ضَبَّةَ ، وجَبَلٌ آخَرُ هناك ، فَتَنَّبْه لذلك (١).
ومِخْلافُ المَشْرِقِ باليَمَنِ ، وإِليهِ نُسِبَ الضَّحّاكُ بنُ شَراحِيل المَشْرِقِيُّ : تابِعِيٌّ يَرْوِي عن أَبِي سَعِيدٍ ، وعنه الزُّهْرِيُّ ، وحَبِيبُ بنُ أَبي ثابِتٍ ، قاله ابنُ حِبّان ، هكذا ضَبَطَه الدّارقُطْنِيُّ أَو صوابُه كَسْرُ المِيم وفَتْحُ الرّاءِ ، نِسْبَةً إِلى مِشْرَقٍ كمِنْبَرٍ : بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ.
قلتُ : ومن هذا البَطْنِ يَزِيدُ المِشْرَقِيُّ شَيْخٌ للشَّعْبِيِّ ، وَعَبّاسُ بنُ الوَلِيدِ المِشْرَقِيُّ ، عن عَلِيِّ بنِ المَدِينِيِّ ، ذَكَرَهُما ابنُ ماكُولَا ، وعُرَيْبُ بنُ يَزِيدَ (٢) المِشْرَقِيُّ ، رَوَى عنه عَبْدُ الجَبّارِ الشامي.
وقَوْلُه تَعالَى : لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ (٣) أَي : هذِه الشَّجَرَةُ لا تَطْلُعُ عَلَيْها الشَّمْسُ عِنْدَ (٤) شُرُوقِها فَقَطْ أَو وَقْت غُرُوبِها فقط ، ولكِنّها شَرْقِيَّةٌ غَرْبِيَّةٌ تُصِيبُها الشَّمْسُ بالغَداةِ والعَشِيِّ ، فهو أَنْضَرُ لَها ، وأَجْوَدُ لزَيْتُونِها (٥) ، وهو قَوْلُ الفَرّاءِ وغَيْرِه من أَهْلِ التَّفْسِيرِ ، قالَ الحَسَنُ : المَعْنَى أَنَّها لَيْسَت من شَجَرِ أَهْلِ الدُّنْيا ، أَي : هي من شَجَرِ أَهْلِ الجَنَّةِ ، قالَ الأَزْهَرِيُّ : والقَوْلُ الأَوَّلُ أَولَى وأَكثر.
والشَّرْقَةُ ، بالفَتْحِ كما في الصِّحاحِ والمَشْرَقَةُ مثَلَّثَةَ الرّاءِ واقْتَصَر الجوهريُّ على الضَّمِّ والفَتْحِ ، ونقل الصاغانِيُّ الكَسْرَ عن الكِسائِيِّ.
والمِشْراقُ كمِحْرابٍ ومِنْدِيلٍ ذَكَر الجَوْهَرِيُّ مِنْها أَرْبعةً ما عَدا الأَخِيرَةَ (٦) : موْضِعُ القُعُودِ في الشَّمْسِ حيثُ تَشْرُقُ عليه ، وخَصَّهُ بعضُهم بالشِّتاءِ قال :
تُرِيدِينَ الفِراقَ وأَنْتِ مِنِّي |
|
بعَيْشٍ مثلِ مَشْرُقَةِ الشّمالِ |
ويُقال : الشَّرْقَةُ بالفَتْحِ ، وبالتَّحْرِيك مَوْضِعُ الشَّمْسِ في الشِّتاءِ ، فأَمّا في الصَّيْفِ فلا شَرْقَةَ لها ، والمَشْرِقُ : مَوْقِعُها في الشِّتاءِ عَلَى الأَرْضِ بعدَ طُلُوعِها ، وشَرْقُها : دَفاؤها.
وتَشَرَّقَ : قَعَدَ فيه.
