والصَّدْقُ بالفتح : الصُّلْبُ المُسْتَوِي من الرِّماحِ والسُّيْوفِ. يُقالُ : رُمْحٌ صَدْقٌ ، وسيفٌ صَدْق ، أَي : مُسْتَوٍ.
قالَ أَبو قَيْسِ بنُ الأَسْلَتِ :
صَدْقٍ حُسامٍ وادقٍ حَدُّه |
|
ومُجْنَإِ أَسْمَرَ قَرَّاعِ |
قال ابنُ سِيدَه : وظَنّ أَبو عُبَيْدٍ الصَّدْقَ في هذا البَيْتِ الرُّمْحَ ، فَغلِط. والصَّدْقُ أَيضاً : الصُّلْب من الرِّجال.
وَرَوَى الأَزهَرِيُّ عن أَبي الهَيْثَمِ أَنّه أَنشَدَه لكَعْبٍ :
وفي الحِلم إِدْهانٌ وفي العَفْوِ دُرْسَةٌ |
|
وفي الصِّدْقِ مَنْجاةٌ من الشَّرِّ فاصْدُقِ(١) |
قال : الصِّدقُ هنا : الشَّجاعَةُ والصَّلَابة. يَقول : إِذا صَلُبْتَ وصَدَقْتَ انْهَزَم عَنكَ من تَصْدُقُه ، وإِن ضَعُفْتَ قَوِيَ عليك ، واستَمْكَن منك.
رَوَى ابنُ بَرِّيّ ، عن ابنِ دُرُسْتَوَيهِ ، قال : لَيْس الصِّدْقُ من الصَّلابةِ في شَيْءٍ ، ولكنّ أَهلَ اللُّغة أَخَذُوه من قَوْل النّابِغَة :
في حَالِك اللَّونِ صَدْقٍ غَيرِ ذِي أَوَدِ (٢)
وقالَ : وإِنَّما الصَّدْقُ الجامِعُ للأَوْصافِ المَحْمُودَة ، والرُّمحُ يُوصَف بالطُّولِ واللِّينِ والصَّلَابَةِ ، ونَحْو ذلك.
وقالَ الخليلُ : الصَّدْقُ : الكَامِل من كُلِّ شَيْءٍ يُقالُ : رجل صَدْقٌ وهِيَ صَدْقَةٌ. قال ابن دُرُسْتَوَيْهِ : وإِنَّما هذا بمَنْزِلة قَولِكَ : رجلٌ صَدْقٌ ، وامرأَة صَدْقٌ ، فالصَّدْق من الصِّدْقِ بعَيْنِه ، والمعنى أَنه يَصْدُق في وَصْفِه من صَلابَة وقُوَّةٍ وجَوْدةٍ ، قال : ولو كانَ الصَّدقُ الصُّلْبَ لقِيلَ : حَجَرٌ صَدْقٌ ، وحَدِيدٌ صَدْق ، قال : وذلِك لا يُقال.
وقَوْمٌ صَدْقُون ، ونِساءٌ صَدْقاتٌ قال رُؤْبةُ يَصِف الحُمُرَ :
مَقْذُوذَةُ الآذانِ صَدْقاتُ الحَدَقْ
أَي : نَوافِذُ الحَدَق ، وهو مَجَاز.
ومن المَجازِ : رَجُلٌ صَدْقُ اللِّقاءِ أَي : الثَّبْتُ فيه. وصَدْقُ النَّظَرِ وقد صَدَقَ اللِّقاءَ صَدْقاً ، قالَ حَسَّانُ بنُ ثابِت رضياللهعنه :
صَلَّى الإِلهُ على ابنِ عَمْرٍو إِنَّه |
|
صَدَقُ اللِّقاءِ وصَدْقُ ذلِك أَوفَقُ |
وقَومٌ صُدْقٌ ، بالضمِّ مثل : فَرسٌ وَرْد ، وأَفراسٌ وُرْدٌ ، وجَوْنٌ وجُونٌ ، وهذا قد سَبَقَ في قولِه : «وبالضَّمِّ وبضَمَّتَيْن : جمعُ صَدْقٍ» فهو تَكْرار.
ومِصْداقُ الشَّيْءِ : ما يُصَدِّقُه. ومنه الحَدِيثُ : «إِن لكُلِّ قَوْلٍ مِصْداقاً ولكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَة».
وشُجاعٌ ذُو مِصْدَقٍ ، كمِنْبَر هكذا في العُبابِ والصِّحاح (٣) ، أَي : صادِقُ الحَمْلة وفَرَسٌ ذُو مِصْدَقٍ (٤) : صادِقُ الجَرْيِ كأَنّه ذُو صِدْقٍ فيما يَعِدُك من ذلك ، نقله الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجازٌ ، وأَنشدَ لخُفافِ بنِ نُدْبَةَ :
إِذا ما اسْتَحَمَّت أَرْضُه من سَمائِه |
|
جَرَى وَهْوَ مَوْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَقِ |
يَقولُ : إِذا ابتلَّتْ حوافِرُه من عَرَق أَعالِيه جَرَى وهو مَتْروكٌ لا يُضرَبُ ولا يُزْجَرُ ، ويَصْدُقك فيما يَعِدُك البلُوغَ إِلى الغَايَة.
والصَّدَقَة ، مُحَرَّكَة : ما أَعْطَيْتَه في ذَاتِ اللهِ تَعالَى للفُقَراءِ : وفي الصّحاح : ما تَصدَّقْتَ به على الفُقَراءِ. وفي المُفْردات : الصَّدَقة : ما يُخرِجُه الإِنْسانُ من مالِه على وَجْهِ القُرْبةِ ، كالزَّكاة ، لكن الصَّدَقَة في الأَصل تُقالُ للمُتطَوَّع به ، والزَّكاة تُقال للوَاجِب ، وقيل : يُسَمَّى الواجِبُ صَدَقة إِذا تَحرَّى صاحِبُه الصِّدقَ في فِعْله. قال اللهُ عَزَّ وجل : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) (٥) وكذا قَولُه تَعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) (٦).
والصَّدُقَة ، بضَمِّ الدَّالِ. والصُّدْقَة كغُرْفَةٍ ، وصَدْمَةٍ ، وبضَمَّتَيْن ، وبفَتْحَتَيْن ، وككِتاب ، وسَحَاب سَبْع لُغَاتٍ ،
__________________
(١) لم أجده في ديوانه.
(٢) ديوان النابغة الذبياني ط بيروت ص ٣٢ وصدره فيه :
فظل يعجُمُ أعلى الروق منقبضاً
وبهامشه فسر الصدق بالصلب المستوي من الرماح.
(٣) نص الصحاح واللسان : مَصْدَق بالفتح.
(٤) ضبطت كمنبر على أنها معطوفة على ما قبلها كما يقتضيه سياق القاموس. وضبطت في الصحاح واللسان بالفتح.
(٥) سورة التوبة الآية ١٠٣.
(٦) سورة التوبة من الآية ٦٠.