لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتُ |
|
سُورُ المَدِينَةِ ، والجِبَالُ الخُشَّعُ |
وقالَ النابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ يَصِفُ آثارَ الدِّيَارِ :
رَمَادٌ ككُحْلِ العَيْنِ ما إِنْ تَبِينُه |
|
وِنُوىٌ كجِذْمِ الحَوضِ أَثْلَمُ خاشِعُ |
وفي اللِّسَان : الخاشِعُ من الأَرْضِ : الَّذِي تُثِيرُه الرِّيَاحُ لِسُهُولَتِهِ ، فَتَمْحُو آثَارَهُ.
وقَالَ الزَّجّاج في قَوْلِهِ تَعَالَي : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) (١).
أَيْ مُتَغَيَّرَةً ، أَرادَ مُتهشِّمَة النَّبَاتِ. وقَالَ غَيْرُهُ : أَىْ مُطْمَئِنَّةً سَاكِنَةً. وقَالُوا : إِذا يَبِسَتِ الأَرْضُ ولَمْ تُمْطَرْ قِيلَ : قد خَشَعَتْ. وذَكَرَ الآيَة (٢). قال : والعكرَبُ تَقُولُ : رَأَيْنا أَرْض بَنِي فُلانٍ خَاشِعَةً هَامِدَة ، ما فِيهَا خَضْرَاءُ.
وِالمَكَانُ الخاشِعُ أَيْضاً : الَّذِي لا يُهْتَدَى له ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ.
وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : للْخُشُوعِ مَوَاضِعُ : الخَاشِعُ : المُسْتَكِينُ. والخاشِعُ : الرَّاكِعُ في بَعْضِ اللُّغَاتِ.
وِمِنَ المَجَازِ : خَشَعَ السَّنَامُ ، أَيْ سَنَامُ البَعِيرِ ، إِذَا ذَهَبَ إِلّا أَقَلَّهُ ، كَمَا في العُبَابِ. وفي اللِّسَانِ : إِذا أُنْضِيَ ، فذَهَبَ شَحْمُهُ ، وتَطَأْطَأَ شَرَفُهُ.
وِخَشَعْ فُلانٌ خَرَاشِيَّ صَدْرِهِ فخَشَعَتْ هِيَ : إِذا أَلْقَي بُزَاقاً لَزِجاً ، لازِمُ مُتَعَد ، كما في العُبَاب. وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : أَىْ رَمَى بِهَا.
قال : والخِشْعَةُ ، بالكَسْرِ : الصَّبِيُّ يُلْزَقُ ، هكَذَا فِي النُّسَخِ ، والصَّوابُ : يُبْقَرُ عَنْهُ بَطْنُ أُمَّه إِذا ماتَتْ وهو حَيُّ.
قالَ ابنُ بَرّيّ : قالَ ابنُ خالَوَيْه : والخِشْعَةُ : وَلَدُ البَقِيرِ ، والبَقِيرُ : المَرْأَةُ تَمُوتُ وفي بَطْنِهَا وَلَدٌ حَيُّ ، فَيُبْقَرُ بَطْنُهَا ويُخْرَج ، وكانَ بَكِيرُ بن عَبْدِ العَزيزِ خِشْعَةً. قالَ صاحِبُ اللِّسَانِ : ورَأَيْتُ في حاشِيَةِ نُسْخَةٍ من أَمالِي الشَّيْخِ ابْنِ بَرِّيّ مَوْثُوقٍ بِهَا ، قالَ الحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ خارِجَةَ بنَ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ ابن بَدْر :
وِقَدْ عَلِمَتْ خَيْلُ ابنِ خِشْعَةَ أَنَّهَا |
|
مَتَي تَلْقَ يَوماً ذَا جِلَادٍ تُجَالِدِ |
خِشْعَةُ : أَمُّ خَارِجَةَ ، وهي البَقِيرَةُ. كانَتْ ماتَتْ وهو في بَطْنِهَا يَرْتَكِم ، فبُقِرَ بَطْنُهَا فسُمِّيَت البَقيرَة ، وسُمِّيَ خارجَة ، لأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ من بَطْنِهَا.
وِالخُشْعَةُ ، بالضَّمِّ : القِطْعَةُ من الأَرْضِ الغَلِيظَة ، عَنِ ابْنِ دُرَيْدِ. وقالَ اللَّيْثُ : الخُشْعَة من الأَرْض : قُفٌّ قد غَلَبَتْ عَليه السُّهُولَةُ ، أَيْ لَيْسَ بحَجَرٍ ولا طِينٍ.
وِقالَ الجَوْهَرِيّ : هي الأَكَمَةُ المُتَوَاضِعَةُ. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ : العَرَبُ تَقُولُ للْجَثَمَةِ اللاطِئَةِ المُلْتَزِقَةِ بالَرْضِ هي الخُشْعَةُ والسَّرْوَعةُ والقَائدَةُ. وج : خُشَعُ ، كصُرَدٍ. قال أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ صُرُوفَ الدَّهْرِ.
جَازِعَاتٍ إِلَيْهِمُ خُشَعَ الأَوْ |
|
داةِ قُوتاً تُسْقَى ضَيَاحَ المَدِيدِ |
الأَوْدَاةُ : الأَوْدِيَةُ عَلَى القَلْبِ. ويُرْوَى «خُشَّع» : جَمْع خَاشِع.
قالَ الجَوْهَرِيّ : وفي الحَدِيثِ : «كَانَتِ الأَرْضُ خَاشِعَةً عَلَى الماءِ ، ثُمَّ دُحِيَتْ». قُلْتُ : والَّذِي في الغَرِيبَيْنِ للهَرَوِيّ : «كَانَتِ الكَعْبَةُ خَاشِعَةً على الماءِ فدُحِيَتْ مِنْهَا الأَرْضُ». وفي العُبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عُمَرَ ، رضياللهعنهما : «خَلَقَ الله البَيت قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الأَرْضَ بِأَلْفِ عامٍ ، وكانَ البَيْتُ زُبْدَةً بَيْضَاءَ حِينَ كانَ العَرْشُ عَلَى الماءِ ، وكانَتِ الأَرْضُ تَحْتَهُ كَأَنَّهَا خَاشِعَةٌ عَلَى الماءِ». ويُرْوَى : خَشَفَةً ، فدُحِيَت الأَرْضُ مِن تَحْتِهِ.
والخَشَفَةُ : صَخْرَةٌ تَنْبُتُ في البَحْرِ ، وسَيَأْتِي (٣).
وِتَخَشَّعَ : تَضَرَّعَ ، قَالَهُ اللَّيْثُ ، وأَنْشَدَ :
وِمُدَجَّجٍ يَحْمِي الكَتِيبَةَ لا يُرَى |
|
عِنْدَ البَدِيعَةِ ضَارِعاً يَتَخَشَّعُ |
وقال الجَوْهَرِيّ : التَّخَشُّعُ : تَكَلَّفُ الخُشُوعِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
__________________
(١) سورة فصلت الآية ٣٩.
(٢) يعني قوله تعالي : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) سورة الحج الآية ٥.
(٣) ويروي : حشفة بالحاء والفاء ، انظر التهذيب ، والنهاية في مادة «حشف» وفي «خشف».