فتَبَّعْتُهُمْ عَيْنَيَّ حَتَّى تَفَرَّقَتْ |
|
مَعَ اللَّيْلِ عَنْ ساقِ الفَرِيدِ الحَمائِلُ (١) |
والسّاقَةُ : حِصْنٌ باليَمَنِ من حُصُونِ أَبْيَنَ.
وساقُ الجِواءِ : ع آخر.
وساقَةُ الجَيْشِ : مُؤَخَّرُه نَقَلهُ الجَوْهَرِيُّ ، وهو مَجازٌ ، ومنه الحَدِيث : «طُوبَى لعَبْدٍ آخِذٍ بعِنانِ فَرَسِه في سَبِيلِ اللهِ أَشْعَثَ رَأْسُه ، مُغْبَرَّةٍ (٢) قَدَماهُ ، إِنْ كانَ في الحِراسَةِ كانَ في الحِراسَةِ ، وإِنْ كانَ في السّاقَةِ كانَ في السّاقَةِ ، إِن اسْتَأْذَنَ لم يُؤذَنْ له ، وإِن شَفَع لَمْ يُشَفَّعْ».
والسّاقَةُ : جمعُ سائِقٍ ، وهُم الَّذِينَ يَسُوقُونَ الجَيْشَ الغُزاةَ ، ويكونُونَ من ورائِهم ، يَحْفَظُونَه ، ومنه ساقَةُ الحاجِّ.
وساقَ الماشِيَةَ سَوْقاً وسِياقَةً بالكَسْرِ ومَساقاً وسَيَاقاً كسَحابٍ ، واسْتاقَها وأَساقَها فانْساقَتْ فهو سائِقٌ وسَوّاقٌ كشَدّادٍ ، شُدِّدَ للمُبالَغَةِ ، قال أَبو زُغْبَةَ الخارِجيُّ ، وقِيلَ للحُطَمِ القَيْسِيِّ :
قد لَفَّها اللَّيْلُ بسَوّاقٍ حُطَمْ |
|
لَيْسَ براعِي إِبِلٍ ولا غَنَمْ |
وقولُه تَعالى : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣) وقولُه تَعالى : (مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) (٤) قيل : سائِقٌ يَسُوقُها إِلى المَحْشَرِ ، وشَهِيدٌ يَشْهَدُ عَلَيْها بعَمَلِها ، وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
لَوْلا قُرَيْشٌ هَلَكَتْ مَعدُّ |
|
واسْتاقَ مالَ الأَضْعَفِ الأَشَدُّ |
وفي الحَدِيثِ : «لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ من قَحْطانَ يَسُوقُ النّاسَ بعَصاهُ» ، هو كِنايَةٌ عن اسْتِقامَةِ النّاسِ وانْقِيادِهم له واتِّفاقِهِم عَلَيْه ، ولم يُرِدْ نَفْسَ العَصا ، وإِنَّما ضَرَبَهَا مَثَلاً لاسْتِيلائِه عليهِم ، وطاعَتِهِم لَهُ إِلّا أَنَّ في ذِكْرِها دَلالةً على عَسْفِه بِهِم ، وخُشُونَتِه عَلَيْهِم.
ومن المَجازِ : ساقَ المَرِيضُ يَسُوقُ سَوْقاً وسِياقاً ككِتابٍ : إِذا شَرَعَ في نَزْعِ الرُّوحِ كذا في العُبابِ ، واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ عَلَى السِّياقِ ، ويُقالُ أَيْضاً : ساقَ بنَفْسِه سِياقاً نَزَع بِها عند المَوْتِ ، وتقولُ : رَأَيْتُ فُلاناً يَسُوقُ سُوُوقاً كقُعُودٍ ، وقالَ الكِسائيُّ : هو يَسُوقُ نَفْسَه ، ويَفِيظُ نَفْسَه ، وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ : رَأَيْتُ فُلاناً بالسَّوْقِ ، أَي : بالمَوْتِ يُساقَ سَوْقاً ، وإِنّ نَفْسَه لتُسَاقُ ، وأَصْلُ السِّياقِ سِواقٌ ، قُلِبَت الواوُ ياءً لكَسْرَةِ السِّينِ.
وساقَ فُلاناً يَسُوقُه سَوْقاً : أَصابَ ساقَهُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
ومن المَجازِ : ساقَ إِلى المَرْأَة مَهْرَها وصَداقَها سِياقاً : أَرْسَلَه كأَساقَه وإِن كانَ دَراهِمَ أَو دَنانِيرَ ؛ لأَنَّ أَصْلَ الصَّداقِ عندَ العَرَبِ الإِبِلُ ، وهي الَّتِي تُساقُ ، فاسْتُعْمِلَ ذلِكَ في الدِّرْهَمِ والدِّينارِ وغَيْرِهِما ، ومِنْهُ الحَدِيثُ : «أَنَّه قالَ لعَبْدِ الرَّحْمنِ وقد تَزَوَّجَ بامْرَأَةٍ من الأَنْصارِ ما سُقْتَ إِلَيْها؟» أَي : ما أَمْهَرْتَها؟ وفي رِوايَةٍ «ما سُقْتَ مِنْها» بمَعْنَى البَدَلِ.
ونَجْمُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمانَ بنِ السائِقِ الدِّمَشْقِيُّ وأَخُوه علاءُ الدِّينِ عَلِيٌّ ، حَدَّثا ، الأَخِيرُ سَمِعَ من الرَّشِيدِ بنِ مَسْلَمَةَ.
ومن المَجازِ : السِّياقُ ككِتابٍ : المَهْرُ ، لأَنَّهُم إِذا تَزَوَّجُوا كانُوا يَسُوقُونَ الإِبِل والغَنَمَ مَهْراً ؛ لأَنَّها كانَت الغالِبَ على أَمْوالِهِم ، ثُمَّ وُضِعَ السِّياقُ موضِعَ المَهْرِ وإِن لَمْ يَكُنْ إِبِلاً وغَنَما.
والأَسْوَقُ من الرِّجالِ : الطَّوِيلُ السّاقَيْنِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : الغَلِيظُ السّاقيْنِ أَو حَسَنُهما ، وهي سَوْقاءُ حَسَنَةُ السّاقَيْنِ ، وقالَ اللَّيْثُ : امْرَأَةٌ سَوْقاءُ تارَّةُ السّاقَيْنِ ذاتُ شَعْرٍ والاسْمُ السَّوَقُ ، مُحَرَّكَةً قالَ رُؤْبةُ :
قُبٌّ مِنَ التَّعْداءِ حُقْبٌ في سَوَقْ
والسَّيِّقَةُ ، ككَيِّسَةٍ : ما اسْتاقَهُ العَدُوُّ من الدّوابِّ مثلُ الوَسِيقَةِ ، أَصْلُها سَيْوِقَةٌ ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ هي الطَّرِيدَةُ الَّتِي يَطْرُدُها من إِبِلِ الحَيِّ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشاعِرِ ، وهو نُصَيْب بن رَبَاح :
فَما أَنا إِلّا مِثْلُ سَيِّقَةِ العِدا |
|
إِن اسْتَقْدَمَتْ نَحْرٌ وإِن جَبَأَتْ عَقْرُ (٥) |
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ٢١٣ ويروى «الجمائل» وبهامشه فهو جمع جمالة.
(٢) عن المطبوعة الكويتية ، نقلاً عن البخاري ، وبالأصل «مغبر».
(٣) سورة القيامة الآية ٣٠.
(٤) سورة ق الآية ٢١.
(٥) في التهذيب : «وهل كنت إلّا» وفي اللسان : «وهل أنا إلّا».