وبَلِيَ ، وقَدْ مَرَّ قَرِيباً من قَوْلِ اللَّيْثِ : إنَّ السُّخْفَ مَخْصُوصٌ في العقَلِ ، والسّخافَةَ عامٌّ في كُلِّ شَيْءٍ ، فالمُناسِبُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرُ سَخُفَ السِّقاءُ سَخافَةً ، كَكَرامةٍ ، فتَأَمَّلْ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه :
أَسْخَفَ الرَّجُلُ : قَلَّ مَالُه ورَقَّ ، قال رُؤْبَةُ :
وإِنْ تَشَكَّيْتُ مِنَ الْإِسْخَافِ
وَقالوا : ما أَسْخَفَهُ! قال سِيبَوَيْه : وَقَعَ التَّعَجُّبُ فيه ما أَفْعَلَهُ ، وإن كانَ كالخُلُقِ ، لأَنَّه ليس بلَوْنٍ ولا بِخِلْقَةٍ فيه ، وَإِنَّمَا هو من نُقْصَانِ العَقْلِ وقد ذُكِرَ ذلك في بَابِ الحُمْقِ.
وَسَحابٌ سَخِيفٌ : رَقِيقٌ ، وعُشْبٌ سَخِيفٌ ، كذلك.
وَنَصْلٌ سَخِيفٌ : طَوِيلٌ عَرِيضٌ ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
وَسَخَّفَهُ الجُوعُ ، تَسْخِيفاً ، كما في الأَسَاسِ.
[سدف] : السَّدْفَةُ ، بالفَتْحِ ، ويُضَمُّ : الظُّلْمَةُ ، تَمِيمَّيةٌ ، وَفي الصَّحاحِ : قال الْأَصْمِعيُّ : هي لُغَةُ نَجْدٍ.
والسَّدْفَةُ أَيضاً ، بلُغَتَيْه : الضَّوْءُ ، قَيْسِيَّةٌ ، وَفي الصِّحاحِ : وفي لُغَةِ غيرِهِم : الضَّوْءُ ، والذي نَقَلَهُ المُصَنِّفُ هو قَوْلُ أَبي زَيْدٍ في نَوَادِرِه (١) ، ضِدُّ ، صَرَّح به الجَوْهرِيُّ وَغَيْرُه وفي شَرْحِ شَيْخِنَا ، قلتُ : لا تَضَادَّ مع اخْتِلافِ اللُّغَتَيْن ، كما قالَهُ جَمَاعَةٌ ، وأُجِيبَ بإِنَّ التَّضَادَّ باعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِنَا ، إِذْ لا حَجْرَ علينا ، على أنَّ العَرَبِيَّ يَتَكَلَّمُ بلُغَةِ غيرِه ، إذا لَم تَكُنْ خَطَأً ، فتَأَمَّلْ ، أَو سُمِّيَا بِاسْمٍ ، لأَنَّ كُلًّا يَأْتِي علَى الْآخَرِ ، كَالسَّدَفِ ، مُحَرَّكَةً ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وهو أَيضاً مِن الأَضْدادِ ، والجَمْعُ : أَسْدَافٌ ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ :
يَرْتَدْنَ سَاهِرَةً كَأَنَّ جَمِيمهَا |
|
وَعَمِيمَهَا أَسْدَافُ لَيْلٍ مُظْلِمِ (٢) |
[السَّدْفَةُ] : اخْتِلَاطُ الضَّوْءِ والظُّلْمَةِ مَعاً ، كوَقْتِ ما بَيْنَ طُلُوع الفجِر إِلَى أَوَّلِ الإِسْفَارِ ، حَكاهُ أَبو عُبَيْدٍ ، عن بعضِ اللُّغَوِيِّين ، ونَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ ، وقالَ عُمَارَة : السَّدْفَةُ : ظُلْمَةٌ فيها ضَوْءٌ مِن أَوَّلِ اللَّيْلِ وآخِرِه : ما بَيْنَ الظُّلْمَةِ إِلَى الشَّفَقِ ، وما بَيْنَ الفَجْرِ إلى الصَّلاةِ ، قال الأَزْهَرِيُّ : وَالصحيحُ ما قَالَهُ عُمَارَة.
