وأَوْبَقَه : حَبَسَه ، ومنهُ قَولُه تَعالى : (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) (١) أَي : يَحْبِسُ السُّفُنَ ورُكْبانَها فلا تَجْرِي بهم ، عُقوبَةً لهم.
أَو أَوبَقَه : أَهْلَكَه قال الفَرّاءُ : يُقالُ : أَوبقَتْ فُلاناً ذُنُوبُه ، أَي : أَهْلَكَتْه ، فوَبِقَ يَوْبَق وَبَقاً. وفي حَدِيث الصِّراط : «ومنهم المُوبَقُ بذُنُوبِه» أَي : المُهْلَكُ. وفي الحَدِيثِ : «ولو فَعَلَ المُوبِقات» أَي : الذُّنوبَ المُهْلِكاتِ.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
أَوْبَقه : إِذا ذَلَّلَه. وفي نَوادِرِ الأَعرابِ : وَبِقَت الإِبلُ في الطِّين : إِذا وُحِلَتْ فنَشِبَت فيه.
ووَبِقَ في دَيْنِه (٢) : إِذا نَشِب فيه.
وفي حَدِيث عليٍّ رضياللهعنه «فمِنْهم الغَرِيقُ الوَبِق» أَي : الهالِكُ.
[وثق] : وَثِق به يَثِقُ كوَرِثَ يَرِثُ ثِقَةً ومَوْثِقاً ، وعَلَى الأَولِ اقْتَصرَ الجوهَرِيُّ ، زادَ ابنُ سِيدَه : وِثاقَه ، كوِراثَةٍ ، وزادَ الزّمخشَرِيُّ بعد «ثِقَة» وُثُوقاً ، بالضّمِّ : ائْتَمَنَه. يُقالُ : به ثِقَتِي.
والوَثِيقُ : الشَّيْءُ المُحْكَم ، ج : وِثاقٌ بالكَسْرِ.
وَوَثُقَ الشَّيءُ وَثاقَةً كَكَرُم كَرامَةً : صَارَ وَثِيقاً أَي : مُحْكماً.
أَو وَثُقَ الرَّجلُ : أَخَذَ بالوَثِيقَةِ في أَمْرِه ، أَي : بالثِّقَةِ ، نقله الجَوهريُّ كَتَوَثَّقَ في أَمْرِه ، نَقَلَه ابنُ سِيدَه.
وقالَ شَمِرٌ : أَرضٌ وَثِيقَةٌ أَي : كَثِيرةُ العُشْبِ مَوْثُوقٌ بها ، وهي مِثْلُ الوَثِيجَة (٣) ، وهي دُونَها.
والمِيثاقُ ، والمَوْثِقُ ، كمَجْلِس : العَهْدُ صارت الوَاوُ ياءً لانْكِسارِ ما قَبْلَها. قالَ الله تَعالَى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) (٤) أَي : أَخَذَ العَهْدَ عليهم بأَنْ يُؤمِنوا بمُحمَّدٍ صلىاللهعليهوسلم ، وأَخْذُ العَهْدِ بمَعْنَى الاستِحْلافِ. وقَولُه تَعالى : (حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) (٥) أَي : مِيثاقاً ج : مَواثِيقُ على الأَصل ومَياثِيقُ على اللَّفْظِ ومياثِقُ في ضَرُورَة الشِّعر.
وأَنْشَدَ الفَرّاءُ لعِياضِ بنِ دُرَّةَ الطّائِيّ :
حِمىً لا يُحَلُّ الدَّهْرَ إِلَّا بإِذْنِنَا |
|
ولا نَسْأَلُ الأَقوامَ عَقْدَ المَياثِقِ |
وفي المُحْكَم : والجَمْع المَواثِق ، ومَيَاثِق ، مُعاقَبَة. وأَمّا ابنُ جِنِّي فقال : لَزِمَ البَدَلُ في مَيَاثِق ، كما لَزِم في عِيد وأَعْيادٍ.
والوَثاقُ بالفَتْح ويُكْسَرُ : ما يُشَدُّ به كالحَبْلِ وغَيْره. ومنه قَولُه تَعالَى : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) (٦) قال شَيخُنا : وهو ظاهِرٌ في أَنّه اسمٌ لا مَصْدرٌ ، وفي الغَايةِ : الظاهِرُ أَنَّ ما يُوثَقُ به بالكَسْر ؛ لأَنه مَعْروف في الآلاتِ كالرِّكاب والحِزامِ وهو اسمُ آلةٍ على خِلافِ القِياس ، نادِرٌ. وأَمَّا بالفَتْحِ فمَصْدرٌ ، كالخَلاصِ. قال شَيخُنا : هذه التَّفْرقة تَحْتاجُ إِلى نَظَرٍ ، فتأَملْ.
قُلتُ : الصَّحِيح أَن الوَثاق اسمُ الإِيثاق ، تقولُ : أَوْثَقْتُه إِيثاقاً ووَثاقاً ، والحَبْلُ أَو الشّيءُ الذي يُوثَقُ به وِثاق ، والجَمْع الوُثُق ، كرِباطٍ ورُبُطٍ.
وأَوْثَقَه فيه أَي : شَدَّه ، وَوَثَّقَه تَوْثِيقاً فهو مُوَثَّقٌ : أَحْكَمَه وإِنه لمُوثَّق الخَلْقِ ، أَي : مُحْكَمُه.
ووَثَّق فلاناً : قال فيهِ إِنَّه ثِقَةٌ أَي : مُؤتَمَنٌ.
واسْتَوْثَقَ منه : أَخَذَ منه الوَثِيقَة كما في الصِّحاح. وقال غَيرُه : أَخَذ فيه بالوَثاقَةِ. قال الكُمَيْتُ يَمْدَحُ مَخْلَد بنَ يَزِيد بنِ المُهَلَّب :
وخَلائِق مِنْه إِليَّ جَميلَة |
|
حَسْبِي ، ونِعْم وَثِيقَةُ المُسْتَوْثِقِ |
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
رَجُلٌ ثِقَة ، وكذلك الاثْنان ، والجَمِيعُ ، ويُجْمَعُ على ثِقاتٍ ، يَسْتَوِي فيهِ المُذَكَّر والمُؤَنَّث.
وأَنا واثِقٌ به : وهو مَوْثُوقٌ به ، وهي مَوْثُوقٌ بهِا ، وهم مَوْثُوقٌ بهم. فأَما قَولُه :
__________________
(١) سورة الشورى الآية ٣٤.
(٢) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : ذنبه.
(٣) في التهذيب : الوثيخة ، وكلاهما صحيح.
(٤) سورة آل عمران الآية ٨١.
(٥) سورة يوسف الآية ٦٦.
(٦) سورة محمد الآية ٤.