قَالَ وأَمَّا قَوْلُ الشّاعِرِ ، وهو الأَخْطَلُ يَمْدَحُ بِشْرَ بنَ مَرْوانَ :
يا بِشْرُ لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْكُم بمَنْزِلَةٍ |
|
أَلْقَى عَلَيَّ يَدَيْهِ الأَزْلَمُ الجَذَعُ |
ويُرْوَى «يَدَيْهِ عَلَيَّ» فيُقَالُ الدَّهْرُ ، ويُقَالُ : هو الأَسَدُ.
وفي اللِّسَانِ : وهذا القَوْلُ خَطَأٌ. قال ابْنُ بَرِّيّ : قَوْلُ مَنْ قالَ : إِنَّ الأَزْلَمَ الجَذَعَ : الأَسَدُ لَيْسَ بشَيْءٍ.
ويُقَالُ : لا آتِيكَ الأَزْلَمَ الجَذَعَ ، أَي لا آتِيكَ أَبَداً ، لأَنَّ الدَّهْرَ أَبَداً جَدِيدٌ ، كأَنَّهُ فَتِيٌّ لَمْ يُسِنَّ.
وِمِنَ المَجَازِ : أُمُّ الجَذَعِ : الدَّهْرُ جَذَعٌ أَبَداً ، أَيْ جَدِيدٌ ، كَأَنَّهُ شَابٌّ لا يَهْرَمُ. وقال ثَعْلَبٌ : الجَذَعُ مِنْ قَوْلِهِم : الأَزْلَمُ الجَذَعُ :كُلُّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ. هكَذَا حَكَاهُ. قالَ ابْنُ سِيدَه : ولا أَدْرِي وَجْهَه.
وِالجَذْعَمَةُ : الصَّغِيرَةُ ، وأَصْلُهَا جَذَعَةٌ ، والمِيمُ زائِدَةٌ للتَّوْكِيدِ ، كالَّتِي فِي : زُرْقُم ، وفُسْحُم ، وسُتْهُم ودِرْدِم ، ودِلْقِمٍ ، وشَجْعَم ، وصِلْدِم ، وضِرْزِمِ ، ودِقْعِم ، وحِصْرِم لِلْبَخِيل ، وعَرْزَم ، وشَدْقَم ، وعَلْقَم ، وجَلْعَم ، وجُلْهُم (١) وصَلَخْدَم ، وحُلْقُوم. وفي حَدِيث عَلِيّ رضياللهعنه أَنَّهُ قالَ : «أَسْلَمَ ـ والله ـ أَبُو بَكْرٍ وأَنَا جَذْعَمَةٌ أَقُولُ فَلا يُسْمَعُ ، فَكَيْفَ أَكُونُ أَحَقَّ بمَقَامِ أَبِي بَكْرٍ رضياللهعنه؟أَيْ جَذَع حَدِيثُ السِّنِّ غَيْرُ مُدْرِكٍ. وفي تَاءِ الجَذْعَمة وَجْهَانِ :أَحَدُهُمَا المُبَالَغَةُ ، والثانِي التَّأْنِيثُ ، علَى تَأْوِيلِ النَّفْسِ أَو الجُثَّة.
وِجَذَعَ الدَّابَّةَ ، كَمَنَعَ : حَبَسَهَا عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ للعَجّاجِ :
كَأَنَّهُ مِنْ طُولِ جَذْعِ العَفْسِ |
|
وِرَمَلَانِ الخِمْسِ بَعْدَ الخِمْسِ |
يُنْحَتُ من أَقْطَارِه بفَأْسِ
وِالمَجْذُوعُ : الَّذِي يُحْبَس علَى غَيْرِ مَرْعًى ، ويُرْوَى بالدَّالِ المُهْمَلَةِ أَيْضاً ، عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ ، وهُمَا لُغَتَانِ ، وقد تَقَدَّمَ. وجَذَعَ بَيْن البَعِيرَيْنِ ، إِذا قَرَنَهُمَا في قَرَنٍ ، أَيْ حَبْلٍ.
كَذَا في النَّوادِرِ.
