إِذِ النَّاسُ ناسٌ والزَّمانُ بعِزَّةٍ |
|
وإِذْ أُمُّ عَمَّارٍ صَدِيقٌ مُساعِفُ |
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : أَخبرنا أَبو عُثْمَانَ عن التَّوَّزِي : (١) كان رُؤْبَة يَقعُد بعد صلاة الجُمُعة في أَخْبِية بني تَمِيم فيُنْشِد وتَجْتَمع الناسُ إِليه فازْدَحَمُوا يوماً فضَيَّقُوا الطريقَ فأَقبلَت عَجوزٌ معها شيءٌ تَحمِله فقال رُؤْبَةُ :
تَنحَّ للعَجُوز عن طَرِيقِها |
|
قد أَقبَلَت رائحةٌ من سُوقِها |
دَعْهَا فَما النّحوِيُّ من صَدِيقِها
أَي : من أَصدِقائها.
وقال آخرُ ـ في جَمْع المُذَكَّر ـ :
لعَمْرِي لَئن كُنْتُم على الَّلأْيِ والنَّوَى |
|
بِكُم مِثلُ ما بي إِنَّكم لصَدِيقُ |
وأَنشد أَبو زَيْد والأَصمَعِي لقَعْنَبِ ابنِ أُمِّ صَاحِبٍ :
ما بالُ قَوْمٍ صَدِيقٍ ثمَّ ليسَ لهم |
|
دِينٌ وليس لهم عَقْلٌ إِذا ائْتُمِنُوا |
وقيل : هي أَي : الأُنْثَى بهاءٍ أَيْضاً نَقلَه الجوهَرِيُّ أَيضاً.
قال شَيْخُنا : وكَونُها بالهاءِ هو القِياسُ ، وامْرأَةٌ صَدِيقٌ شَاذٌّ ، كما في الهَمْع ، وشَرْحِ الكافِية ، والتَّسْهِيل ، لأَنه فَعِيلٌ بمعنى فَاعِل ، وقد حَكَى الرَّضِي ـ في شَرْح الشَّافية ـ أَنَّه جاءَ شَيْءٌ من فَعِيلٍ كَفاعِلٍ ، مُسْتَوِياً فيه الذَّكَر والأُنْثى ؛ حَمْلاً على فَعِيلٍ بمعنى مَفْعُولٍ ، كجَدِيرٍ ، وسَدِيس ، وريح خَرِيق ، ورَحمةُ الله قَرِيبٌ ، قال : ويَلزَم ذلِك في خَرِيقٍ وسَدِيسٍ ، ومِثلُه للشَّيْخِ ابِن مَالِك في مُصَنَّفَاتِه.
ثُمّ هل يُفَرَّقُ بين تَابعِ المَوْصُوفِ أَو. لا؟ مَحَلُّ نَظَرٍ ، وظَاهِرُ كلامِهم الإِطلاقُ ، إِلَّا أَنَّ الإِحَالَة على الذي بِمَعْنى مَفْعولٍ رُبَّما تَقَيَّد ، فَتدَبَّر.
ج : أَصدِقاءُ ، وصُدَقَاءُ كأَنْصِباءَ ، وكُرَماءَ وصُدْقانٌ بالضم ، وهذه عن الفَرَّاءِ جج : أَصادِقُ وهو جَمْع الجَمْع وقال ابنُ دُرَيْدٍ : وقد جَمَعُوا صَدِيقاً : أَصادِق (٢) ، على غَيْرِ قِياس ، إِلَّا أَن يَكُونَ جَمْعَ الجمعِ ، فأَمَّا جَمْعُ الوَاحِد فَلَا.
وأَنشدَ ابنُ فَارِس في المقَاييِس :
فلا زِلْن حَسْرى ظُلَّعاً إِنْ حَمَلْنيها (٣) |
|
إِلى بَلَدٍ ناءٍ قَلِيلِ الأَصَادِق |
وقال عُمَارَةُ بنُ طَارِق :
فاعْجَلْ بغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارِقِ |
|
يُبْذَل للجِيرَانِ والأَصادِقِ |
وقال [جرير :] (٤) :
وأَنكَرْتُ الأَصادِقَ والبِلادَا (٥)
ويُقالُ : هو صُدَيّقِي ، مُصَغَّراً مُشدَّداً ، أَي : أَخَصُّ أَصْدِقَائِي وإِنّما يُصَغَّرُ على جِهَة المَدْح ، كَقوْل حُبابِ بنِ المُنْذِر : «أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك ، وعُذَيْقُها المُرَجَّب».
والصَّدَاقَة : إِمْحاضُ المَحَبَّة.
وقالَ الرَّاغِبُ : الصَّدَاقَةُ : صِدْق الاعْتِقاد في المَوَدَّة ، وذلكَ مُخْتَصٌّ بالإِنْسانِ دُونَ غَيْرِه.
وقالَ شَمِر : الصَّيْدَقُ ، كصَيْقَلٍ : الأَمِينُ ، وأَنْشَدَ قولَ [أُمَيّة] (٦) بنِ أَبِي الصَّلْتِ :
فيها النُّجومُ طَلَعْنَ غَيرَ مُراحَةٍ |
|
ما قال صَيْدَقُها الأَمِينُ الأَرْشَدُ |
وقال أَبو عَمْرو : الصَّيْدَقُ : القُطْبُ.
وقال كُراع : هو النَّجْم الصَّغِير الَّلاصِقُ بالوُسْطى من بَناتِ نَعْش الكُبْرى.
وقال غيْرُه : هو المُسَمَّى بالسُّها.
وقد شُرِحَ في تركيب ق ود فراجِعْه. وقال أَبو عَمْرو : قِيلَ الصَّيْدَق المَلِك.
__________________
(١) عن الجمهرة ٢ / ٢٧٣ وبالأصل «التعزي».
(٢) انظر الجمهرة ٢ / ٢٧٣ ، إلى هنا تنتهي العبارة فيها.
(٣) مقاييس اللغة ٣ / ٣٤٠ برواية لِمْ حملنها.
(٤) زيادة عن اللسان.
(٥) ديوانه وصدره فيه :
أبت عيناك بالحسن الرقادا
(٦) زيادة عن التكملة ، وفي اللسان : قول أمية.