فَكَأَنَّهَا بالجِزْعِ بَيْنَ نُبَايِعٍ |
|
وِأَولَاتِ ذِي العَرْجاءِ نَهْبُ مُجْمَعُ |
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ : الإِجْمَاعُ : الإِعْدَادُ يُقَالُ : أَجْمَعْتُ كَذَا ، أَيْ أَعْدَدْتُهُ. قُلْتُ : وهُوَ قَوْلُ الفَرّاءِ.
وِالإِجْمَاعُ أَيْضاً : التَّجْفِيفُ والإِيباسُ (١) ومِنْهُ قَوْلُ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :
وِأَجْمَعَتِ الهَوَاجِرُ كُلَّ رَجْعِ |
|
مِنَ الأَجْمَادِ والدَّمَثِ البَثَاءِ |
أَجْمَعَتْ ، أَيْ أَيْبَسَتْ. والرَّجْعُ : الغَدِيرُ. والبَثَاءُ :السَّهْلُ.
وِالإِجْمَاعُ : سَوْقُ الإِبِلِ جَمِيعاً ، وبه فُسَّرَ أَيْضاً قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ.
وِقالَ الفَرّاءُ : الإِجْمَاعُ : العَزْمُ علَي الأَمْرِ والإِحْكَامُ عَلَيْه. تَقُولُ : أَجْمَعْتُ الخُرُوجَ ، وأَجْمَعْتُ عَلَيْه ، وبه فُسَّرَ قَوْلُهُ تَعَالَي : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) (٢) قال : ومَنْ قَرَأَ «فاجْمَعُوا» فمَعْنَاه ، لا تَدَعُوا شَيْئاً مِن كَيْدِكُمْ إِلّا جِئْتُم به. وفي صَلاةِ المُسَافِرِ : «ما لَمْ أَجْمَعْ مُكْثاً» ، أَىْ ما لَمْ أَعْزِمٍ عَلَي الْإِقَامَةِ. وأَجْمَعْتُ الرَّأْيَ وأَزْمَعْتُه ، وعَزَمْتُ عَلَيْه : بمَعْني. ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عَن الكِسَائِيّ ، يُقَالُ : أَجْمَعْتُ الأَمْرَ وعَلَيْهِ ، إِذا عَزَمْتَ عَلَيْهِ. زادَ غَيرهُ : كَأَنَّهُ جَمَعَ نَفْسَهُ له. والأَمْرُ مُجْمَعُ ، زادك الجَوْهَرِي : ويُقَالُ أَيْضاً : أَجْمِعْ أَمْرَكَ ولا تَدَعْهُ مُنْتَشِراً. قال الشّاعِرُ وهو أَبُو الحَسْحاسِ :
تُهِلُّ وتَسْعَى بالمَصَابِيحِ وَسْطَها |
|
لَها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفَرَّقُ ، مُجْمَعُ |
وقالَ آخَرُ :
يا لَيْتَ شِعْرِي والمُنَى لا تَنْفَعُ |
|
هَلْ أَغدُونْ يَوْماً وأَمْرِي مُجْمَعُ؟ |
وأَنْشَدَ الصّاغَانِيّ لذِي الإِصْبَع العَدْوَانِيّ :
وِأَنْتُمُ مَعْشَرُ زَيْدُ عَلَى مِائَةٍ |
|
فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ طُرَّا فِكيدُونِي |
وقَالَ الرّاغِبُ : وأَكْثَرُ ما يُقَالُ فِيما يَكُونُ جَمْعاً يُتَوَصَّلُ إِلَيْهِ بالنَّكِرَة.
وِقال الكِسَائِيُّ : المُجْمِعُ كمُحْسِنٍ : العَامُ المُجْدِبُ ، لاجْتِمَاعِهمْ في مَوْضِعِ الخِصْب. وقَوْلُهُ تَعَالَي : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) (٣) قالَ ابنُ عَرَفَةَ : أَيْ اعْزِمُو عَلَيْه. زادَ الفَرّاءُ :وأَعِدُّوا له. وقالَ أَبُو الهَيْثَمِ : أَي اجْعَلُوهُ جَمِيعاً. وأَمَّا قَوْلُه : وَشُرَكاءَكُمْ ، فقالَ الجَوْهَرِيُّ : أَيْ : وَادْعُوَ شُرَكَاءَكُمْ ، وهو قَوْلُ الفَرّاءِ ، وكَذلِكَ ، قِرَاءَةُ عَبْدِ الله ونُصِبَ (شُرَكاءَكُمْ) بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ لأَنَّه لا يُقَالُ : أَجْمِعُوا شُرَكَاءَكم ونَصُّ الجَوْهَرِيّ :لِأَنَّهُ لا يُقَالُ : «أَجْمَعْتُ شُرَكَائِي ، إِنَّمَا يُقَالُ : جَمَعْتُ». قال الشاعِرُ :
يا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا |
|
مُتَقَلَّدا سَيْفاً ورُمْحَا |
أَيْ وحَامِلاً ورُمْحاً ، لأَنَّ الرُّمْحَ لا يُتَقَلَّدُ. أَو المَعْني أَجْمِعُوا مع شُرَكَائِكُمْ علي أَمْرِكُم قالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ. قالَ : والواوُ بِمَعْنَي مع ، كَمَا يُقَالُ : لَوْ تَرَكْتَ الناقَةَ وفَصِيلَها لرَضَعَها. أَيْ مع فَصِيلِها. قالَ : والَّذِي قالَهُ الفَرّاءُ غَلَطُ ، لأَنَّ الكَلامَ لا فَائِدَةَ لَهُ ، لأَنَّهُمْ كانُوا يَدْعُونَ (٤) شُرَكَاءَهُمْ ، لِأَن يُجْمِعُوا أَمْرَهُمْ ، وإِذا كانَ الدُّعَاءُ لِغَيْرِ شَيْءٍ فلا فائِدَةِ فِيهِ.
وِالمُجْمَعَةُ ، بِبنَاءِ المَفْعُولِ مُخَفَّفَةً : الخُطْبَة الَّتِي لا يَدْخُلُهَا خَلَلُ ، عَن ابنِ عَبّادٍ.
وِأَجْمَعَ : المَطَرُ الأَرْضَ ، إِذا سالَ رَغَابُهَا وجَهَادُهَا كُلُّهَا وكَذلِكَ أَجْمَعَتِ الأَرْضُ سائلَةً.
وِالتَّجْمِيع : مُبَالِغَةُ الجَمْعِ. وقالَ الفَرّاء : إِذا أَرَدْتَ جَمْعَ المُتَفَرَّقِ قُلْتَ : جَمَعْتُ القَوْمَ فهم مَجْمُوعُونَ ، قالَ الله تَعَالَي : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ) (٥) قَالَ : وإِذَا أَرَدْتَ كَسْبَ المالِ قُلْتَ : جَمَّعْتُ المَالَ ، كقَوْلِه تَعَالَي : جَمَّعَ مَالاً وَعَدَّدَه (٦) وقد يجُوز (جَمَعَ مالاً) بالتَّخْفِيفِ. قال
__________________
(١) علي هامش القاموس عن نسخة أخرى : «والتخفيف والإيناس».
(٢) سورة طه الآية ٦٤.
(٣) سورة يونس الآية ٧١.
(٤) بالأصل : «كانوا يدعون مع شركائهم» والمثبت عن التهذيب واللسان.
(٥) سورة هود الآية ١٠٣.
(٦) سورة الهمزة الآية ٢ وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وأبي جعفر وروح ، وقراءة حفص أجمع» بالتخفيف. انظر اتحاف فضلاء البشر ص ٤٤٣.