وأَنْفَةُ الصَّلَاةِ التَّكْبِيرَةُ الأُوْلَى» ، أي : ابْتِدَاؤُهَا ، وأَوَّلُهَا ، و، قال ابنُ الْأَثِيرِ : هكَذا رُوِيَ في الحَدِيثِ مَضْمُومَةً (١) قال : وقال الْهَرَوِيُّ : الصَّوَابُ الْفَتْحُ ، قال الصَّاغَانِيُّ : وكأَنَّ الهاءَ زِيدَتْ علَى الْأَنْفِ ، كَقَوْلِهِم في الذَّنَبِ : ذَنَبَةٌ ، وفي المَثَلِ : «إِذَا أَخَذْتَ بِذَنَبَةِ (٢) الضَّبِّ أَغْضَبْتَهُ».
ومِنَ المَجَازِ : جَعَلَ أَنْفَهُ في قَفَاهُ : أي : أَعْرَضَ عَنِ الْحَقِّ ، وأَقْبَلَ علَى الْباطِلِ وهو عبارةٌ عن غايةِ الإِعْراضِ عن الشَّيْءِ ، وَلَيِّ الرَّأْسِ عنه ، لأَنَّ قُصارَى ذلِك أَنْ يُقْبِلَ بِأَنْفِهِ على مَا وَرَاءَهُ ، فكأَنَّهُ جَعَلَ أَنْفَهُ في قَفَاهُ» ، ومنه قَوْلُهُم لِلْمُنْهَزِمِ : عَيْنَاهُ في قَفاهُ لِنَظْرِه إِلَى مَا وَرَاءَهُ دَائِبا ؛ فَرَقًا من الطَّلَبِ ، ومِن المَجَاز هو يَتَتَبَّعُ أَنْفَهُ : أي : يَتَشَمَّمُ الرَّائِحَةَ فَيَتْبَعُهَا ، كما في اللِّسَانِ وَالْعُبابِ.
وذُو الْأَنْفِ : لَقَبُ النُّعْمَان بنِ عبدِ الله بن جابرِ بنِ وَهْبِ بنِ الأُقَيْصِرِ بن مَالِكِ بن قُحَافَةَ بنِ عامِر بنِ رَبِيعَة بنِ عامرِ بنِ سَعْدِ بن مالكٍ الخَثْعَمِيِّ ، قَائِدُ خَيْلِ خَثْعَمَ إلى النبيِّ صلىاللهعليهوسلم يَوْمَ الطَّائِفِ ، وَكانُوا مع ثَقِيفٍ ، نَقَلَهُ أَبو عُبَيْدٍ وَابنُ الْكَلْبِيِّ في أَنْسَابِهِمَا.
وأَنْفُ النَّاقَةِ : لَقَبُ جَعْفَرِ بنِ قُرَيْع بنِ عَوْفِ بنِ كَعْبٍ أَبو بَطْنٍ مِن سَعْدِ بنِ زَيْدِ مَنَاةَ مِن تَمِيمٍ ، وإِنَّما لُقِّبَ به لأَنَّ أَبَاهُ قُرَيْعاً نَحَرَ جَزُورًا ، فَقَسَمَ بين نِسَائِه ، فَبَعَثَتْ جَعْفَرًا هذا أُمُهُ وَهي الشَّمُوسُ مِن بَنِي وَائِل ثُمَّ مِن سَعْدِ هُذَيْمٍ فَأَتَاهُ وَقد قَسَمَ الْجَزُورَ ، ولم يَبْقَ إِلَّا رَأسُهَا وَعُنُقُهَا فقَالَ : شَأْنَكَ بِه ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ في أَنْفِهَا ، وجَعَلَ يَجُرُّهَا ، فَلُقِّبَ بهِ ، وكانوا يَغْضَبُونَ منه ، فَلَمَّا مَدَحَهُم الْحُطَيْئَةُ بقولِهِ :
قَومٌ هُمُ الْأَنْفُ وَالْأَذْنَابُ غَيْرُهُمُ |
|
وَمَن يُسَوِّي (٣) بِأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبَا؟ |
صَارَ اللَّقَبُ مَدْحًا لَهُمْ.