والمِشْرِيقُ كمِنْدِيلٍ ، من البابِ : الشِّقُّ الَّذِي يَقَعُ فيه ضِحُّ (٧) الشَّمْسِ عِنْدَ شُرُوقِها ، ومنه حَدِيثُ وَهْبٍ : «فيَقَع عَلَى مِشْرِيقِ بابِه» وقد ذُكِرَ في «قرقف» وفي «قندع».
وفي حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ ـ رضياللهعنهما ـ قالَ : بابٌ للتَّوْبَةِ في السَّماءِ يُقالُ له : المِشْرِيقُ وقَدْ رُدَّ حَتّى ما بَقِيَ إِلّا شَرْقُه أَي : ضَوْءُه الدّاخِلُ من شِقِّ البابِ ، قالَهُ أَبو العَبّاسِ.
والشّارِقُ : الشَّمْسُ حِينَ تَشْرُقُ يُقال : آتِيكَ كُلَّ شارِقٍ ، أَي : كُلَّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشَّمْسُ ، وقِيلَ الشّارِقُ : قَرْنُ الشَّمْسِ ، يُقال : لا آتِيكَ ما ذَرَّ شارِقٌ كالشَّرْقَةِ بالفَتْحِ ، والشَّرِقَةِ كفَرِحَةٍ وكأَمِيرٍ ويُقالُ أَيْضاً : الشَّرَقَةُ ، محرَّكَةً.
والشارِقُ : الجانِبُ الشَّرْقِيُّ وهو الّذِي تَشْرُقُ فيه الشَّمْسُ من الأَرْضِ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ الحارِثِ بنِ حِلِّزَةَ :
إِنّه شارِقُ الشَّقِيقَةِ إِذْ جا |
|
ءَتْ مَعَدٌّ لكُلِّ حَيٍّ لِواءُ (٨) |
قال المُنْذِرِيُّ ، عن أَبِي الهَيْثَمِ : قَوْلُه : «شارِقُ الشَّقِيقَةِ» أَي : مِنْ جانِبِها الشَّرْقِيِّ الذي يَلِي المَشْرِقَ ، فقالَ : شارِق ، والشَّمْسُ تَشْرُقُ فيهِ هذا مَفْعُولٌ ، فجَعَله فاعِلاً ، ويُقال لِما يَلِي المَشْرِقَ من الأَكَمَةِ والجَبَلِ : هذا شارِقُ الجَبَلِ ، وشَرْقِيُّهُ ، وهذا غارِبُ الجَبَلِ ، وغَرْبِيُّه ، وقالَ العَجّاجُ :
والفَنَنُ الشّارِقُ والغَرْبِيُّ (٩)
وإِنّما جازَ أَنْ يَفْعَلَه شارِقاً لأَنَّه جَعَلَه ذا شَرْقٍ ، كما يُقال : سِرٌ كاتِمٌ : ذو كِتْمانٍ ، وماءٌ دافِقٌ : ذُو دَفْقٍ (١٠).
ج : شُرْقٌ كقُفْلٍ مِثل بازِل وبُزْلٍ ، ومنه حَدِيثُ : أَتَتْكُم
__________________
(١) انظر معجم البلدان «المشرق».
(٢) في اللباب «يزيد».
(٣) سورة النور الآية ٣٥.
(٤) في التهذيب : في وقت شروقها. وهو قول أبي إسحاق.
(٥) في التهذيب : لزيتونها وزيتها.
(٦) الذي في الصحاح : «مشرُقة ومشرَقة بضم الراء وفتحها ، وشَرْقة بفتح الشين وتسكين الراء ومِشْرَاق» فهذه أربع لغات.
(٧) في التهذيب «ضوء» والمثبت كاللسان.
(٨) في شرح المعلقات العشر برواية :
آية شارق ... |
|
جاؤوا جميعاً لكل حي لواء |
وفي التهذيب برواية : لكل قوم.
(٩) قوله والفنن ، قال في التهذيب : أراد الفنن الذي يلي المشرق وهو الشرقي.
(١٠) هذا قول الأزهري ، كما في التهذيب.