شَيْئاً يَنْجُثُهُ ، فاحْتَفَرَ (١) عنه ، فإِذا هو قد وَقَعَ علَى نَفَقِ يَرْبُوعٍ فأَصَابَ رَأْسَهُ (٢) ، فتَحَرَّكَ اليَرْبُوعُ سَاعَةً ، ثُمَّ مَاتَ ، فقَالَ : هذا في جوْفِ جُحْرٍ ، جاءَ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ ، وأَنا ظَاهِرٌ علَى فَرَسِي ،
ما المَرْءُ في شَيْءٍ ولا اليَرْبُوعُ
فذَهَبَ مَثَلاً ، ثم شَدَّ عليهم ، فكان بَعْدَ ذلك مِنْ أَشْجَعِ النَّاسِ.
قَوْلُه : يَنْجُثُه : أي : يُحَرِّكُهُ.
ومنه : أَجْرَأُ مِن فَارِسِ خَصَافِ (٣) ورَوَى ابنُ الأَعْرَابِيِّ أنَّ صَاحِبَ خَصَافِ كان يُلاقِي جندَ كِسْرَى فلا يَجْتَرِىءُ عليهم ، ويَظُنُّ أَنَّهُمْ لا يَمُوتُونَ كما تَمُوتُ النَّاسُ ، فَرَمَى رَجُلاً منهم يَوْمًا بسَهْمٍ فَصَرَعَهُ ، فمات ، فقَالَ : إنَّ هؤلاءِ يمُوتُونَ كما نَمُوتُ نحن ، فَاجْتَرَأَ عليهم ، فَكانَ مِن أَشْجَعِ النَّاسِ ، وأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيّ :
تَاللهِ لَوْ أَلْقَى خَصَافِ عَشِيَّةً |
|
لَكُنْتُ علَى الأَمْلَاكِ فَارِسَ أَسْأَمَا |
وخِصَافٌ ، ككِتَابٍ : حِصَانٌ كان لِسُمَيْرِ بنِ رَبِيعَة الْباهِليِّ ، كذا في العُبَابِ ، ونَصُّ كتاب الخيْلِ لابنِ الكَلْبِيِّ ، سُفْيَان بن رَبِيعَةَ البَاهِلِيّ ، قال : وعليها قُتِل : خَوَلَا (٤) المَرْزُبَانَ ، وسِيَاقُهُ يقتَضِي أَنَّهَا كانَتْ أُنْثَى ، وكان يُقَالَ فِيهِ ، وَفي العُبَابِ : له أَيْضاً : فَارِسُ خِصَافٍ (٥) ، أَجْرَأَ مِن فَارِسِ خِصَافٍ.
وخِصَافٌ أيضاً : حِصَانٌ آخَرُ ، كان لِحَمَلِ بنِ زَيْدِ بنِ عَوْفِ بنِ عامرِ بنِ ذُهْلٍ ، مِن بني بَكْرِ بنِ وَائِلٍ ، يُقال : كَانَ مَعَهُ هذا الفَرَسُ ، وطَلَبَهُ مِنْهُ الْمُنْذِرُ بنُ امْرِىءِ الْقَيْسِ لِيَفْتَحِلَهُ ، فَخَصَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِجُرْأَتِهِ ، فَسُمِّيَ خَاصِيَ خِصَافٍ ، وَمِنْهُ «أَجْرَأُ مِن خَاصِي خِصَافٍ» ، فأَمَّا ما ذَكَرَهُ الجَوْهَرِيُّ علَى مِثَالِ قَطَامِ ، فهي كانت أُنْثَى ، فكيفَ تُخْصَى؟ ، وصِحَّةُ إِيرَادِ ذلِكَ المَثَلِ : «أَجْرَأُ مِنْ فَارِسِ خِصَافٍ» (٦) نَبَّهَ عليه الصَّاغَانِيُّ في التَّكْمِلَةِ.
وعبدُ المَلِكَ بنُ خِصَافِ ابنِ أَخِي خَصِيفٍ الجَزَرِيّ : مُحَدِّثٌ ، رَوَى عن هَبّارِ بنِ عَقِيلٍ ، وتقدَّمَ ذِكْرُه عَمِّه آنِفاً.
وسَمَاءٌ مَخْصُوفَةٌ : مَلْسَاءُ خَلْقَاءُ ، أَو مَخْصُوفَةٌ : ذَاتٌ لَوْنَيْنِ فِيهَا سَوَادٌ وبَيَاضٌ ، كما في العُبَابِ.
والْخُصْفَةُ ، بِالضَّمِّ : الْخُرْزَةُ بالضَّمِّ أَيضاً.
وقال اللَّيْثُ : أَخْصَفَ في عَدْوِهِ : أي أَسْرَعَ ، قال : وهو بالحَاءِ جَائِزٌ أَيضاً ، قال الأَزْهَرِيُّ : والصَّوابُ بالحاءِ المُهْمَلَةِ لا غَيْرُ ، وقد ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ علَى الصَّوابِ.
والتَّخْصِيفُ : سُوءُ الْخُلُقِ ، وَضِيقُهُ ، يُقَال : رَجُلٌ مُخْصِفٌ.
والتَّخْصِيفُ أَيضاً : الاجْتِهَادُ في التَّكَلُّفِ بِمَا لَيْس عِنْدَكَ.
وَمن المَجَازِ : خَصَّفَهُ الشَّيْبُ ، تَخْصِيفاً ، أي : اسْتَوَى هو أي بَيَاضُهُ والسَّوَادُ ، وَقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : خَصَّفَهُ الشَّيْبُ تَخْصِيفاً ، وخَوَّصَهُ تَخْوِيصاً ، ونَقَّبَ فيه تَنْقِيباً ، بمعنًى واحدٍ ، وفي الأَساسِ : خَصَّفَ الشَّيْبُ لِمَّتَهُ : جَعَلَهَا خَصِيفاً :
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه :
الخَصْفُ : الضَّمُّ والجَمْعُ.
وَالمِخْصَفُ ، كمِنْبَرٍ : المِثْقَبُ والإِشْفَى ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ يَصِفُ عُقَاباً :
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى فِرَاشِ عَزِيزَةٍ |
|
فَتْخَاءَ رَوْثَةُ أَنْفِهَا كَالْمِخْصَفِ(٧) |
وَقد تقدَّمَ للمُصنِّف إِنْشَادُ هذا البيتِ في «ف ر ش».
وَمن المَجَازِ قَوْلُه : فما زَالُوا يَخْصِفُون أَخْفَافَ المَطِيِّ بحَوَافِرِ الْخَيْلِ حتى لَحِقُوهم (٨) ، يعني أنهم جَعَلُوا آثارَ
__________________
(١) عن اللسان وبالأصل «فاجترف».
(٢) عبارة الميداني مثل رقم ٩٧١ : فإذا هو في ظهر يربوع.
(٣) في الميداني عن ابن دريد : خضاف بالضاد المعجمة.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : خولا المرزبان ، هكذا في جميع النسخ التي بأيدينا وراجع ابن الكلبي» وفي المطبوعة الكويتية ـ نقلاً عن ابن الكلبي : قولا المرزبان.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله فارس خصاف ، هكذا في النسخ».
(٦) وانظر المستقصى للزمخشري ١ / ٤٧ رقم ١٧٣.
(٧) ديوان الهذليين ٢ / ١١٠ برواية : «سوداء روثة» وفسر المخصف بأنه الذي تخصف به أخفاف الابل ، كذا وأخفاف الإبل لا تخصف وَالصواب : الأخفاف دون ذكر الإبل.
(٨) الأساس : أدركوهم.