المَجَازِ. قال الصّاغَانِيّ : وقِيلَ : إِنَّهُ يَكْثُرُ فيها الأَمْطَارُ ، ويَقِلُّ فيها الرَّيْعُ ، ويُرْوَى : «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السّاعَةِ سِنِينَ غَدَّارَةِ ، يَكْثُرُ فِيها المَطَرُ ، ويَقِلُّ النَّبَاتُ» ، أَي تُطْمِعُهُم في الخِصْبِ بالمَطَرِ ، ثُمَّ تُخْلِفُ. فَجَعَلَ ذلِكَ غَدْراً مِنْهَا وخَدِيعَةً ، قالَهُ ابنُ الأَثِير. وقالَ شَمِرٌ : السِّنُونَ الخَوَادِعُ :القَلِيلَةُ الخَيْرِ الفَوَاسِدُ.
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ : الخَادعَةُ : البابُ الصَّغِيرُ في البَابِ الكَبِير. والبَيْتُ في جَوْفِ البَيْتِ ، قال الرّاغِبُ : كَأنّ بَانِيَهُ جَعَلَهُ خادِعاً لمَنْ رامَ تَنَاوُلَ ما فِيهِ.
وِقال غَيْرُهُ : الخَدِيعَةُ : طَعامٌ لَهُمْ ، أَيْ لِلْعَرَبِ ، ويُرْوَى بالذَّالِ المُعْجَمَةِ ، كما سَيَأْتِي.
وِالمِخْدَعُ كمِنْبَرِ ، ومُحْكَمٍ (١) الخِزَانَةُ ، حَكَاهُ يَعْقُوبُ عن الفَرّاءِ. قالَ : وأَصْلُه الضَّمُّ ، إِلَّا أَنَّهُمْ كَسَرُوهُ اسْتِثْقَالاً ، كَمَا في الصّحاح ، والمُرَادُ بالخِزانَةِ البَيْتُ الصَّغِيرُ يَكُونُ ، دَاخلَ البَيْتِ الكَبِيرِ. وقالَ سِيبَوَيْه : لَمْ يَأتِ مُفْعَلٌ اسْماً إِلّا المُخْدَع ، وما سِوَاهُ صِفَةٌ.
وِقال مُسَيْلِمَةُ الكَذّابُ لسَجَاح المُتَنَبِّئَةِ حِينَ آمَنَتْ بِهِ وتَزَوَّجَهَا ، وخَلَا بها :
أَلَا قُومِي إِلَى المِخْدَعْ |
|
فقَدْ هُيِّي لَكِ المَضْجَعْ |
فإِنْ شِئْتِ سَلَقْنَاكِ |
|
وِإِنْ شِئْتِ عَلَى أَرْبَعْ |
وِإِنْ شِئتِ بِثُلثَيْهِ |
|
وِإِنْ شِئْت بِهِ أَجْمَع |
فقالَتْ : بَلْ بِهِ أَجْمَعَ ، فإِنَّهُ أَجْمَعُ للشَّمْل.
وأَصْلُ المُخدَعِ من الإِخْدَاع ، وهو الإِخْفَاءُ ، وحُكِيَ في المُخْدَع أَيْضاً الفَتْحُ عن أَبِي سُلَيْمَانَ الغَنَوِيّ. واخْتَلَفَ في الفَتْحِ والكَسْرِ القَنَانِيّ وأَبو شَنْبَلٍ ، فَفَتَحَ أَحَدُهُمَا وكَسَرَ الآخَرُ. وبيْتُ الأَخْطَل :
صَهْباء قَدْ كَلِفَتْ من طُولِ ما حُبِسَتْ |
|
في مَخْدَعٍ بَيْنَ جَنَّاتٍ وأَنْهَارِ |
يُرْوَى بالوُجوه الثَّلاثَةِ : فالفَتْحُ يُسْتَدْرَكُ به عَلَى المُصَنَّف والجَوْهَرِيّ والصّاغَانِيّ ، فإِنَّهُم لم يَذْكُرُوه. وقالَ بَعْضُهُمْ : أَخْدَعَهُ : أَوْثَقَهُ إِلَى الشَّيْءِ.
وِأَخْدَعَهُ : حَمَلَهُ عَلَى المُخَادَعَةِ. ومنه قِرَاءَةُ يَحْيَى بنِ يَعْمُر : وما يُخدِعُون إِلَّا أَنْفُسَهُمْ (٢) بضم الياء ، وكسر الدال.
وِالمُخَدَّعُ ، كمُعَظَّمٍ : المُجَرَّب ، وقَدْ خُدِعَ مِراراً حَتَّى صارَ مُجرَّبا ، كما في الصّحاح.
وفي اللَّسَانِ : رَجُلُ مُخَدَّعُ : خُدِعَ في الحَرْبِ مَرّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتّى حَذِقَ.
وِالمُخَدَّعُ : المُجَرَّبُ لِلأُمُورِ.
وقَالَ ابنُ شُمَيْلٍ : رَجُلٌ مُخَدَّع ، أَيْ مُجَرّب (٣) صاحِبُ دَهَاءِ وَمكْرٍ ، وقد خُدَّعَ. وأَنشد :
أَبايعُ بَيْعاً مِنْ أَرِيبٍ مُخَدَّعِ
وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لأَبِي ذُؤَيْبٍ :
فَتَنَازَلا وتَوَاقفت خَيْلَاهُمَا |
|
وِكِلَاهُمَا بَطَلُ اللِّقَاءِ مُخدَّعُ |
ورَوَى الأَصْمَعِيّ ، فَتنادَيَا. ورَوَى مَعمَرٌ : فَتَبَارَدَا. وقَالَ أَبو عُبَيْدَة : مُخدَّعٌ : ذُو خُدْعَةٍ في الحَرْبِ ، ويُرْوَى : مُخذَّعٌ ـ بالذالِ المُعْجَمَة ـ أَي مَضْرُوبٌ بالسَّيْفِ مَجْرُوحٌ.
وِالتَّخْدِيعُ : ضَرْبٌ لا يَنْفُذُ ولا يَحِيكُ ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ.
وِتَخَادَعَ : أَرَى مِنْ نَفْسِه أَنَّهُ مَخْدُوعٌ ولَيْسَ بهِ ، كانْخَدَعَ. وانْخَدَعَ أَيْضاً مُطَاوِعُ خَدَعْتُه.
وقَالَ اللَّيْثُ : انْخَدَعَ : رَضِيَ بالخَدْعِ.
وِالمُخَادَعَةُ في الآيَةِ الكَريمَة ، وهُوَ قَوْلُه تَعالَى :(يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلّا أَنْفُسَهُمْ) :إِظْهَارُ غَيْرِ ما فِي النَّفْسِ وذلِكَ أَنَّهُمْ أَبْطَنُوا الكُفْرَ وأَظْهَرُوا الإِيمانَ ، وإذا خَادَعُوا المُؤْمِنِينَ فقَدْ خادَعُوا الله ، ونُسِبَ ذلِكَ إِلَى الله تَعَالَى مِنْ حَيْثُ أَنَّ مُعَامَلَةَ الرَّسُولِ كمُعَامَلَتِهِ ، ولِذلِكَ قالَ : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) (٤).
وجَعَلَ ذلِكَ خِدَاعاً تَفْظِيعاً لِفِعْلِهِمْ ، وتَنْبِيهاً عَلَى عِظَمِ
__________________
(١) في الصحاح : مثال : المُصْحَفِ والمِصْحَفِ.
(٢) سورة البقرة الآية ٩.
(٣) التهذيب واللسان : مجرَّس.
(٤) سورة الفتح الآية ١٠.