والخَالِصَةِ ، وقَوْلِي : مع النَّسَبِ ، إِشارَةٌ إلى الإضَافَةِ ، أي في المَضْمُومِ والمَكْسورِ ، وفي البيت الثاني ثَمَانِيَةٌ ، فهذه أَحَدٌ وعشرون وَجْهًا ، فإِذا ضُمَّ مع بيتِ ابنِ مالِكٍ يَتَحَصَّلُ أَحَدٌ وثلاثُون وَجْهاً ، ومع التَّأَمُّلِ الصادِقِ يظهرُ غيرُ مَا ذَكَرْنَا ، والله المُوَفِّقُ لا إِلهَ غيرُه ..
قال ابنُ جِنِّي : أَمَّا أُفّ ، ونَحْوُهُ مِنْ أَسْمَاءِ الفعلِ ، كهَيْهات في الجَرِّ ، فمَحْمُولٌ على أَفْعَالِ الأَمْرِ ، وكان المَوْضِعُ في ذلك إِنَّمَا هو لِصَهْ ومَهْ ، ورُوَيْدَ ، ونحوِ ذلِكَ ، ثم حُمِل عَلَيهِ بابُ أُفّ ونَحْوِهَا ، مِن حيثُ كان اسْماً سُمِّيَ بهِ الفعلُ ، وكان كُلُّ واحدٍ من لفظِ الأَمْرِ والخَبَرِ قد يَقَعُ مَوْقِعَ صاحِبِه ، صار كلُّ واحِدٍ منهما هو صاحبَه ، فكَأَنْ لا خِلافَ هناك في لَفْظٍ ولا مَعْنًى.
والأُفُّ ، بالضَّمِّ : قُلَامَةُ الظُّفْرِ ، أَوْ وَسَخُهُ الذي حَوْله ، وَالتُّفُّ : الذي فيهِ أَو وَسَخُ الأُذُنِ ، وقيل : هو مَا رَفَعْتَهُ مِنَ الأَرْضِ مِنْ عُودٍ أو قَصَبَةٍ وبِكُلِّ ذلِكَ فُسِّرَ قولُهُم : أُفًّا لَه وُتفًّا ، أَوْ الأَفُّ : وَسَخُ الأُذُنُ ، والتُّفُّ : وَسَخُ الظُّفُرِ قاله الأَصْمَعِيُّ ، قال : يقال ذلك عندَ اسْتِقْذَارِ الشَّيْءِ ، ثم اسْتُعْمِلَ عندَ كُلِّ شيءٍ يُتَأَذَّى به ، ويُضْجَرُ منه.
أَو الأُفُّ : مَعْنَاه القِلَّةُ ، والتُّفُّ إِتْبَاعٌ له ، ومَنْسُوقٌ عَلَيه ، وَمعناه كمَعْنَاه ، وسيأْتِي في بابِه.
والأُفَّةُ ، كقُفَّةٍ : الْجَبَانُ وبه فُسِّرَ حديثُ أَبي الدَّرْدَاءِ رضياللهعنه ، قال لَهُ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ حِينَ رأى النَّاسَ مُنْهَزِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ـ : «نِعْمَ الْفَارِسُ عُوَيْمِرٌ (١) غيْرَ أُفَّة» فكأَنَّ أَصْلَه : غير ذِي أُفَّةٍ ، أي غيرَ مُتَأَفِّفٍ عن القتالِ ، وقيل : الأُفَّةُ : الْمَعْدِمُ الْمُقِلُّ ، ويُقَال : هو الرَّجُلُ القَذِرُ ، والأَصلُ في ذلك كلِّه الأَفَفُ ، مُحَرَّكَةً ، وَهو الضَّجَرُ ، والشَّيْءُ الْقَلِيلُ فمِن الأَوَّلِ أُخِذَ معنَى الجَبَانِ ، ومن الثاني مَعْنَى المُقِلِّ المُعْدِمِ ، وأُخِذَ الرجُلُ القَذِرُ مِن الأَفِّ ، بمعنى وَسَخِ الظُّفُرِ ، وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ ، في تفسيرِ حديثِ أَبي الدَّرْدَاءِ : يُرِيدُ أَنَّه غيرُ ضَجِرٍ ولا وَكِلٍ في الحربِ.
