وِوادَعَهُمْ مُوادَعَةً : صالَحَهُم وسالَمَهُمْ عَلَى تَرْكِ الحَرْبِ والأَذَى ، وأَصْلُ المُوَادَعَةِ : المُتَارَكَةُ ، أَيْ : يَدَعُ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمَا ما هُوَ فيهِ ، ومِنْهُ الحَدِيثُ : «كانَ كَعْبٌ القُرَظِيُّ مُوَادِعاً لِرَسُولِ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم».
وِتَوَادَعَا : تَصَالَحَا ، وأَعْطَى كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمْ (١) الآخَرَ عَهْدًا أَلّا يَغْزُوَه ، قالَهُ الأَزْهَرِيُّ.
وِتَوَدَّعَه : صانَهُ فِي مِيدَعٍ ـ أَي صِوانٍ ـ عَن الغُبَارِ ، وأَنْشَدَ شَمِرٌ قولَ عُبَيْدٍ الرّاعِي :
وِتَلْقَى جارَنَا يُثْنِي عَلَيْنَا |
|
إِذا ما حانَ (٢) يَوْماً أَنْ يَبِينَا |
ثَناءً تُشْرِقُ الأَحْسَابُ مِنْهُ |
|
بهِ نَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونَا |
أَي نَقِيهِ ونَصُونُه ، وقِيلَ : أَي نُقِرُّه عَلَى صَوْنِه وادِعاً.
وِتَوَدَّعَ فلانٌ فُلاناً : ابْتَذَلَهُ فِي حاجَتِهِ ، وكذلِكَ تَوَدَّعَ ثِيابَ صَوْنِهِ : إِذا ابْتَذَلَهَا ، فكأَنَّهُ ضِدٌّ.
وِيُقَالُ : تُوُدِّعَ مِنِّي ، مَجْهُولاً ، أَي : سُلِّمَ عَلَيَّ ، كذا في نَوَادِرِ الأَعْرابِ.
وِقَوْلُه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إِذا رَأَيْتَ أُمَّتِي تَهابُ الظّالِمَ ، أَنْ تَقُولَ :إِنَّكَ ظالِمٌ ، فقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُم» أَي : اسْتُرِيحَ مِنْهُم وخُذِلُوا ، وخُلِّيَ بَيْنَهُم وبَيْنَ ما يَرْتَكِبُونَ مِنَ المَعَاصِي حَتَّى يُكْثِرُوا مِنْهَا ، ولم يُهْدَوْا لِرُشْدِهِمْ حَتَّى يَسْتَوْجِبُوا العُقُوبَةَ فيُعَاقِبُهُم اللهُ تَعَالَى ، وهُوَ من المَجَازِ ، لأَنَّ المُعْتَنِيَ بإِصْلاحِ شَأْنِ الرَّجُلِ إِذا يَئِسَ مِنْ صَلاحِهِ تَرَكَه ، واسْتَرَاحَ مِنْ مُعَانَاةِ النَّصَبِ مَعَه ، ومِنْهُ الحَدِيثُ الآخَرُ : «إِذا لَمْ يُنْكِرِ النّاسُ المُنْكَرَ فقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُم» ، وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنه ـ : «إِذا مَشَتْ هذِه الأُمَّةُ السُّمَّيْهَى (٣) ، فقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهَا» ، أَو مَعْناه : صارُوا بحَيْثُ تُحُفِّظَ مِنْهُم وتُوُقِّيَ وتُصُوِّنَ ، كما يُتَوَقَّى مِنْ شِرَارِ النّاسِ ويُتَحَفَّظُ مِنْهُم ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِم : تَوَدَّعْتُ الشَّيْءَ : إِذا صُنْتَهُ فِي مِيدَعٍ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ :
وَدَّعَ صَبِيَّهُ تَوْدِيعاً : وَضَعَ في عُنُقِه الوَدَعَ.
والكَلْبَ : قَلَّدَه الوَدَع ، نَقَلَه ابنُ بَرِّيّ ، وقالَ الشّاعِرُ :
يُوَدِّعُ بالأَمْرَاسِ كُلَّ عَمَلَّسٍ |
|
مِنَ المُطْعِمَاتِ اللَّحْمِ غَيْرِ الشَّواجِنِ (٤) |
أَي : يُقَلِّدُها وَدَعَ الأَمْراسِ.
وذُو الوَدْعِ : الصَّبِيُّ ؛ لأَنَّه يُقَلِّدُها ما دَامَ صَغِيرًا ، قالَ جَمِيلٌ :
أَلَمْ تَعْلَمِي يا أُمَّ ذِي الوَدْعِ أَنَّنِي |
|
أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ وأَنْتِ صَلُودُ؟ |
وفي الحَدِيثِ : «مَنْ تَعَلَّقَ وَدْعَةً لا وَدَعَ اللهُ لَهُ» ، أَي : لا جَعَلَهُ فِي دَعَةٍ وسُكُونٍ ، وهُوَ لَفْظٌ مَبْنِيٌّ مِنَ الوَدَعَة ، أَي : لا خَفَّفَ اللهُ عَنْهُ ما يَخَافُه.
وهُوَ يَمْرُدُنِي الوَدْع ، ويَمْرُثُنِي ، أَي : يَخْدَعُنِي ، كما يُخْدَعُ الصَّبِيُّ بالوَدْعِ ، فيُخَلَّى يَمْرُثُها ، ويُقَالُ للأَحْمَقِ : هُوَ يَمْرُدُ الوَدْعَ ، يُشَبَّهُ بالصَّبِيِّ.
وفَرَسٌ مُوَدَّعٌ ، كمُعَظَّمٍ : مَصُونٌ مُرَفَّهٌ.
ودِرْعٌ مُوَدَّعٌ : مَصُونٌ فِي الصِّوَانِ.
وِالوَدِيعُ : الرَّجُلُ السّاكِنُ الهَادىءُ ذُو التُّدْعَةِ.
وِتَوَدَّعَهُ : أَقَرَّهُ عَلَى صَوَنِهِ وادِعاً ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الرّاعِي ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وِتَوَدَّعَ الرَّجُلُ : اتَّدَعَ ، فهُوَ مُتَوَدّعٌ ، والدَّعَةُ مِنْ وَقارِ الرَّجُلِ الوَدِيعِ ، وإِذا أَمَرْتَ الرَّجُلَ بالسَّكِينَةِ والوَقَارِ قُلْتَ :تَوَدَّعْ ، واتَّدِعْ.
وِأَوْدَعَ الثَّوْبَ : صانَهُ.
وِالمِيدَاعَةُ : الرَّجُلُ الَّذِي يُحِبُّ الدَّعَةَ ، قالَهُ الفَرّاءُ.
وِإِيتَدَعَ الدّابَّةَ : رَفَّهَها ، وتَرَكَها ولَمْ يَرْكَبْها ، وهو افْتَعَلَ مِنْ وُدَعَ ، ككَرُمَ.
__________________
(١) في التهذيب : «منهما».
(٢) بالأصل «إذا ما كان» والمثبت عن الديوان ص ٢٧٤ والبيتان في الديوان من قصيدة طويلة بينهما عشرون بيتاً.
(٣) في النهاية واللسان : السميهاء.
(٤) البيت للطرماح ، ديوانه ص ٥٠٥ وفيه «يوزع» بدل «يودع» و «الشواحن» بدل «الشواجن».