الرَّسُولِ وعِظَمِ أَوْلِيَائِه وما يُخَادِعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ، أَي ما تَحُلُّ عاقِبَةُ الخِدَاعِ إِلّا بِهِم قَرَأَ ابنُ كثِيرِ ونَافِعٌ وأَبُو عَمْرو :«ومَا يُخَادِعُونَ» ، بالألِفِ وقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ : يَخْدَعُونَ الله والَّذِينَ آمَنُوا ومَا يَخْدَعُونَ ، جَمِيعاً بِغَيْرِ أَلِفٍ ، عَلَى أَنَّ الفِعلَ فِيهِمَا جَمِيعاً من الخَادِع. وفي اللِّسَان : جَازَ يُفَاعِلُ لِغَيْرِ الاثْنَيْنِ ، لأَنَّ هذَا المِثَالَ يَقَعُ كَثِيراً في اللُّغَةِ للْواحِدِ ، نَحْو : عاقَبْتُ اللِّصَّ ، وطارَقْتُ النَّعْلَ. وقالَ الفَارِسِيّ :والعَرَبُ تَقُولُ : خَادَعْتُ فُلاناً ، إذا كُنْتَ تَرُومُ خَدْعَهُ ، وعلَى هذا يُوَجَّهُ قَوْلُه تَعالَى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) (١) مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُقَدَّرُونَ في أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُم يُخَادِعُونَ الله ، والله هُوَ الخَادِعُ لَهُمْ ، أَي المُجَازِي لَهُمْ جَزَاءَ خِدَاعِهم. وقالَ الرَّاغِبُ في المُفْرَدَاتِ : وقَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنَّ هذا على حَذْفِ المُضَافِ وإِقَامَةِ المُضَافِ إِلَيْهِ مُقَامَهُ ، فَيجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ المَقْصُودَ بمِثْلِهِ في الحَذْفِ لا يَحْصُلُ لَوْ أُتِيَ بالمُضَافِ المَحْذُوفِ ، ولِمَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّنْبِيه عَلَى أَمْرَيْنِ : أَحَدِهِمَا :فَظَاعَةُ فِعْلِهِمْ فِيمَا تَجَرَّؤُوهُ مِنَ الخَدِيعَةِ ، وأَنَّهُمْ بمُخَادَعَتِهِمْ إِيّاه يُخَادِعُونَ الله ، والثانِي : التَّنبِيهُ علَى عِظَمِ المَقْصُودِ بالخِدَاعِ ، وأَنَّ مُعَامَلَتَهُ كمُعَامَلَةِ الله. وقِرَاءَةُ مُوَرَّقٍ العِجْلِيّ وما يَخَدِّعُون إِلَّا أَنْفُسَهم ، بفَتْحِ الياءِ والخاءِ وكَسْرِ الدَّالِ المُشَدَّدَةِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ عَلَى إِرادَةِ يَخْتَدِعُونَ ، أُدْغِمَت التَّاءُ في الدَّال ، ونُقِلَتْ فَتْحَتُها إِلىَ الخاءِ.
وِخَادَعَ : تَرَكَ عَن الأَصْمَعِيّ ، وأَنْشَد للرّاعِي :
وِخادَعَ المَجْدَ أَقوَامٌ لَهُمْ وَرَقٌ |
|
رَاحَ العِضَاهُ بِهِ والعِرْقُ مَدْخُولُ (٢) |
وهكَذَا رَوَاه شَمِرٌ ، وفَسَّرَهُ ، ورَوَاهُ أَبُو عَمْرٍو : «خَادَعَ الحَمة» ، وفسَّرهُ ، أَيْ تَرَكُوا الحَمْدَ ، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِن أَهْلِهِ.
وِالخِدَاعُ ، ككِتَابِ : المَنْعُ والحِيلَةُ ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. والَّذِي في اللِّسَانِ عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ :الخَدْعُ : مَنْعُ الحَقِّ ، والخَتْمُ : مَنْعُ القَلْبِ من الإِيمان.
