المَطَرِ كما في الصِّحاح ، وأَنْشَدَ قَوْلَ أَبِي دُوادٍ الآتِي فيما بعدُ.
والخَلَقُ ، مُحَرَّكَةً : البالِي يُقال : ثَوْبٌ خَلَقٌ ، ومِلْحَفَةٌ خَلَقٌ ، ودارٌ خَلَقٌ ، للمُذَكَّرِ والمُؤَنَثِ ، قالَ الجَوْهَرِيُّ : لأَنّه في الأَصْلِ مَصْدَرُ الأَخْلَقِ ، وهو الأَمْلَسُ ، وفي اللِّسان : قالَ اللِّحْيانِيُّ : قال الكِسائِيُّ : لم نَسْمَعْهُم قالُوا : خَلَقَةٌ في شَيْءٍ من الكَلام ، وجِسْمٌ خَلَقٌ ، ورِمَّةٌ خَلَقٌ ، قال لَبِيدٌ :
والنَّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقا |
|
بَعْدَ المَماتِ فإِنِّي كُنْتُ أتَّئِرُ (١) |
هكذا أنْشَدَه الصّاغانِيُّ ، قلتُ : وقد أَنْشَدَتْهُ السَّيِّدَةُ عائِشَةُ ـ رضياللهعنها ـ أَيضاً ، وفيه :
[ارْقَعْ جَدِيدَكَ] إِنّي راقِعٌ خَلَقِي |
|
ولا جَدِيدَ لِمَنْ لا يَرْقَعُ الخَلَقا (٢) |
كذا قَرَأْتُه في كتاب «لبس المُرَقَّعَةِ» لأَبي المَنْصُورِ السَّرنَجِيِّ النَّصِيبِيِّ ، شيخ أَبِي طاهِرٍ السِّلَفِيِّ ج : خُلْقانٌ بالضَّمِّ ، وأَخْلاقٌ ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ في التَّثْنِيَة لشاعِرٍ :
كأَنَّهُما والآلُ يَجْرِي عَلَيْهِما |
|
من البُعْدِ عَيْنا بُرْقُعٍ خَلَقانِ |
وقالَ الفَرّاءُ : وإِنّما قِيلَ له [خَلَقٌ] (٣) بغيرِ هاءٍ ؛ لأَنَّه كانَ يُسْتَعْمَلُ في الأَصْلِ مُضافاً ، فُيقال : أَعْطِنِي خَلَقَ جُبَّتِكَ ، وخَلَق عِمامَتِك ، ثُمَّ اسْتُعْملَ في الإِفْرادِ كَذلِكَ بغيرِ هاءٍ ، قال الزَّجّاجِيُّ في شرح رسالَةِ أَدَب الكاتِبِ : ليسَ ما قالَهُ الفَرّاءُ بشَيْءٍ ؛ لأَنّه يُقالُ له : فلِمَ وَجَبَ سقُوُطُ الهاءِ في الإِضافَةِ حَتّى حُملَ الإِفْرادُ عليها؟ أَلا تَرَى أَنَّ إِضافَةَ المُؤَنَّثِ إِلى المُؤَنَّثِ لا تُوجِبُ إِسْقاطَ العَلامَةِ منه كقولهِ ؛ مِخَدَّةُ هِنْد ، ومِسْوَرَةُ زَيْنَبَ ، وما أَشْبَهَ ذلك ، وحَكَى الكِسائِيُّ : أَصْبَحَتْ ثِيابُهُم خُلْقاناً ، وخَلَقُهُم جُدُداً ، فوضَعَ الواحِدَ في مَوْضِعِ الجَمْع الَّذِي هو خُلْقان.
ويُقالُ : مِلْحَفَةٌ خُلَيْقٌ ، كزُبَيْر صَغَّرُوه بلا هاءٍ ؛ لأَنَّ هـ صِفَةٌ ، وإِنَّ الهاءَ لا تَلْحَقُ تَصْغِيرَ الصِّفاتِ وهذا كنُصَيْفٍ في تَصْغِيرِ امْرَأَة نَصَفٍ.