وقد سُمِّيَ اليَأْفُوفُ بمعْنَى الجَبَان لذلِك واليَأْفُوفُ المُرُّ مِنَ الطَّعَامِ ، و، قال أَبو عمرو : الْيَأْفُوفُ : الخَفِيفُ السَّرِيعُ ، واليَأْفُوفُ : الْحَدِيدُ الْقَلْبِ مِنَ الرِّجالِ ، وقال غيره : هو والْيَهْفُوفُ سَوَاءٌ كَالأَفُوفِ ، كَصَبُورٍ ، وَالجَمْعُ يَآفِيف ، قال :
هُوجاً يآفِيفَ صِغَارًا زُعْرًا
والْيَأْفُوفُ : فَرْخُ الدُّرّاجِ نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : الْيَأْفُوفُ : العَيِيُّ الْخَوَّارُ ، وَأَنْشَدَ للرَّاعِي :
مُغَمَّرُ العَيْشِ يَأْفُوفٌ شَمَائِلُهُ |
|
نائِي الْمَوَدَّةِ لَا يُعْطِي ولَا يَسَلُ (٢) |
وَيُرْوَى : «ولا يَصِل». والمُغَمَّرُ : المُغَفَّلُ.
والْإِفُّ ، والْإِفَّانُ ، بكَسْرِهما ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، ويُفْتَح الثَّانِي ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ في التَّكْمِلَةِ ، وصاحِبُ اللِّسَان والأَفَفُ ، مُحَرَّكَةً ، نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ أَيْضاً ، وصاحِبُ اللِّسَانِ ، وَهما عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ. والتَّئِفَّةُ ، كتحِلَّةٍ ، قال الجَوْهَرِيُّ : وَهو تَفْعِلَةٌ : الحِينُ ، والأَوانُ ، يُقَال : كان ذلِكَ على إِفِّ ذاك ، وإِفَّانِهِ ، وأَفَفَهِ ، وتَئِفَّتِهِ ، أي : حِينِهِ وأَوانِهِ ، قال يَزِيدُ بنُ الطَّثْرِيَّةِ :
على إِفِّ هِجْرَانٍ وسَاعَةَ خَلْوَةٍ |
|
مِنَ النَّاسِ يَخْشَى أَعْيُنًا أَنْ تَطَلَّعَا |
وَحَكَى ابنُ بَرِّيّ ، قال : في أَبْنِيةِ الكِتَاب تَئِفَّةٌ ، فَعِلَّةٌ ، قال : والظَّاهِرُ مع الجَوْهَرِيِّ ، بدليلِ قَوْلِهِم : علَى إِفِّ ذلِك وَإِفَّانِهِ ، قال أَبو عليّ : الصَّحِيحِ عندي أَنَّهَا تَفْعِلَةٌ ، وَالصّحِيح فيه عن سِيبَوَيْهِ ذلِكَ ، على ما حَكَاهُ أَبُو بكر أَنه في بَعْضِ نُسَخِ الكِتَابِ في بابِ زِيَادَةِ التَّاءِ ، قال أَبو عليّ :وَالدّلِيلُ عَلَى زِيادتِهَا ما رَوَيْنَاهُ عن أَحمد عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، قال : يُقَال : أَتانِي في إِفَّانِ ذلِك ، وأُفَّانِ ذلِكَ ، وأَفَفِ ذلِك ، وَتَئِفَّةِ ذلِك ، وأَتَانَا على إِفِّ ذلِك ، وإِفَّتِهِ ، وأَفَفِهِ ، وإِفَّانِهِ ، وَتَئِفَّتِهِ ، وعِدَّانِهِ ، أي : علَى إِبّانِهِ ووَقْتِهِ ، يَجْعَلُ تَئِفَّةً ، فَعِلَّةً ، والْفَارِسِيُّ يَرُدُّ عَلَيه ذلك بالاشْتِقَاقِ ، ويَحْتَجُّ بِما تَقَدَّمَ.
والأُوفُوفةُ (٣) ، بالضَّمِّ هكذا هو في نُسَخِ العُبَابِ ، وَالتَّكْمِلَةِ ، بِزيادةِ الوَاوِ قَبلَ الفاءِ ، وفي اللِّسَانِ وغيرِه من
__________________
(١) ضبطت بالفتح عن اللسان والنهاية ، وضبطت في التكملة بالرفع ، وَعقب قائلاً : وغيرُ خبر مبتدأ محذوف تقديره هو غيرُ أفّة.
(٢) ديوانه ص ٢٠٠ وتخريجه فيه والضبط عنه ، وفيه : تأبى بدل نائي.
(٣) في القاموس المطبوع : «والأُفُوفة» ومثله في اللسان والتهذيب.