والخُلُقُ ، بالضَّمِّ ، وبضَمَّتَيْنِ : السَّجِيَّةُ ، وهُو ما خُلِقَ عليهِ من الطَّبْع ، ومنه حَدِيثُ عائِشَةَ ـ رضياللهعنها ـ : «كانَ خُلُقُه القُرْآنَ» : أَي كانَ مُتَمَسِّكاً بهِ ، وبِآدابِهِ وأَوامِرِه ونَواهِيه ، وما يَشْتَمِلُ عليه من المَكارِمِ والمَحاسِنِ والأَلْطافِ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ : الخُلُقُ : المُرُوءَة ، والخُلُقُ : الدِّينُ وفِي التنزيل : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (١) والجَمْعُ أَخْلاقٌ ، لا يُكَسَّرُ على غَيْرِ ذلِك ، وفي الحَدِيثِ : «لَيْسَ شَيْءٌ في المِيزانِ أَثْقَلُ من حُسْنِ الخُلُقِ» ، وحَقِيقَتُه أَنَّه لصُورَةِ الإِنْسانِ الباطِنَةِ ، وهي نَفْسُه وأَوْصافُها ومَعانِيها المُخْتَصَّة بها بمَنْزِلَةِ الخَلْقِ لصُورَتهِ الظَّاهِرَةِ وأَوْصافِها ومَعانِيها ، ولهما أَوصافٌ حَسَنَةٌ وقَبِيحَةٌ ، والثَّوابُ والعقابُ يَتَعَلَّقانِ بأَوْصافِ الصُّورَةِ الباطِنَةِ أَكْثَرَ مِمّا يَتَعَلَّقانِ بأَوْصافِ الصُّورَةِ الظّاهِرَةِ ، ولهذا تَكَرَّرتِ الأَحادِيثُ في مَدْح حُسْنِ الخُلُقِ في غَيْرِ مَوْضعٍ ، كقَولِه : «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيماناً أَحْسَنُهم خُلُقاً» ، وقولِه : «إِنَّ العَبْدَ ليُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه دَرَجَةَ الصَّائِم القائِمِ» ، وقولِهِ : «بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكارِمَ الأَخْلاقِ» وكذلِكَ جاءَت في ذَمِّ سُوءِ الخُلُقِ أَيْضاً أَحادِيثُ كَثِيرَة.
والأَخْلَقُ : الأَمْلَسُ المُصْمَتُ من كُلِّ شَيْءٍ ، قالَ رُؤْبَةُ :
وَبَطَّنَتْهُ بَعْدَ ما تَشَبْرَقَا (٢) |
|
من مَزْقِ مَصْقُولِ الحَواشِي أَخْلَقَا |
وقالَ ذُو الرُّمَّةِ :
أَخَا تَنائِفَ أَغْفَى عندَ ساهِمَةٍ |
|
بأَخْلَقِ الدَّفِّ مِنْ تَصْدِيرِها جُلَبُ |
وفِي حَدِيثِ عُمَرَ ـ رضياللهعنه ـ : «لَيْسَ الفَقِيرُ الَّذِي لا مَالَ لَه ، إِنَّما الفَقِيرُ الأَخْلَقُ الكَسْبِ» ، أَرادَ أَنَّ الفَقْرَ الأَكبَرَ إِنَّما هو فَقْرُ الآخِرَةِ لمَنْ لم يُقَدِّمْ من مالِه شَيْئاً يُثابُ عليه هُنالِكَ. وفي حَدِيثٍ آخَر : «أَمّا مُعاوِيَةُ فرَجُلٌ أَخْلَقُ من المالِ».
والخِلْقَةُ ، بالكسرِ : الفِطْرَةُ التي فُطِرَ عليها الإِنْسانُ كالخَلْقِ. والخُلْقُ ، بالضمِّ : المَلاسَةُ ، والنُّعُومَةُ ، كالخلُوقَةِ والخَلاقَةِ بفَتْحِهما على مُقْتَضَى إِطْلاقِهم ، والصَّحِيحُ أَنَّ الخُلُوقَةَ بمَعْنَى المَلاسَةِ بالضَّمِّ ، مَصْدَرُ خَلُقَ كَكَرُمَ.
وقالَ أَبو سَعِيدٍ : الخَلَقَةُ بالتَّحْرِيكِ (٣) : السَّحابَةُ المُسْتَوِيَةُ المُخِيلَةُ للمَطَرِ ، وأَنْشَدَ لأَبِي دُوادٍ الإِيادِيِّ :
ما رَعَدَتْ رَعْدَةٌ ولا بَرَقَتْ |
|
لكِنّها أُنْشِئَتْ لنا خَلَقَهْ |
فالماءُ يَجْرِي ولا نِظامَ لَهُ |
|
لو يَجِدُ الماءُ مَخْرَجاً خَرَقَهْ |
وأَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ على «خَلِقَهْ» كفَرِحَة.
والخَلْقاءُ من الفَراسِنِ : الّتِي لا شَقَّ فِيها عن ابْنِ عَبّادٍ.
وفي حَدِيثِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ كُتِبَ له في امْرأَةٍ خَلْقاءَ تَزَوَّجَها رَجُلٌ ، فكَتَب إِليه : «إِنْ كانُوا عَلِمُوا بذلِكَ يَعْنِي أَولِياءَها ، فأَغْرِمْهُمْ صَداقَها لزَوْجِها».
الخَلْقاءُ هي : الرَّتْقاءُ لأَنَّها مُصْمَتَةٌ كالصَّفاةِ الخَلْقاءِ ؛ قال ابنُ سِيدَه : هو مَثَلٌ بالهَضْبَةِ الخَلْقاءِ ؛ لأَنَّها مُصْمَتَةٌ مِثْلُها.
كالخُلَّقِ ؛ كرُكَّعٍ وهذه عن ابْنِ عَبّادٍ.
والخَلْقاءُ : الصَّخْرَةُ ليسَ فِيها وَصْمٌ ، ولا كَسْرٌ قالَ ابنُ أَحْمَرَ الباهِلِيُّ :
في رَأْسِ خَلْقاءَ مِنْ عَنْقاءَ مُشْرِفَةٍ |
|
لا يُبْتَغَى دُونَها سَهْلٌ ولا جَبَلُ |
وهي بَيِّنَةُ الخَلَقِ ، مُحَرَّكَةً.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ (٤) : الخَلْقاءُ من البَعِيرِ وغَيْرِه. جَنْبُه ، ويُقالُ : ضَرَبْتُ علَى خَلْقاءِ جَنْبِه أَيضاً أَي : صَفْحَةِ جَنْبِه.
والخَلْقاءُ من الغارِ الأَعْلَى : باطِنُه وما امْلَاسَّ منه ، قالَه اللَّيْثُ.
والخَلْقاءُ من الجَبْهَةِ : مُسْتَواها وما امْلاسَّ منها.
كالخُلَيْقاءِ بالتَّصْغِير فِيهما أَي : في الغارِ والجَبْهَةِ ، وقِيلَ : هُما ما ظَهَر من الغارِ ، وقد غَلَب عليه لَفْظُ التَّصْغِيرِ.
__________________
(١) سورة القلم الآية ٤.
(٢) بالأصل : وبطنه من بعد ما تشرقا» والمثبت عن المطبوعة الكويتية ، وفي ديوانه ص ١١٠ «تحت» بدل «بعد».
(٣) ومثله في التكملة ، وفي اللسان ضبط قلم خلقة بكسر اللام. هنا وفي البيت الشاهد.
(٤) الجمهرة ٢ / ٢٤.