لا ينجي إلّا عمل مع وجه الله ولو عصيت لهويت.
ثمّ نزل ودخل بيته ، وكان في بيت أمّ سلمة ، فجاءت
عائشة تسأله أن ينتقل إليها لتتولى تعليله ، فأذن لها وانتقل إلى البيت الّذي أسكنه عائشة ، فاستمرّ المرض به
أيّاماً وثقل ، فجاء بلال عند الصلاة الصّبح ، فنادى : الصّلاة ، فقال : يصلّي بالنّاس
بعضهم ، فقالت عائشة : مروا أبا بكر ، وقالت حفصة : مروا عمر ، فقال رسول الله صلّى الله
عليه وآله : اُكففن فانّكنّ كصويحبات يوسف ، ثمّ قال : وهو لا يستقل على الأرض من الضّعف ، وقد كان عنده أنّهما خرجا إلى اُسامة ، فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه
السلام والفضل فاعتمدهما ورجلاه يخطّان الأرض
من الضّعف ، فلمّا خرج إلى المسجد وجد أبا بكر قد سبق إلى المحراب ، فأومى بيده إليه ، فتأخّر أبوبكر وقام رسول الله صلّى
الله عليه وآله وكبّر وابتدأ بالصّلاة.
فلمّا سلّم وانصرف إلى بيته استدعى أبا بكر وعمر
وجماعة ممّن حضر المسجد ، قال : ألم آمركم أن تنفّذوا جيش اُسامة ؟ فقال أبوبكر : إنّي كنت خرجت ، ثمّ عدت لاحدث بك عهداً ، وقال عمر : إنّي لم أخرج لانّي لم اُحبّ أن أسأل عنك الرّكب ، فقال صلّى
الله عليه وآله : نفّذوا جيش أُسامة يكرّرها ثلاث مرّات ، ثمّ أغمي عليه من التّعب
الذي لحقه.
ثمّ أفاق وقال : ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً
لا تضلّوا بعده أبداً ، فقال عمر ، لمن قام يلتمس الدّواة والكتف : ارجع فإِنّه يهجر. فلمّا أفاق ، قال بعضهم : ألا
نأتيك يا رسول الله بدواة وكتف ؟ قال : « بعد الّذي قلتم ؟ لا. ولكن احفظوني في أهل بيتي ، وأطعموا المساكين ، وحافظوا على الصّلاة ، وما
ملكت أيمانكم » فلم يزل يردّد ذلك ، ثمّ أعرض بوجهه عن القوم ، فنهضوا وبقي عنده عليٌّ والعباس والفضل وأهل بيته
فقال العباس : يا رسول الله إن يكن هذا الأمر مستمرّاً فينا من بعدك فبشّرنا وإن كنت
_________________________________