في المُحِيط ، قالَهُ مالكُ بنُ عَمْروِ بن مُحَلِّم ، حينَ شامَ ليثٌ أَخوه الغَيثَ (١) فهَمّ بانْتِجاعِه ، فقالَ مالك : لا تَفْعَلْ ، فإِنّي أَخْشَى عليكَ بعضَ مَقانِبِ العَرَب ، فعَصاه ، وسار بأَهْلِه ، فلم يَلْبَثْ يَسِيراً حتى جاءَ وقد أُخِذَ أَهْلُه. ويُشَدَّد أَي : الأَخِيرة ، وهذه عن ابنِ عَبَّاد ، ونَقَله صاحبُ اللِّسانِ أَيضاً.
أَو رَجُلٌ فَرِقٌ ، كَكَتِف ، ونَدُسٍ ، وصَبُورٍ ، ومَلُولَة ، وفَرُّوج ، وفَارُوق ، وفَارُوقَة : فَزِعٌ شَدِيدُ الفَزَع ، الهاءُ في كلِّ ذلِك ليست لتأْنِيثِ المَوْصوفِ بما هي فيه ، إِنَّما هي إِشْعارٌ بما أُرِيدَ من تأْنِيثِ الغَايَةِ والمُبَالَغَة.
أَو رَجُلٌ فَرُقٌ ، كَنَدُس : إِذا كَانَ الفَرَقُ منه جِبِلَّةً وطَبْعاً.
ورَجُلٌ فَرِقٌ ، كَكَتِف : إِذا فَزِعَ من الشَّيْءِ. وقالَ ابنُ بَرِّيّ : شاهِدُ رَجُلٍ فَرُوقةٍ للكَثِير الفزَع قولُ الشاعِر :
بَعَثْتَ غُلاماً من قُرَيْشٍ فَرُوقةً |
|
وتَترُك ذَا الرأَيِ الأَصِيلِ المُهَلَّبا |
قالَ وشاهدُ امرأَة فَرُوق قولُ حُمَيْدِ بنِ ثَوْر :
رأَتْنِي مُجَلِّيها فصَدَّتْ مَخافَةً |
|
وفي الخيلِ رَوعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ(٢) |
والمَفْرِقُ كمَقْعَد ومَجْلِس : وَسَطُ الرَّأْسِ ، وهو الذي يُفْرَقُ فيه الشَّعَر. يُقال : الشَّيْبُ في مَفرَقهِ وفَرْقه. ورأَيتُ وَبِيصَ المِسْكِ في مَفارِقِهم.
والمَفْرَقُ من الطَّرِيقِ : المَوْضِعُ الذي يَتَشَعَّبُ منه طَرِيقٌ آخرَ يُرْوَى أَيضاً بالوَجْهَين بفَتْحِ الرّاءِ وبكَسْرِها ج : مَفارِقُ. وقَولُهُم للمَفْرِق مَفارِق كأَنَّهم جَعَلُوا كُلَّ مَوْضِعٍ منه مَفْرِقاً فجَمَعُوه على ذلك. ومِنْ ذلِك حَدِيثُ عائِشَةَ رضياللهعنها : «كأَنِّي أَنْظُر إِلى وَبِيصِ الطِّيبِ في مَفارِقِ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم وهو مُحرِمٌ». وقال كعبُ بنُ زُهَيرٍ ـ رضياللهعنه ـ :
يَقَى شَعَرَ الرّأْسِ القَدِيمَ خَوالِقُهْ (٣) |
|
ولاح شَيْبٍ في السَّوادِ مَفارِقُهْ |
ومن المَجازِ قولهم : وَقَّفْتُه على مَفارِقِ الحَدِيثِ أَي على وُجُوهِه الواضحة.
وفَرَق له الطَّرِيقُ فُروقاً بالضَّمِّ ، أَي : اتَّجَه له طَرِيقان كذا في العُبابِ والصّحاح واللّسان ، أَو اتَّجَه له أَمْر فَعَرَفَ وَجْهَه. ومنه حديثُ ابنِ عبّاسٍ : «فَرَقَ لي رَأْيٌ» أَي بَدَا وظَهَر.
وفَرَقت النَّاقَةُ ، أَو الأَتانُ تَفرُق فُروقاً بالضمِّ : أَخذَها المَخاضُ ، فنَدَّتْ أَي ذَهَبَت نادَّةً في الأَرْضِ ، فَهِي فارِقٌ كما في الصّحاحِ ، وفارِقَةٌ أَيضاً كما في المُفْردات.
وقِيلَ : الفارِقُ من الإِبل : التي تُفارِق إِلْفَها فتنتج وَحْدَها. وأَنشدَ الأَصْمَعِيُّ لعُمارةَ بنِ طارِقٍ ، كما في الصِّحاح. وكذا أَنشدَه الرِّيَاشيُّ له ، وقال الزِّيادِيُّ هو عُمارةُ بنُ أَرْطاةَ :
اعْجَلْ بغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارِقِ |
|
ومَنْجَنُونٍ كالأَتانِ الفارِقِ |
من أَثْلِ ذاتِ العَرْضِ والمَضايِقِ
وقال ابنُ الأَعرابيِّ : الفارِقُ من الإِبِلِ : التي تَشْتَدُّ ثم تُلْقِي وَلَدَها من شِدَّةِ ما يَمرُّ بها من الوَجَعِ.
ج : فوارقُ ، وفُرَّق كَرُكَّع ، وفُرُق ، مِثْل : كُتُب ، وتُشَبَّه بهذِه ونَصّ الجَوْهَري : ورُبَّما شَبَّهوا السَّحابَة المُنْفَرِدَة عن السَّحَابِ بهذه النّاقة ، فيقال : فارِقٌ. وأَنشَدَ الصّاغانِيُّ لِذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ غَزالاً :
أَو مُزْنةٌ فارِقٌ يَجْلُو غوارِبَها |
|
تَبَوُّجُ البَرْقِ والظلماءُ عُلجُومُ |
والجَمْع كالجَمْعِ. وقالَ غيرُه : الفارِقُ : هي السَّحابةُ المُنْفَردة لا تُخْلِفُ وربّما كان قَبْلها رَعْدٌ وبَرْقٌ. وقال ابنُ سِيدَه : سحابَةٌ فارِقٌ : منقطعة من مُعظَمِ السَّحاب ، تُشبَّهُ بالفارِقِ من الإِبِل. قال عبدُ بَنِي الحَسْحاس يَصِف سَحاباً :
له فُرَّقٌ منه يُنَتَّجْنَ حَوْلَه |
|
يُفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِماثِ السَّوابِيَا (٤) |
قال الجَوْهَرِيّ : فجَعَل له سَوابِيَ كسَوَابِي الإِبِلِ اتِّساعاً في الكَلام.
__________________
(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «المغيث».
(٢) ديوانه ص ٣٥ باختلاف الرواية.
(٣) في الديوان : نفى شعر الرأس القديم حوالقه.
(٤) ديوانه ص ٣٣ برواية : له فُرَّقٌ جونٌ ينتجن.