واستَغْرَقَ : استَوْعَب ومنه قول النَّحْوِيِّين : لا : لاسْتِغْراقِ الجِنْسِ ، وهو مَجازٌ.
واستَغْرَقَ في الضَّحِكِ مثل استَغْرَبَ وهو مجاز.
ومن المجازِ : اغْتَرَقَ الفَرسُ الخَيْلَ إِذا خالَطَها ثم سَبَقَها قاله اللَّيْثُ. وقال أَبو عُبيدةَ : يُقال للفَرَسِ إِذا سَبَق الخَيلَ : قد اغْتَرَقَ حَلْبَة الخَيْلِ المُتقدِّمة. وفي حَدِيثِ ابنِ الأَكْوع : «وأَنَا على رِجْلِي فَأَغْتَرِقُها حتى آخُذَ بخِطامِ الجَمَلِ» ويُرْوَى أَيضاً بالعَيْنِ المُهمَلة ، وقد تَقدَّم.
واغتَرَقَت النَّفْسُ : استَوْعَبَت في الزَّفِيرِ هكذا في النُّسَخِ ، وهو خَطَأٌ ، والصوابُ : اغْتَرَق النَّفَسَ ، مُحَرَّكةً : اسْتَوْعَبَ في الزَّفِيرِ. وإِنَّما قُلْنا : إِنَّه أَرادَ النَّفْسَ بالتَّسْكِينِ لأَنَّه أَنَّث الضمِيرَ ، فلو أَرادَ التّحرِيكَ لذَكَّره ، فتأَمَّلْ.
ومن المَجازِ : اغْتَرَقَ البَعِيرُ التَّصْدِيرَ أَو البِطانَ : إِذا أَجْفَرَ جَنْباه وضَخُم بَطْنُه فاستَوْعَبَ الحِزامَ حتّى ضَاقَ عنه ، كاسْتَغْرَقَه ، نقله الصاغانِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ. وفي اللِّسانِ : حتى ضاقَ عَنْهُما (١) ، أَي : عن الجَنْبَين.
ومن المَجازِ : فُلانَةُ تَغْتَرِقُ نَظَرَهُم ، أَي : تَشْغَلُهم بالنَّظَرِ إِليها عن النَّظَرِ إِلى غَيْرِها ؛ لِحُسْنِها. ومنه قول قَيْسِ بنِ الخَطِيمِ :
تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وهْي لاهِيَةٌ |
|
كأَنَّما شَفَّ وَجْهَهَا نُزْفُ |
ورواه ابن دُرَيد بالعَيْن المهملة ذاهِباً إِلى أَنَّها تَسْبِقُ العَيْن ، فلا يُقْدَر على استِيفاءِ مَحاسِنِها ، ونُسِب في ذلك إِلى التَّصْحِيف ، فقالَ فيه المُفجَّع البَصْرِي :
أَلَسْتَ قِدْما جَعَلْت «تعْتَرِقُ ال |
|
طَّرْفَ» بجَهْلٍ مكانَ «تغْتَرِقُ» |
وقُلتَ : «كان الخِباءُ من أَدَمٍ» |
|
وهْوَ خِباءٌ يُهْدَى ويُصْطَدَقُ |
والطَّرْفُ : هنا النَّظرُ لا العَيْنُ. يُقال : طَرَف يَطرِف طَرْفاً : إِذا نَظَر. أَرادَ أَنها تَسْتَمِيلُ نَظَر النُّظَّارِ (٢) إِليها بحُسْنِها ، وهي غَيْرُ مُحتَفِلَةٍ ولا عامِدَة لذلِك ، ولكِنَّها لاهيةٌ ، وإِنما يَفْعلُ ذلِك حسنُها. وقولُه : كأَنّما شَفَّ وَجْهَها نُزْفٌ ، أَي : أَنّها رَقِيقَةُ المَحاسِن ، وكأَنَّ دَمَها ودَم وَجْهِها نُزِفَ ، والمَرأَةُ أَحْسَنُ ما تكون غِبَّ نِفاسِها ؛ لأَنَّه ذَهَب تَهيُّجُ الدَّمِ.
واغْرَوْرَقَت عيْناه بالدُّمُوع : امتَلأَتا ولم تَفِيضَا ، نَقَلَه الأَزْهرِيُّ عن ابْنِ السِّكِّيت. وقالَ غيرُه : دَمَعَتا كأَنَّها غَرِقت في دمْعِها ، وهو افعوْعلَت من الغَرَق.
وغَارِيقُون أَو أَغارِيقُون ، بالأَلف : لفظةٌ يونانيةٌ أَصلُ نَباتٍ ، أَو شَيْءٌ يتكَوَّنُ في الأَشْجارِ المُسوَّسَةِ ، تِرْياقٌ لِلِسُّمُومِ مُفَتِّحٌ مُسْهِلٌ للخِلْطِ الكَدِر كُلّها ، مُفَرِّحٌ للقَلْب صالِحٌ للنَّسا والمفاصِلِ. ومن خَواصِّه أَنّ من عُلِّقَ عليه لا يَلْسَعُه عقْربٌ.
والتَّرْكِيبُ يدلُّ على انْتِهاءِ شيءٍ يَبلُغُ أَقْصاه. وقد شَذَّ عن هذا التركيبِ الغُرْقَةُ من اللّبن.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
الغَرَقُ : الرُّسوبُ في الماءِ ، وقد غَرِق كفَرِح.
ورجلٌ غَرِقٌ ، ككَتِف ، وغَرِيقٌ : رَكِبهُ الدَّيْنُ ، وغَمرتْه البلايا ، وهو مَجازٌ ، والمُغرَقُ : الذي قد أَغْرقَه قَومٌ ، فطَرَدُوه ، وهو هارِبٌ عَجْلان ، وهو مجاز.
وأَغْرقَه النَّاسُ : كَثُروا عليه فَغَلَبُوه ، وأَغْرقَتْه السِّباعُ كذلِك ، عن ابنِ الأَعرابي.
وأَغرقَ في القَولِ ، وغيره : جاوز الحدَّ ، وبالغ ، وأَطْنَب ، وهو مجازٌ ، وأَصْلُه من إِغْراقِ السّهْمِ.
وقَولُ لَبِيد ـ رضياللهعنه : ـ
يُغْرِقُ الثَّعْلَبَ في شِرَّتِه |
|
صائِبُ الجِذْمةِ في غَيْرِ فَشَلْ (٣) |
فيه قَولان : أَحدُهما : أَنّه يعْنِي الفَرس يسبِقُ الثَّعْلبَ بحُضْرِه في شِرَّتِه ، أَي : نَشاطِه ، فيُخَلِّفُه وذلِك إِغراقُه.
والثانِي : أَنّ الثَّعلَب هُنا ثَعْلبُ الرُّمْحِ ، فأَراد أَنَّه يَطْعُنُ به حتّى يُغيِّبَه في المَطْعون ؛ لِشِدَّة حُضْرِه.
__________________
(١) في التهذيب واللسان : «ضاق عنها».
(٢) في التهذيب : الناظرين.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٤٤ وعنه «الجذمة» وبالأصل «الخدبة» ويروى : يمكن الثعلب إنَّ ثورته.