والنِّسْبَةُ إِليهم أَنْفيُّ.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : قَوْلُهُم : أَضَاعَ مَطْلَبَ أَنْفِهِ قيلَ : فَرْجَ أُمِّهِ ، وَفي اللِّسَان : أي الرَّحِمَ التي خَرَجَ مِنْهَا ، عن ثَعْلَبٍ ، وَأَنْشَدَ :
وَإِذَا الْكَرِيمُ أَضَاعَ مَوْضِعَ أَنْفِهِ |
|
أَوْ عِرْضَهُ لِكَرِيهَةٍ لمْ يَغْضَبِ |
وأَنْفَهُ يأْنِفُهُ وَيأْنُفُهُ مِن حَدِّيْ ضَرَبَ وَنَصَرَ : ضَرَبَ أَنْفَهُ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
ويُقَال : أَنَفَ الماءُ فُلانًا : أي بَلَغَ أَنْفَهُ ، وذلِكَ إذا نَزَلَ النَّهْرَ ، نَقَلَهُ الْجَوْهَرِيُّ ، وقال ابنُ السِّكِّيت : أَنَفَتِ الْإِبِلُ أَنْفاً : إذا وطِئَتْ كَلأَ أُنُفاً بضَمَّتَيْنِ (٤). وقال أَيْضاً : رَجُلٌ أُنافيٌّ ، بالضَّمِّ أي : عَظِيمُ الأَنْفِ.
قلتُ : وكذا عُضَادِيٌّ ، عَظِيم العَضُدِ ، وأُذَانِيٌّ ، عَظِيمُ الأُذُنِ.
قال وامرَأَةٌ أَنُوفٌ ، كصَبُورٍ : طَيِّبَةُ رَائِحَتِهِ ، أي : الأَنْفِ ، هكذا نَقَلَهُ الْجَوْهَرِيُّ ، أَو تأْنَفُ مِمَّا لا خَيْرَ فيه وهذا نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ ، عن ابنِ عَبَّادٍ.
ومن المجاز : رَوْضَةٌ أُنُفٌ ، كَعُنُقٍ ، ومُؤْنِفٍ ، مِثْلِ مُحْسِنٍ وهذِه عنِ ابنِ عَبّادٍ : إذا لَم تُرْعَ ، وَفي المُحْكَمِ : لم تُوطَأْ ، واحْتَاجَ أَبو النَّجْمِ إِليه فسَكَّنَهُ ، فقَالَ :
أُنْفٌ تَرَى ذِبَّانَهَا تُعَلِّلُهْ
وَكَلٌأ أُنُفٌ : إذا كَانَ بِحَالِهِ لم يَرْعَهُ أَحَدٌ ، وكذلِك كَأْسٌ أُنُفٌ إِذا لم تُشْرَب ، وَفي اللِّسَانِ ، أي مَلْأَى ، وفي الصِّحاحِ : لم يُشْرَبْ بها قَبْلَ ذلِك ، كأَّنَهُ اسْتُؤْنِفَ شُرْبُها (٥) ، وَأَنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ لِلَقِيطِ بنِ زُرَارَةَ :
إنَّ الشِّواءَ وَالنَّشِيلَ وَالرُّغُفْ |
|
والْقَيْنَةَ الْحَسْنَاءَ وَالْكَأْسَ الْأُنُفْ |
وصَفْوَةَ القِدْرِ وَتَعْجِيلَ الْكَتِفْ |
|
للِطّاعِنِينَ الْخَيْلَ وَالْخَيْلُ قُطُفْ |
وأَمْرٌ أُنُفٌ : مُسْتَأْنَفٌ لم يَسْبِقْ به قَدَرٌ ، ومنه حديثُ يحيى بن يَعْمُرَ ، أَنه قال لعبدِ الله بن عمرَ رَضِي الله تعالى عنهما : «أَبَا عبدَ الرحمنِ ، إِنه قد ظَهَرَ قِبَلَنَا أُنَاسٌ يقْرَؤُونَ
__________________
(١) يعني مضموم الهمزة ، وقد ضبط في اللسان وَالنهاية وَالفائق بضمها ،
(٢) والمثبت عن القاموس موافقا للتكملة.
(٣) المستقصى ١ / ١٢٢ وَفيه : ولم يسمع بها إلا في هذا المثل. ديوانه ، وفي جمهرة ابن حزم ص ٢١٩ وَمن يساوي.
(٤) وهو الكلأ الذي لم يُرعَ.
(٥) وهي عبارة التهذيب أيضاً.