وِالجِذَاعُ ، ككِتَابٍ : أَحْيَاءٌ من بَنِي سَعْدٍ (٢) ، مَشْهُورُونَ بهذَا اللَّقَبِ ، وخَصَّ أَبُوء عُبَيْدٍ بالجِذاعِ رَهْطَ الزِّبْرِقانِ. قالَ المُخَبَّلُ يَهْجُو الزِّبْرِقان :
تَمَنَّى حُصَيْنٌ أَنْ يَسُودَ جِذَاعُه |
|
فأَمْسَى حُصَيْنٌ قَدْ أَذَلَّ وأَقْهَرَا |
أَيْ قَدْ صارَ أَصْحَابُه أَذِلّاءَ مَقْهُورِين ، ورَواهُ الأَصْمَعِيّ : «قَدْ أُذِلَّ وأُقْهِرَا» ، فأُقْهِرَ في هذا لُغَةٌ في قُهِرَ ، أَوْ يَكُونُ أُقْهِرَ ، وُجِدَ مَقْهُوراً ، وقد تَقَدَّم البَحْثُ فيه في «ق هـ ر».
وِجُذْعَانُ الجِبَالِ ، بالضَّمِّ : صِغَارُهَا. قال ذُو الرُّمَّة يَصِفُ السَّرَابَ.
وِقَدْ خَنَّقَ الآلُ الشَّعافَ ، وغَرَّقَتْ |
|
جَوَارِيهِ جُذْعَانَ القِضَافِ النَّوابِكِ |
القِضَافُ : جَمْعُ قَضَفَةٍ ، وهِي قِطْعَةٌ ، من الأَرْضِ مُرْتَفِعَةٌ ، لَيْسَت بطِينٍ ولا حِجَارَةٍ ، ويُرْوَى : «البَرَاتِكِ» وهِيَ مِثْلُ القِضَافِ. قَالَ شَيْخُنَا : جُذْعانُ الجِبَالِ ، هكَذَا في النُّسَخِ العَتِيقَةِ ، وبَعْضُ أَرْبَابِ الحَوَاشِي قد حَرَّفَهُ بالمِيمِ فَقَالَ :الجِمَالِ ، وهو غَلَطٌ.
وِقَالَ ابنُ شُمَيْل : ذَهَبُوا جِذَعَ مِذَعَ ، كعِنَب ، مَبْنِيَّتَيْنِ بالفَتْح ، أَيْ تَفَرَّقُوا في كُلِّ وَجْهٍ لُغَةٌ في خِذَع ، بالخَاءِ المُعْجَمَة.
وِالجِذْعُ ، بالكَسْرِ : سَاقُ النَّخْلَةِ وقال بَعْضُهُمْ : لا يُسَمَّى جِذْعاً إِلّا بَعْد يُبْسِهِ. وقِيلَ : إِلَّا بَعْد قَطْعِهِ ، وقِيل : لا يَخْتَصُّ باليَابِسِ ولا بما قُطِعَ ، لقَوْلهِ تَعَالَى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) (٣) ورُدَّ بأَنَّهُ كانَ يَابِساً في الوَاقِعِ ، فلا تَدُلُّ الآيَةُ عَلَى تَقْيِيدٍ ولا إِطْلاقٍ ، كَمَا حُرِّرَ في تَفْسِيرِ البَيْضَاوِيّ وحَوَاشِيهِ. وفي الحَدِيثِ : «يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ القَذَى في عَيْنِ أَخِيهِ ، وَيَدَعُ الجِذْعَ في عَيْنَيْهِ» والجَمْع أَجْذَاعٌ وجُذُوعٌ.
وِجِذْع بنُ عَمْرٍو الغَسَّانِيُّ مَشْهُورٌ ، ومِنْهُ «خُذْ مِنْ جِذْعِ مال أَعْطَاكَ» يُقَالُ : كَانَتْ غَسَّانُ تَؤَدِّي كُلَّ سَنَةٍ إِلى مَلِكِ
__________________
(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «جلهتم».
(٢) في التكملة : «بني أسعد» والأصل والقاموس كالتهذيب واللسان.
(٣) سورة مريم الآية ٢٥.