْضِعُه أَي : مَوْضِع وَدْق العَيْرِ.
قالَ امرُؤُ القيسِ :
دخَلْتُ على بَيْضاءَ جُمٍّ عِظامُها |
|
تُعَفِّي بذيل المِرْطِ إِذا جِئتُ مَوْدِقي (١) |
ومن المَجازِ : ذَاتُ وَدْقَيْن : من أَسْماءِ الدَّاهِيَة (٢) ، ويُقالُ أَيضاً : ذاتُ رَوْقَيْنِ ، بالرَّاءِ ، وقد تَقَدَّم ذلِكَ للمصَنِّف كأَنَّها ذاتُ وَجْهَيْن. وفي الصِّحاح : أَي ذَاتُ وَجْهَيْنِ : كأَنَّها جاءَت من وَجْهَيْنِ ، وأَنشَدَ الجَوهَرِيُّ للكُمَيْتِ :
وكائِنْ وكَمْ من ذَاتِ وَدْقَين ضِئْبِلٍ |
|
نآدٍ كَفَيْتَ المُسْلِمينَ عُضالَها |
ويُقال : ذات وَدْقَيْن : من صِفَة الطَّعْنَةِ ، وقِيلَ : من صِفَة السَّحابة. يُقال : سحَابَةٌ ذاتُ وَدْقَيْنِ ، أَي : ذاتُ مَطْرَتَيْنِ شَدِيدَتَيْنِ ، شُبِّهتْ بها الحَرْبُ الشديد ، فقيل : حَرْبٌ ذاتُ وَدْقَيْنِ. وقِيلَ : هو من الوِداق : الحِرْصُ على طَلَبِ الفَحْلِ ؛ لأَنَّ الحربَ تُوصَف باللّقاح. وَقيل : هو من صِفاتِ الحَيّاتِ.
وداهِيَةٌ ذاتُ وَدْقَيْنِ ، وذات رَوْقَيْنِ : إِذا كانت عَظِيمةً ، وكُلُّ ذلِك أَغْفَلَه المُصَنِّفُ.
ومنه قَولُ أَميرِ المُؤْمِنينَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِي الله تعالى عنه فِيما رُوِيَ عنه :
تِلْكُم قُرَيْشٌ تَمَنَّاني لِتَقْتُلَني |
|
فلا ورَبِّكَ ما بَرُّوا وما ظَفِرُوا |
فإِنْ هَلَكْتُ فَرَهْنٌ ذِمَّتِي لَهُمُ |
|
بذاتِ وَدْقَيْنِ لا يَعْفُو لها أَثَرُ(٣) |
قال أَبُو عثمان المازِنيُّ النَّحْوِيّ : لم يَصِحّ عندنا أَنَّه رضياللهعنه تَكَلَّم بشَيْءٍ من الشَعْر غَيرَ هَذين البَيْتَيْن ، وهكذا نقله المَرْزُبَاني في تاريخ النُّحاة عن يُونُس : ما صَحَّ عندنا ، ولا بَلَغَنا أَنَّهُ قالَ شِعْراً إِلّا هذين البَيْتَيْن ، كذا في شَرْح شَواهِد المُغْنِي فِي مَبْحَث «كُلّ». وسَبَقَ للصّاغانِيِّ مثلُ ذلك عن المازنِيّ في تَرْكيب «روق» ، وصَوَّبه الزَّمَخْشَرِي رَحِمَه الله تعالى.
قالَ شيخُنا : ولعلَّ سَنَدَ ذلِكَ قَوِيٌّ لديهِم ، وإِلَّا
فقَدْ وَرَدَ عنه :
أَنا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمي حَيْدَرَهْ
الأَبيات. ونقل عنه المصنف في «خيس» شِعْراً وتَواتَر عنه :
مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ أَخي وصِهْرِي
الأَبيات ... وغير ذلك مما كَثُر وشاع ، بحيث إِنَّ النفوسَ لا تطمَئنُّ إِلى أَنّه لم يَقُلْ غيرَ هذين البيتين لا سيّما وقد قال الشَّعْبِي : كانَ أَبو بكر شاعِراً ، وكان عُمَرُ شاعراً ، وكان عُثمانُ شاعراً ، وكان عليٌّ أَشعرَ الثلاثة. ونقله
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ١٣٥ وبهامشه : مودقي : المكان الذي وقفت فيه. وفي الديوان : بذيل الدرع.
(٢) شاهده ، في التهذيب واللسان ، قول الكميت :
إذا ذات ودقين هاب الرقا |
|
ة أن يمسحوها وأن يتفلوا |
(٣) تقدم البيتان في روق برواية بذات روقين. وهما في اللسان.