نقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وقِيلَ : هو الَّذِي لا يُحْسِنُ الرُّكُوبَ ، وقيل : هو الذي لا عَهْدَ له بُرُكوبِ الخَيْلِ ، قال امْرُؤُ القَيْسِ يصفُ فَرَساً :
يُزِلُّ الغُلامَ الخِفَّ عن صَهَواتِه |
|
وَيُلْوِي بأَثْوابِ العَنِيفِ المُثَقَّلِ (١) |
وَشاهِدُ الجَمْعِ :
لم يَرْكَبُوا الخَيْلَ إِلا بعْدَ ما هَرِمُوا |
|
فَهُم ثِقالٌ على أَكْتافِها عُنُفُ |
والعَنِيفُ : الشَّدِيدُ من القَوْلِ ومنه قَوْلُ أَبِي صَخْرٍ الهُذَلِيِّ يُعَرِّضُ بتَأَبَّطَ شَرَّاً :
فإِنَّ ابنَ تُرْنَى إذا جِئْتُكُمْ |
|
أَراهُ يُدافِعُ قَوْلاً عَنِيفاً (٢) |
والعَنِيفُ أَيضاً : الشِّدِيدُ من السَّيْرِ.
وقال الكِسائِيُّ : يُقال : كانَ ذلك مِنّا عُنْقَةً ، بالضَّمِّ وعُنُفَةً بضَمَّتَيْنِ ، واعْتِنافاً : أي ائْتِنافاً قلِبَت الهمزةُ عيْنًا ، وَهذه هي عَنْعَنَةُ بني تمِيم.
وعُنْفُوانُ الشّيْءِ ، بالضِّمِّ وعَلَيه اقتصر الجَوْهرِيُّ ، وهو فُعْلُوان من العُنْفِ ، ويَجُوزُ أَن يكونَ أَصلُه أُنْفُوان فقُلِبَت الهمزةُ عينًا وزاد ابنُ عبّادٍ : عُنْفُوُّه ، مشَدّدَةً : أي أَوَّلُه كما في الصِّحاحِ ، أَو أَوّلُ بَهْجتِه كما في العينِ والتّهْذِيبِ ، وقد غَلَب على الشَّبابِ والنباتِ ، قال عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ العِبادِيُّ :
أَنْشَأْتَ تَطَّلِبُ الّذِي ضَيَّعْتَه |
|
في عُنْفُوانِ شَبابِك المُتَرَجْرِجِ |
وَفي حَدِيثِ مُعاوِيَةَ : «عُنْفُوان المَكْرَعِ» أي : أَوَّله ، وَشاهِدُ النّباتِ قولُه :
ما ذَا تَقُولُ نِيئُها تَلَمَّسُ |
|
وقد دَعاهَا العُنْفُوانُ المُخْلِسُ |
ويُقال : هُمْ يَخْرُجُونَ عُنْفُوانًا عَنْفاً عَنْفاً ، بالفَتْحِ أي : أَوَّلاً فأَوَّلاً وقال أَبو عَمْرٍو : العَنَفَةُ ، محرَّكَةً : الَّذِي يَضْرِبُه الماءُ فيُدِيرُ الرَّحَى.
قال : والعَنَفَة أَيضاً : ما بَيْنَ خَطَّيِ الزَّرْعِ.
وقال غيرُه : اعْتَنَفَ الأَمْرَ : إذا أَخَذَه بعُنْفٍ وشِدَّةٍ.
واعْتَنَفَه : ابْتَدَأَهُ قال اللَّيْثُ : وبعضُ بَنِي تَمِيم يَقُول : اعْتَنَفَ الأَمْرَ ، بمَعْنَى ائْتَنَفَهُ وهذِه هي العَنْعَنةُ.
وقال أَبُو عُبَيْدٍ (٣) : اعْتَنَفَ الشَّيْءَ : جَهِلَه ووَجَدَ لَه عَلَيهِ مَشَقّة وعُنْفاً ، ومنه قَوْلُ رُؤْبةَ :
بأَرْبَعٍ لا يَعْتَنِفْنَ العَفْقَا
أي : لا يَجْهَلْنَ شِدَّةَ العَدْوِ.
أَو اعْتَنَفَه اعْتِنافاً : إذا أَتاهُ ولَم يكُنْ له بِهِ عِلْمٌ قال أَبو نُخَيْلَةَ السَّعْدِيُّ يَرْثي ضِرارَ بنَ الحارثِ العَنْبَرِيَّ :
نَعَيْتُ امْرَأً زَيْنًا إِذَا تُعْقَدُ الحُبَى |
|
وَإِنْ أُطْلِقَتْ لم تَعْتَنِفْهُ الوَقائِعُ |
أي : ليسَ يُنْكِرُها (٤).
واعْتَنَفَ الطَّعامَ والأَرْضَ اعْتِنافاً : كَرِهَهُما قال الباهِلِيُّ : أَكَلْتُ طَعاماً فاعْتَنَفْتُه ؛ أي : أَنْكَرْتُه ، قال الأَزْهَرِيُّ : وذلِك إذا لم يُوافِقْه ، وقالَ غيرُه : اعْتَنفَ الأَرْضَ : إذا كرِههَا. وَاسْتَوْخمَها.
واعْتَنفتْنِي الأَرْضُ نَفْسُها : نَبَتْ (٥) ، ولَم تُوافِقْنِي وَأَنْشدَ ابنُ الأَعْرابِيِّ :
إذا اعْتَنفَتْنِي بلْدَةٌ لم أَكُنْ لَها |
|
نَسِيًّا ، ولم تُسْدَدْ عليَّ المَطالِبُ (٦) |
ويُقال : هذه إِبلٌ مُعْتَنِفَةٌ : إذا كانَتْ في أَرْضٍ لا تُوافِقُها.
ويُقال : اعْتَنَفَ المَجْلِسَ : إذا تَحَوَّلَ عنهُ كائْتَنَفَ ، ومنه
__________________
(١) ديوانه ، وتقدم في خفف. انظر ما لاحظناه هناك.
(٢) ديوان الهذليين ٢ / ٧٣ في شعر صخر الغي ، وليس كما ورد بالأصل أنه لأبي صخر. وقوله : ابن ترنى كأنه يهجّن أمه ، فابن ترنى وابن فرتنى من أسماء العبيد.
(٣) في التهذيب : أبو عبيدة.
(٤) مكانها في التهذيب واللسان : يريد : لم تجده الوقائع جاهلاً بها.
(٥) في اللسان : واعتنفته الأرضُ نفسها : نَبَتْ عَلَيه.
(٦) التهذيب برواية : «نسيباً» وقد ورد البيت فيه وفي اللسان شاهداً على الاعتناف بمعنى الكراهة.