وِالتَّخَدُّع. تَكَلُّفُهُ ، أَيْ الخِدَاع ، قال رُؤْبة :
فَقَدْ أَدَاهِي خِدْعَ مَنْ تَخدَّعا |
|
بالوَصْل أَو أَقْطَعُ ذَاك الأَقْطَعَا |
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
خَدَّعه تَخْدِيعاً ، وخَادَعَهُ ، وتَخَدَّعه ، واخْتَدَعَهُ : خَدَعَهُ ، وهو خَدَّاعٌ وخَدِعُ ، كشَدَّادٍ وكَتِفٍ ، عَن اللَّحْيَانيّ ، وكَذلِكَ خَيْدَعٌ ، كحَيْدَرٍ. وخَدَعْتُه : ظَفِرْتُ به.
وِتَخادَعَ القَوْمُ : خَدَعَ بَعْضُهُم بَعْضاً.
وِانْخَدَعَ : أَرَى أَنَّه مَخْدُوعٌ ولَيْسَ به.
وِالخُدْعَةُ بالضَّمِّ : ما تُخْدَعُ به.
وماءُ خَادِعٌ : لا يُهْتَدَى له ، وهو مَجَاز. وخَدَعْتُ الشَّيْءَ وأَخْدَعْتُه : كَتَمْتُه وأَخْفَيْته.
وِالمَخْدَعُ ، كمَقْعَدٍ : لُغَة في المُخدع ، والمِخْدَعِ بالكَسْرِ والضَّمِّ ، عَنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الغَنَويّ ، وقَدْ تَقَدَّمَ.
وِالمُخْدَعُ أَيْضاً : ما تَحْتَ الجَائِز الَّذِي يُوضَعُ عَلَى العَرْشٍ ، والعَرْشُ : الحائطُ يُبْنَى بَيْنَ حَائِطَيِ البَيْتِ ، لا يَبْلُغُ به أَقْصَاه ، ثُمَّ يُوضَع الجائِزُ من طَرَفِ العَرْشِ الدَّاخِلِ.
إِلَى أَقْصَى البَيْتِ ، ويُسْقَفُ به.
وِانْخَدَعَ الضَّبُّ مِثْلُ خَدَعَ : اسْتَرْوَحَ فاسْتَتَرَ ، لِئلاً يُحْتَرَشُ.
وِخَدَعَ مِنّي فُلَانٌ ، إذا تَوَارَى ولَمْ يَظْهَرْ.
وِخَدَعَ الثَّعْلَبُ ، إذا أَخَذَ في الرَّوَغانِ.
وِخَدَعَ الشَّيْءُ خَدْعا : فَسَدَ ، والخَادِعُ : الفَاسِدُ من الطَّعَامِ وغَيْرِه. ودِينَارِ خَادِع ، أَي نَاقِصٌ. وفُلانٌ خادِعُ الرَّأْي : إذا (٣) كانَ لا يَثْبُتُ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ. وهُوَ مَجَازٌ.
وِخَدَعَتِ العَيْنُ خَدْعاً : لَمْ تَنَمْ. وما خَدَعَتْ بعَيْنِهِ خَدْعَةٌ ، أَيْ نَعْسَةٌ تَخْدَعُ ، أَي مَرَّتْ بِهَا ، وهو مجاز. قال المُمَزَّق العَبْدِيّ.
أَرِقْتُ ولَمْ تَخْدَعْ بِعَيْنَيَّ نَعْسَةٌ |
|
وِمَنْ يَلْقَ ما لاقَيْتُ لا بُدَّ يَأْرَقُ |
وِخَادَعْتُهُ : كَاسَدْتُهُ. وقال الفَرّاءُ : بنو أَسَدٍ يَقُولُون : إِنَّ السِّعْر لَمُخَادِعٌ ، وقَدْ خَدَعَ : إذا ارْتَفَعَ وغَلَا.
__________________
(١) سورة النساء الآية ١٤٢.
(٢) ديوانه ص ١٩٤ وتخريجه فيه.
(٣) في اللسان : إذا كان متلونا لا يثبت ...