وقالَ اللَّيْثُ : الصَّعافِقَةُ : القومُ يَشْهَدُونَ السُّوقَ لِلتِّجارةِ بلا رَأْسِ مالٍ عِنْدَهُم ، ولا نَقْدَ عندَهم ، فإِذا اشْتَرَى التُّجَّار شَيئاً دَخَلُوا مَعَهُم فيه. ومنه حَدِيثُ الشَّعْبِيِّ : «ما جاءَكَ عن أَصْحاب مُحَمَّدٍ فخُذْه ، ودَعْ ما يَقُولُ هؤلاءِ الصَّعافِقَةُ». أَرادَ أَنَّ هؤُلاءِ ليس عِنْدَهم فِقْهٌ ولا عِلْمٌ بمنزلةِ أُولئك التُّجارِ الذين لَيْسَ لهم رُؤُوسُ أَموال.
الواحِدُ صَعْفَقِيٌّ ، وصَعْفَقٌ ، وصَعْفُوقٌ ، بالفَتْح ، واقتَصَر الجَوهريُّ على الأَولَيْنِ وج : صَعافِيق أَيضاً. قال أَبو النَّجْم :
يوم قَدَرْنا والعَزِيزُ مَنْ قَدَرْ |
|
وآبت الخيلُ وقضَّيْنَ الوَطَرْ |
من الصَّعافِيقِ وأَدْرَكْنا المِئَرْ
أَرادَ بالصَّعافِيق أَنَّهم ضُعَفاءُ ، ليست لهم شَجَاعةٌ ولا سِلاحٌ ولا قُوَّةٌ على قِتالِنا.
* ومما يُسْتدركُ عليه :
الصَّعْفَقَةُ : ضَآلة الجِسْمِ.
والصَّعَافِقَةُ : الرُّذَالَةُ من النَّاس.
وبِشْرُ بنُ صَعْفُوق بنِ عَمْرِو بن زُرَارَةَ التَّمِيميّ : له وِفادَة ، ومن ذُرِّيَّته مصار بن السَّرِيّ بن يَحْيى بن بَشِير ، وقد ذَكَره في الرَّاءِ.
[صعق] : الصَّاعِقَةُ : المَوْتُ قاله مُقاتِل وقَتادَةُ في تَفْسِير قولِه : أَصابَتْهُ صاعِقَة وقال أَبو إِسْحاقَ في قوله تَعالَى : (فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (١) أَي : ما يَصْعَقُون منه ، أَي : يَمُوتُون. وفي هذه الآية ذَكَر البَعْثَ بعدَ مَوْتٍ وَقَعَ في الدُّنْيا.
وقالَ آخَرُون : كُلُّ عَذابٍ مُهْلِكٍ وفِيها ثلاثُ لُغَاتٍ : صاعِقَةٌ ، وصَعْقَةٌ ، وصَاقِعَةٌ.
وقِيلَ : الصَّاعِقَةُ : صَيْحَة العَذَاب.
وقِيلَ : هو الصَّوتُ الشَّدِيدُ من الرَّعْدَةِ يَسْقُط معها قِطْعةُ نارٍ ، ويُقالُ إِنّها المِخْراقُ الَّذِي بِيَدِ المَلَكِ سائِق السَّحَابِ ، ولا يَأْتِي عَلَى (٢) شَيْءٍ إِلَّا أَحْرَقهُ. ويُقالُ : هي النَّارُ التي يُرْسِلُها اللهُ مع الرَّعْدِ الشَّدِيدِ ، أَو نَارٌ تَسْقُط من السَّماءِ لَها رَعْدٌ شَدِيدٌ ، قاله أَبو زَيْدٍ. والجَمْعُ : صَواعِقُ ، قال عَزَّ وجَلَّ : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ ، فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) (٣) يعنِي أَصواتَ الرَّعدِ ، ويُقالُ لها : الصَّواقِعُ أَيضاً. وقال لَبِيدٌ رضياللهعنه يَرْثِي أَخاه أَرْبَدَ ، وكان أَصابَتْه صاعِقَةٌ فقَتَلَتْه :
فَجَّعَنِي الرَّعْدُ والصَّواعِقُ بِالْ |
|
فَارسِ يومَ الكَرِيهَةِ النَّجِدِ (٤) |
وعن ابنِ عُمَرَ رضياللهعنهما ، قال : «كانَ النَّبِيُّ صلىاللهعليهوسلم إِذا سَمِع الرَّعْدَ والصَّواعِق قال : «اللهُم لا تَقْتُلْنا بغَضَبِكَ ، ولا تُهْلِكْنا بعَذَابِك».
وسُئل وَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ عن الصَّاعِقَةِ : أَشَيْء إِيهامِيٌّ ، أَم هي نارٌ ، أَم ما هِيَ؟ قال : ما أَظُنُّ أَحداً يعلَمُها إِلَّا اللهُ تَعالَى.
وقال عَمْرُو بنُ بَحْرٍ : الإِنسانُ يَكْره صَوْتَ الصاعِقَة وإِن كان على ثِقَةٍ من السَّلامَةِ من الإِحْراقِ ، قالَ : والَّذِي نُشَاهِدُ اليَوْمَ الأَمر عليه أَنَّه مَتَى قَرُبَ من الإِنسان قَتَلَه ، قال : ولعَلَّ ذلِك إِنَّما هو لأَنَّ الشيءَ إِذا اشتَدَّ صَدْمُه فَسَخَ القُوَّة ، أَو لَعَلَّ الهواءَ الذي في الإِنْسانِ والمُحِيطَ به إِنه يَحْمَى ويَسْتَحِيلُ نَاراً قد شَارَك ذلِك الصَّوتَ من النّارِ ، قالَ : وهم لا يَجِدُون الصَّوْت شَدِيداً جَيّداً إِلَّا ما خَالَطَ منه النَّار.
وصَعَقَتْهُمُ السَّماءُ ، كمَنَع صاعِقَةً وهو مَصْدَر على فَاعِلَةٍ كالرَّاغِيةِ* والثَّاغِيَةِ ، والصَّاهِلَة للإِبِلِ والشَّاء والخَيْلِ : أَصابَتْهُم بِها. وفي حَدِيثِ خُزَيْمة ـ وذَكَرَ السّحابَ ـ «فإِذا زَجَر رَعَدَتْ ، وإِذا رَعَدَتْ صَعِقَت» أَي : أَصابَتْ بِصَاعِقةٍ.
وصَعِقَ الرجلُ كسَمِعَ صَعْقاً بالفتح ، ويُحَرَّك ، وصَعْقَةً ، وتَصْعَاقاً بفَتْحِهِما ، فهو صَعِقٌ كَكَتِفٍ : إِذَا غُشِيَ عليه وذَهَبَ عَقْلُه من صَوْت يسْمَعُه ، كالهَدَّةِ الشَّديدةِ.
وقال ابنُ بَرِّيّ : الصَّعْقَةُ : الصَّوتُ الذي يَكُونُ عن الصَّاعِقَة ، وبه قرأَ الكِسائِيُّ فأَخَذَتْهُم الصَّعْقَةُ (٥) قال الرّاجزُ :
لاحَ سَحابٌ فرأَيْنا برْقَهْ
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٥٥.
(٢) في اللسان «عليه شيءٌ» والمثبت كالتكملة.
(٣) سورة الرعد الآية ١٣.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٤٩ وبهامشه : ويروى : فجعني البرق.
(*) في القاموس : «كالرَّاعية» بدل : «كالرَّاغِيةِ».
(٥) سورة النساء الآية ١٥٣.