الشِّينِ المُعْجَمَةِ وفَتْحِ الْلامِ ، ثم عُرِّبَ ، فإِنَّه خَطَأٌ ، وَالصَّوابُ لُقِّبَ بالفَارِسيَّةِ سَهْ لَبَهْ ، هكذا قَالُوه ، وعنْدِي في تَعْرِيبِ الباءِ المُوَحَّدَةِ فَاءً تَوَقُّفٌ ، فإِنَّهُمْ لا يَحْتَاجُون إلى التَّعْرِيبِ إِلَّا إذا كان الحَرْفُ ثَقِيلاً علَى لِسَانِهم ، غيرَ وَارِدٍ علَى مَخارِجِ حُرُوفِهم ، ولَبْ بمعنى الشَّفَةِ بِالفَارِسِيَّةِ بالباءِ المُوَحَّدةِ اتِّفَاقا ، فهي لا تُعَرَّبُ ، بل تَبْقَى علَى حَالِها ، ومِثْلُ ذلك بَاذِق ، فإنَّه لمَّا كانت الباءُ عَربِيَّةً أَبْقُوْها علَى حَالِهَا.
ثم إنَّ في كلامِ المُصَنِّفِ نَظَرًا مِن وُجُوهٍ : أولا : فإِنَّ سِيَاقَهُ يقْتَضِي أَن يكونَ جَدُّ جَدِّهِ سِلْفَةَ ، بالكَسْرِ ، وليس كذلك ، بل هو كعِنَبَةٍ ، كما هو ظاهرٌ.
وَثانياً : قَوْلُه : جَدُّ جَدِّهِ ، يدُلَّ على أَنَّه اسْمٌ له ، وليس كذلك ، بل هو لَقَبٌ له ، واسْمُه إِبراهيم ، كما يدُلُّ له كَلامُه فيما بَعْدُ.
وَثالثاً : فإنَّ إِقْتِصَارَهُ علَى جَدِّ جَدِّ أَبي طاهرٍ مِمَّا يُوهِمُ أَنه فَرْدٌ ، وهو أَيضاً مُقْتَضَى كلامِ الذَّهَبِيِّ ، وغيرِه ، قال الحافِظُ : وقد نَسَبَ بعضُ المُحَدِّثينَ أَبا جَعْفَرٍ الصَّيْدلَانِيَّ كذلك ؛ لأَنَّ اسْمَ جَدِّه سِلَفَةُ ، فتأَمَّلْ.
والسُّلْفُ ، بِالضَّمِّ ، هكذا في سائِرِ النُّسَخِ ، وهو خَطَأٌ ، وَالصَّواب ـ على ما في الصِّحاحِ ، والعُبَابِ ، واللِّسَانِ ، وَبعضِ نُسَخِ هذا الكتابِ أَيضاً ـ : المُسْلِفُ : الْمَرْأَةُ بَلَغَتْ خَمْساً وأَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَنحوَها ، وهو وَصْفٌ خُصَّ به الإناثُ ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وقال غيرُه : المُسْلِفُ مِن النِّسَاءِ : النِّصَفُ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشاعرِ :
فيها (١) ثَلَاثٌ كَالدُّمَى |
|
وَكَاعِبٌ ومُسْلِفُ |
قال الصَّاغَانِيُّ : الشِّعْرُ لعُمَرَ بنِ أَبي رَبِيعَةَ ، والروَايَةُ : «إلى ثَلاثٍ كالدُّمَى» ، وأَوَّلُه :
هَاجَ فُؤَادِي مَوْقِفٌ |
|
ذَكَّرَنِي مَا أَعْرِفُ |
مَمْشَايَ ذَاتَ لَيْلَةٍ |
|
وَالشوْقُ مِمَّا يَشْعَفُ |
«إلى ثَلاثٍ ...» إلى آخِرِه.
والتَّسْلِيفُ : أَكْلُ السُّلْفَةِ ، وَهي اللُّهْنَةُ المُعَجَّلَةُ للضَّيْفِ قَبْلَ (٢) الغَدَاءِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، يُقَال : سَلِّفُوا ضَيْفَكُم.
والتَّسْلِيفُ أَيضاً : التَّقْدِيمُ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
والتَّسْلِيفُ أَيضاً : الْإِسْلَافُ ، يُقَال : سَلَّفْتُ في الطَّعَامِ تَسْلِيفاً ، مِثْلُ أَسْلَفْتُ ، ومنهالحديثُ : «مَنْ سَلَّفَ فَلْيُسَلِّفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ ، ووَزْنٍ مَعْلُومٍ ، إلى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ، أَراد : مَن قَدَّمَ مَالاً ، ودَفَعَهُ إلى رَجُلٍ في سِلْعَةٍ مَضْمُونَةٍ ، يُقَال : سَلَّفْتُ ، وأَسْلَفْتُ ، وأَسْلَمْتُ ، بمَعْنَى واحدٍ ، والاسمُ من كُلٍّ منها : السَّلَفُ ، والسَّلَمُ.
وقال ابنُ عَبَّادٍ : سَالَفُهُ في الأَرْضِ ، مُسَالَفَةً : سَايَرَهُ فيها مُسَايَرَةً.
وقال : وأيضا : سَاوَاهُ في الأَمْرِ.
قال : وسَالَفَ الْبَعِيرُ : تَقَدَّمَ فهو مُسَالِفٌ.
وتَسَلَّفَ منه ، كذا : اقْتَرَضَ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، ومنه السَّلَفُ في الشَّيْءِ أَيْضاً ، وَفي بعض النُّسَخ : ومنه السَّلَفُ في السَّيْرِ أَيضاً ، وهو نَصُّ العُبَابِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه :
السَّالِفُ : المُتَقَدِّمُ.
وَالسَّلَفُ ، والسَّلِيفُ ، والسُّلْفَةُ : الجَمَاعَةُ المُتَقَدِّمون.
وَجَمْعُ سَلِيفٍ : سُلُفٌ ، بضَمَّتَيْن ، ومنه قِرَاءَةُ يَحيى بنِ وَثَّابٍ : فَجَعَلْنَاهُمْ سُلُفاً (٣) ، قال (٤) : وزَعَمَ القاسِمُ أَنَّهُ سَمِعَ وَاحِدَهَا سَلِيفاً.
وَسالِفٌ ، وسَلَفٌ ، مِثْلُ خَالِفٍ ، وخَلَفٍ.
وَالسَّلَفُ : القَومُ المُتَقَدِّمُون في السَّيْرِ ، ومنه قَوْلُ قَيْسِ بنِ الخَطِيمِ :
لَوْ عَرَّجُوا سَاعَةً نُسَائِلُهُمْ |
|
رَيْثَ يُضَحِّي جِمَالَهُ السَّلَفُ |
وَأَسْلَفَهُ مَالاً ، وسَلَّفَهُ : أَقْرَضَهُ ، قال الشاعرُ :
__________________
(١) ديوان عمر بن أبي ربيعة ، وفيه : «إذا ثلاث».
(٢) عن الصحاح وبالأصل «قيل».
(٣) سورة الزخرف الآية ٥٦ والقراءة «سَلَفاً».
(٤) يعني الفراء ، كما يفهم من عبارة التهذيب.