والسَّدْفَةُ ، والسُّدْفَةُ : الطَّائِفَةُ من اللَّيْلِ ، وَقال اللِّحْيَانِيُّ : أَتَيْتُه بسُدْفَةٍ ، أي : في بَقِيَّةٍ من اللَّيْلِ.
والسُّدْفَةُ ، بِالضَّمِّ : البَابُ ، وَمنه قَوْلُ امْرَأَةٍ مِن قَيسٍ تَهْجُو زَوجَها.
لَا يَرْتَدِي مَرَادِيَ الْحَرِيرِ |
|
ولَا يَرَى بِسُدْفَةِ الْأَمِيرِ (٣) |
أَو سُدَّتُهُ.
وقيل : هي سُتْرَةٌ أَو شَبِيهَةٌ بالسُّتْرَةِ ، تَكُونُ بالْبَابِ ، أي : عليه ، تَقِيهِ مِن الْمَطَرِ ولو قال : تَقِيهِ المَطَرَ ، لكَانَ أخْصَرَ.
والسَّدَفُ ، مُحَرَّكَةً : الصُّبْحُ ، وبه فَسَّرَ أَبو عمرٍو قَوْلَ ابنِ مُقْبِلٍ :
وَلَيْلَةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَهَا |
|
بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفَا |
قال : أي أَسِيرُ حتى الصُّبْحِ ، وقال الفَرَّاءُ ، السَّدَفُ : إِقْبَالُهُ ، أي : الصُّبْح ، وأَنْشَدَ لسَعْدٍ القَرْقَرَةِ :
نَحْنُ بِغَرْسِ الْوَدِيِّ أَعْلَمُنَا |
|
مِنَّا بِرَكْضِ الْجِيَادِ في السَّدَفِ |
قال المُفضِّلُ : سَعْدٌ القَرْقَرَةُ : رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَجَرَ ، وكان النُّعْمَانُ يَضْحَكُ منه ، فدَعَا النُّعْمَانُ بفَرَسِهِ «اليَحْمُومِ» وقال له : ارْكَبْهُ ، واطْلُبِ الوَحْشَ ، فقَالَ سعدٌ : إِذَنْ والله أُصْرَعُ ، فَأَبَى النُّعْمَانُ إِلَّا أَنْ يَرْكَبه ، فلمَّا رَكِبَه سَعْدٌ نَظَرَ إلى بَعْضِ وَلَدِهِ ، وقال : «وَا بِأَبِي وُجُوهُ اليَتَامَى» ، ثم قال البيتَ ، وَالوَدِيُّ : صِغَارُ النَّخْلِ ، ومنا : أي فِينَا.
وَفي حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رضياللهعنه ـ : «فَصَلِّ الْفَجْرَ إِلَى السَّدَفِ» ، أي : إِلَى بَيَاضِ النَّهَارِ.
والسَّدَفُ أَيضاً : سَوَادُ اللَّيْلِ ، كَالسُّدْفَةِ ، بالضَّمِّ ، وهذا تقدَّم ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لحُمَيْدٍ الأَرْقَطِ :
وسَدَفُ الْخَيْطِ الْبَهِيمِ سَاتِرُهْ
__________________
(١) نقله الأزهري في التهذيب عن أبي زيد وعن أبي محمد اليزيدي.
(٢) ديوان الهذليين ٢ / ١١١ وفسر الساهرة بالأرض والعميم : المكتهل التام من النبت. والجميم : النبت الذي قد نبت وارتفع قليلاً ولم يتم كل التمام.
(٣) التهذيب برواية : «برادي» بدل «مرادي».