وقد يُقال : ثَوْبٌ أَخْلاقٌ يَصِفُونَ به الواحِدَ : إِذا كانَت الخُلُوقَةُ فيه كُلِّه كما قالُوا : بُرْمَةٌ أَعْشارٌ ، وأَرْضٌ سَباسِبُ ، كما في الصِّحاح ، وكذا ثَوْبٌ أَكياشٌ ، وحَبْلٌ أَرْمامٌ ، وهذا النَّحْوُ كَثِيرٌ ، وكذلِك مُلاءَةٌ أَخْلاقٌ ، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ ، وفي التَّهْذِيبِ : يُقال : ثَوْبٌ أَخْلاقٌ ، يُجْمَعُ بما حَوْلَه ، وقالَ الرّاجِزُ :
جاءَ الشِّتاءُ وقَمِيصِي أَخْلاقْ |
|
شَراذِمٌ يَضْحَكُ منه التَّوّاقْ (٤) |
وقالَ الفَرّاءُ : إِنّما قِيلَ : ثَوْبٌ أَخْلاقٌ ؛ لأَنَّ الخُلُوقَةَ تَتَفَشَّى فِيه ، فتَكْثُرُ ، فيَصِيرُ كُلُّ قِطْعَةٍ منها خَلَقاً.
والخَلُوقُ ، والخِلاقُ ، كصَبُورٍ وكِتابٍ : ضَرْبٌ من الطِّيبِ يُتَّخَذُ من الزَّعْفَرانِ وغيرِه ، وتَغْلِبُ عليه الحُمْرَةُ والصُّفْرَةُ ، وإِنَّما نُهِي عَنْه لأَنَّهُ من طِيبِ النِّساءِ ، وهُنَّ أَكْثَرُ اسْتِعْمالاً له منهم ، وشاهِدُ الخَلُوقِ ما أَنْشَدَ أَبو بَكْرٍ :
قَدْ عَلِمَتْ إِنْ لَمْ أَجِدْ مُعِينَا |
|
لتَخْلِطَنَّ بالخَلُوقِ طِينَا |
يَعْنِي امْرَأَتَه ، يقولُ : إِنْ لَمْ أَجِدْ مَنْ يُعِينُنِي عَلَى سَقْيِ الإِبِلِ قامَتْ فاسْتَقَتْ مَعِي ، فوَقَعَ الطِّينُ على خَلُوقِ يَدَيْها ، فاكْتَفَى بالمُسَبَّبِ عن السَّبَبِ ، وأَنْشَدَ اللِّحْيانِيُّ :
ومُنْسَدِلاً كقُرُونِ العَرُو |
|
سِ تُوسِعُه زَنْبَقاً أَو خِلاقَا |
والخَلَاقُ كسَحاب : الحَظُّ ، والنَّصِيبُ الوافِرُ من الخَيْرِ والصَّلاحُ ، يقال : لا خَلاقَ لَهُ ، أَي : لا رَغْبَةَ لَه في الخَيْرِ ، ولا صَلاحَ في الدِّينِ ، ومنه قولُه تَعالى : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) (٥) وكَذا قولُه تَعالى : (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ) (٦) أَي : انْتَفَعُوا بهِ ، وفي حَدِيثِ أُبَيٍّ : «إِنَّما تَأْكُل مِنْهُ بخَلاقِكَ» أَي : بحَظِّكَ ونَصِيبِكَ من الدِّينِ ، قالَ له ذلك في حَقِّ إِطْعامِ من أَقْرأَهُ القُرْآنَ.
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ٥٧ برواية : «أثئرُ» يعني آخذ بالثأر.
(٢) نسبه بحواشي المطبوعة الكويتية لعدي بن زيد العبادي ، والزيادة في الصدر عن المطبوعة الكويتية.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) التواق اسم ابنه. ويروى بالنون. انظر اللسان «توق».
(٥) سورة آل عمران الآية ٧٧.
(٦) سورة التوبة الآية ٦٩.