فَلَيْتَ كَوانِيناً مِنَ اهْلِي وأَهْلِها |
|
بأَجْمُعِهِمْ في لُجَّةِ البَحْرِ لَجَّجُوا |
وِجِمَاعُ الشَّيْءِ ، بالكَسْرِ : جَمْعُهُ ، يُقَالُ : جِمَاعُ الخِبَاءِ الأَخْبِيَةُ ، أَي جَمْعُهَا ، لأَنَّ الجِمَاعَ : ما جَمَعَ عَدَداً. يُقَالُ : «الخَمْرُ جِمَاعُ الإثْم» كَمَا في الصّحاح ، أَيْ مَجْمَعُه ومَظِنَّتُهُ. قُلْتُ : وهُوَ حَدِيثٌ (١) ، ومِنْهُ أَيْضاً قَوْلُ الحَسَن (٢) البَصْرِيّ رَحِمَةُ الله تَعَالَى : «اتَّقُوا هذِهِ الأَهْوَاءَ فإِنَّ (٣) جِمَاعَهَا الضَّلالَةُ ، ومَعَادَهَا النار» وكَذلِكَ الجَمِيعُ ، إِلّا أَنّهُ اسْمٌ لازِمُ. وفِي الحَدِيثِ : «حَدَّثْنِي بِكَلِمَةٍ تَكُونُ جِمَاعاً ، فقالَ : اتَّقِ الله فيما تَعْلَم» أَيْ كَلِمَةٍ تَجْمَعُ كَلِمَاتٍ.
وِفي الحَدِيثِ : «أُوتِيتُ جَوامِعَ الكَلِمِ ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ» ويُرْوَى : «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ» أَي القُرْآن ، جَمَع الله بلُطْفِه له في الألْفَاظِ اليَسِيرَةِ مِنْهُ مَعَانِيَ كَثِيرَةً ، كقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : (خُذِ العَفْوَ ، وأْمُرْ بِالْعُرْفِ ، وأَعْرِضْ عَنِ الجاهِلِينَ) (٤) وكَذلِكَ ما جَاءَ فِي صِفَتِهِ صلىاللهعليهوآله أنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ.
أَي أنَّهُ كانَ كَثِيرَ المَعَانِي ، قَلِيلَ الأَلْفَاظِ ، ومِنْهُ أَيْضاً قَوْلُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ : «عَجِبْتُ لِمَنْ لاحَنَ الناسَ كَيْفَ لا يَعْرِفُ جَوَامِعَ الكَلِمِ» ، مَعْنَاه : كَيْفَ لا يَقْتَصِرُ عَلَى الإيجازِ وتَرْكِ الفُضُولِ مِن الكَلامِ.
وِسَمَّوْا جَمّاعاً ، وجَمَاعَةَ ، وجُمَاعَةَ ، كشَدّادٍ وقَتَادَةَ وثُمَامَةَ ، فمِنَ الثّانِي جَمَاعَةُ بنُ عَلِيَّ بنِ جَمَاعَةَ بنِ حازِمِ بنِ صَخْرِ بنِ عَبْدِ الله بنِ جَمَاعَةَ ، مِنْ وَلَدِ مالِك بنِ كِنَانَةَ ، بَطْنٌ ، مِنْ وَلَدِهِ : البُرْهَانُ إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدِ الله بنِ أَبِي الفَضْلِ سَعْدِ للهِ بنِ جَمَاعَةَ ، وُلِدَ بِحَماةَ سَنَةَ خَمْسِمَائَةٍ وسِتَّةٍ وتِسْعِينَ ، وهو أَوَّلُ مَنْ سَكَنَ بَيْتَ المَقْدِسِ ، وتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ سِتّمائةٍ وخَمْسَةٍ وسَبْعِين ، ووَلَدَاهُ : أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ الله ، وأَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمنِ. فمِن ولَدِ الأَخِيرِ قاضِي القُضَاةِ البَدْرُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، تُوُفِّيَ بمِصْرَ سَنَةَ سَبْعِمِائَة وثَلاثَةٍ وثَلاثِينَ. وحَفِيداهُ : السَّراجُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ مَحَمَّدٍ ، والبُرْهَانُ إِبْرَاهِيمُ بنُ عَبْد الرَّحِيمِ بنِ مُحَمَّدِ ، مَشْهُورانِ ، الأَخِيرُ حَدَّث عَن الذَّهَبِيّ ، وتُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِمَائَة وتِسْعِينَ ، وتُوُفِّيَ السَّرَاجُ عُمَرُ سنة سَبْعِمَائَةِ وسِتَّةٍ وسَبْعِينَ ، ووَلَدُهُ المُسْندُ الجَمَالُ عَبْدُ الله بنِ عُمَرَ ، أَجازَ لَهُ وَالِدُهُ وجَدُّهُ. ومِنْهُم الحافِظُ المُحَدَّثُ أَبُو الفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ الله بن حَمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ عبدِ الرَّحْمنِ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعْدِ الله بنِ جَمَاعَةَ ، حَدَّثَ عن الحافِظِ بنِ حَجَرٍ. ومِنْ وَلَدِه شَيخُ مَشَايخِنَا أُعْجُوبَةُ العَصْرِ عَبْدُ الغَنِيَّ بن إِسْمَاعِيلَ بن عَبْد الغَنِيَّ بن إِسْمَاعِيلَ ، بن أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ إِسْمَاعِيل وُلِدَ سَنَةَ أَلف ومِائَةٍ وثَلاثَةٍ وأَرْبَعِينَ ، عَنْ ثَلاثَةٍ وتِسْعِينَ ، حَدَّثَ عَنْ وَالِدِهِ ، وعَنِ الشَّيْخِ تَقِيَّ الدَّينِ بن عَبْدِ الباقي الأَتْرِبِيّ ، وعَنِ النَّجْمِ الغَزِّيّ ، والضَّيَاءِ الشَّبْرَاملسِيّ ، وغَيْرِهِم ، رَوَى عنه عِدَّةٌ مِن مَشَايِخنَا ، وبالجُمْلَةِ فَبَيْتُ (٥) بَنِي جَمَاعَةُ بن الحَسَن ، حدَّثَ عَنْهُ سَعِيدُ بن غُفَيْر. وخَلِيلُ بن جُمَاعَةَ ، رَوَى عن رُشْد بن سعد ، وعنه يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صالِح ، قالَهُ ابنُ يونُس ، وضَبَطَهُ ابنُ نُقْطَةَ. وجُشَم بن بِلالِ بن جُمَاعَةَ الضُّبَعِيّ جَدٌّ للمُسَيَّب بنِ عَلَسٍ الشاعِر ، ذَكَرَه الرُّشَاطِيّ.
وِقالَ الكِسَائيُّ : يُقَالُ : ما جَمَعْتُ بِامْرَأَةِ قَطُّ ، وعَن امْرَأَةٍ ، أَيْ ما بَنَيْتُ.
وِالإِجْمَاعَ ، أَي إِجْمَاعُ الأُمَّةِ : الإِتَّفَاقُ ، يقال : هذتا أَمْرُ مُجْمَعٌ عَلَيْه : أَيْ مُتَّفَقٌ عليه. وقالَ الرّاغِبُ : أَي اجْتَمَعَتْ آرَاؤُهُم علَيْه.
وِالإجْمَاعُ : صَرُّ أَخْلافِ النَّاقَةِ جُمَعَ ، يُقَالُ : أَجْمَعَ النّاقَةَ ، وأَجْمَعَ بها ، وكَذلِكَ أَكْمَشَ بِهَا.
وقالَ أَبُو الهَيْثَمِ : الإِجْمَاعُ : جَعْلُ الأَمْرِ جَمِيعاً بَعْدَ تَفَرُّقِهِ. قالَ : وتَفَرُّقُهُ أَنَّهُ جَعَلَ يُدِيرُهُ فَيَقُولُ مَرَّةً أَفْعَلُ كَذَا ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى أَمْرٍ مُحْكَم أَجْمَعَهُ ، أَيْ جَعَلَهُ جَمِيعاً ، قالَ : وكذَلِكَ يُقَالُ : أَجْمَعْتُ النَّهْبَ ، والنَّهْبُ : إِبلُ القَوْمِ الَّتِي أَغارَ عَلَيْهَا اللُّصُوصُ ، فكَانَتْ مُتَفَرَّقَةً في مَرَاعِيهَا ، فجَمَعُوها مِن كُلَّ ناحِيَة ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ لَهُمْ ، ثُمَّ طَرَدُوهَا وسَاقُوها ، فإذا اجْتَمَعَتْ قِيلَ : أَجْمَعُوها ، وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ حُمُراً :
__________________
(١) ورد في النهاية.
(٢) في اللسان «الحسين رضياللهعنه». والأصل كالنهاية.
(٣) في اللسان : «التي جماعها ... وميعادها النار».
(٤) سورة الأعراف الآية ١٩٩.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وبالجملة الخ هكذا في النسخ التي بأيدينا فحرره» وبهامش المطبوعة الكويتية : «ولعل العبارة : فبيت بين جماعة بيت مشهور. ومن الثالث : جُمَاعةُ بن الحسن» وبه يتضح السياق ويكتمل المعنى وينتفي القلق.