والتَّبْعِيقُ : التَّشْقِيقُ وقد بَعَّقَ زِقَّ الخَمْرِ تَبْعِيقاً ، أَيْ : شَقَّقَها ، نَقَلَه الجَوْهِرِيُّ.
والانبِعاقُ : أَنْ يَنْبَعِقَ عليك الشيءُ فَجْأَةً من حَيْثُ لا تَحْسِبُه وأَنْتَ لا تَشْعُرُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ :
بَيْنَما المَرءُ آمِنٌ راعَهُ را |
|
ئِعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه انْبِعاقَهْ(١) |
وانْبَعَقَ المُزْنُ : انْبَعَجَ بالمَطَرِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجازٌ ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ : وذلِكَ إِذا انْفَتَح بشِدَّةٍ ، قال رُؤْبَةُ :
يَرِدْنَ تَحْتَ الأَثْلِ سَيّاحَ الدَّسَقْ |
|
أَخْضَرَ كالبُرْدِ غَزِيرَ المُنْبَعَقْ |
وانْبَعَقَ في الكَلامِ : إِذا انْدَفَعَ فيه ، ومنه الحَدِيثُ : «أَنّه تَكَلَّمَ لَدَيْهِ رَجُلٌ فقالَ له : كَمْ دُونَ لِسانِكَ من حِجابٍ؟ قال : شَفَتاي وأَسْنانِي ، فقال : إِنَّ اللهَ يَكْرَهُ الانْبِعاقَ (٢) في الكَلامِ ، فرَحِمَ اللهُ امْرَأً أَوْجَزَ في كلامِه» أَي : التَّوَسُّعَ فيه ، والتَّكَثُّرَ منه ، ورُوِيَ عن عُمَرَ ـ رضياللهعنه ـ : «الانْبِعاقُ فيما لا يَنْبَغِي من شَقاشِقِ الشَّيْطانِ».
كتَبَعَّقَ ومنه قَوْلُ رُؤْبَةَ يَمْدَحُ مَرْوانَ بنَ محمَّدِ بنِ مَرْوانَ بنِ الحَكَم :
وَجُودُ مَرْوانَ (٣) إِذا تَدَفَّقا |
|
جُودٌ كجُودِ الغَيْثِ إِذْ تَبَعَّقَا |
وابْتَعَقَ مثلُه ، وهو عَلَى افْتَعل ، نَقَلَهُ الصّاغانِيُّ.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
الباعِقُ : المُؤَذِّنُ ، قالَ :
تَيَمَّمْتُ بالكِدْيَوْنِ كي لا يَفُوتَنِي |
|
من المُقْلَةِ البيضاءِ تَقْرِيظُ (٤) باعِقِ |
يَعْنِي تَرْجِيعَ المُؤَذِّنِ ، قالَ الأَزْهَرِيُّ : ويُرْوى : «ناعِق» بالنُّون ، من نعَقَ الرّاعِي بغَنَمِهِ ، ولعلَّهُما لُغتانِ.
وأَرضٌ مَبْعُوقَةٌ : أَصابَها البُعاقُ ، كذا في نوادِرِ العَرَبِ. ومَبْعَقُ المَفازَةِ : مُتَّسَعُها ، عن ابنِ فارِسٍ والزِّمَخْشَرِيِّ.
وانْبَعَقَ فلانٌ بالجُودِ والكَرَمِ ، وهو مَجازٌ.
وسَحابٌ بُعاقٌ : يتَصَبَّبُ بشِدَّة.
والبَعْقُ : الشَّقُّ ، كالبَعْجِ.
* ومما يستدرك عليه :
[بعنق] : البُعْنُوق (٥) ، بالضمِّ ، اسمُ موضعٍ ، كما في اللِّسان ، وأَهملَه الجَماعَةُ.
قلتُ : والبَعانِيقُ : وادٍ بينَ البَصْرَةِ واليَمَامةِ.
[بقق] : البَقَّةُ : البَعُوضَةُ وقِيلَ : العَظِيمَةُ منها ، والجَمْعُ : البَقُّ وهي ، دُوَيْبَّةٌ مُفَرْطَحَةٌ مثلُ القَمْلَةِ حَمْراءُ مُنْتِنَة الرِّيح ، تكونُ في السُّرُرِ ، وفي الجُدُرِ ، وهي الَّتِي يُقالُ لَها : بَناتُ الحَصِيرِ ، إِذا قَتَلْتَها شَمِمْت لها رائحةَ اللَّوْزِ المُرِّ ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعبدِ الرَّحْمن بنِ الحَكَمِ (٦) :
أَلا إِنّما قَيْسُ بنُ عَيْلانَ بَقَّةٌ |
|
إِذا وَجَدَتْ رِيحَ العَصِيرِ تَغَنَّتِ |
وأَنْشَدَ أَيضاً لبعضِ الأعْرابِ يَهْجُو قوماً قَصَّرُوا في ضِيافَتِه :
يا حاضِرِي الماءَ لا مَعْرُوفَ عِندَكُمُ |
|
لكن أَذاكُمْ عَلَيْنا رائِحٌ غادِي |
بِتْنَا عُذُوباً ، وباتَ البَقُّ يَلْسُبُنا |
|
نَشْوِي القَراحَ كأَنْ لا حَيَّ بالوادِي |
إِنِّي لمِثْلِكُمُ في مِثْلِ فِعْلِكُمُ |
|
إِنْ جِئْتُكُم أَبداً إِلَّا مَعِي زادِي |
ومعنى «نَشْوِي القَراحَ» أَي : نُسَخِّنُ الماءَ البارِدَ بالنّارِ ؛ لأَنَّ البارِدَ مُضِرٌّ عَلَى الجُوعِ.
وبَقَّةُ : ة ، قُرْبَ (٧) الحِيرَةِ ، أَو قُرْبَ هِيتَ بالعِراقِ ، كانَ بِهِ جَذِيمَةُ الأَبْرَشُ ، قِيل : إِنّه على شاطىءِ الفُراتِ ، قال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ :
__________________
(١) اللسان برواية : «آمناً» وفي مادة «بين» آمنٌ بالرفع كالأصل ونسبه فيها لأبي داود.
(٢) في النهاية : «التبعُّق» قال : ويروى : الانبعاق.
(٣) في الديوان : «هارون» وصوب الصاغاني في رواية «مروان».
(٤) عن اللسان وبالأصل «تفريط».
(٥) في اللسان «البغنوق» بالغين المعجمة.
(٦) وقيل لزفر بن الحارث.
(٧) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : بصعيدِ مصر.