أَو مُتَّدِعٌ : يَشْكُو عُضْوًا وسائِرُه صَحِيحٌ ، كما في المُحِيطِ.
وِفَرَسٌ مَوْدُوعٌ ، وَوَدِيعٌ ، ومُودَع كمُكْرَمٍ : ذُو دَعَةٍ ، وقَدْ تَقدَّمَ هذا بِعَيْنِهِ ، وذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّ مُودَعاً جاءَ عَلَى الأَصْلِ ، مُخَالِفاً لِلْقِياسِ ، فإِنَّ ماضِيَهُ وَدَّعَهُ تَوْدِيعاً : إِذا رَفَّهَه ، ثُمَّ هذا الَّذِي ذَكَرَهُ تَكْرَارٌ مَعَ ما سَبَقَ لَهُ ، فتَأَمَّلْ.
وِاتَّدَعَ بالإِدْغَامِ تُدْعَةً ، وتُدَعَةً ، وَدَعَةً تَقارَّ ، قالَ سُوَيْدٌ اليَشْكُرِيُّ ، يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا :
ثُمَّ وَلَّى وجِنَابَانِ (١) لَه |
|
مِنْ غُبَارٍ أَكْدَرِيٍّ واتَّدَعْ |
وِالوَدْعُ ، بالفَتْحِ القَبْرُ ، أَو الحَظِيرَةُ حَوْلَه ، والَّذِي حَكاهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ ـ عَن المَسْرُوحِيِّ ـ أَنَّ الوَدْعَ : حائِرٌ يُحَاطُ عليهِ حائِطٌ ، يَدْفِنُ فيهِ القَوْمُ مَوْتَاهُم ، وأَنْشَدَ :
لَعَمْرِي لَقَدْ أَوْفَى ابنُ عَوْفَ عَشِيَّةً |
|
عَلَى ظَهْرِ وَدْعٍ أَتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُه |
وِفِي الوَدْعِ لَوْ يَدْرِي ابْنُ عَوْفٍ عَشِيَّةً |
|
غِنَى الدَّهْرِ أَو حَتْفٌ لِمَنْ هُوَ طالِعُهْ |
ولهذِيْنِ البَيْتَيْنِ قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ نَقَلَها المَسْرُوحِيُّ ، تَقَدَّمَ ذِكْرُها في «ج م هـ ر» (٢) ، وجَمْع الوَدْعِ وُدُوعٌ ، عن المَسْرُوحِيِّ أَيْضاً.
وِالوَدْعُ : اليَرْبُوعُ ، ويُحَرَّكُ ، كِلاهُمَا فِي المُحِيطِ ، وفِي اللّسَانِ كالأَوْدَعِ ، وهذا عَن الجَوْهَرِيِّ ، قال : هُو مِن أَسْمَائِه.
وِاسْتَوْدَعْتُه وَدِيعَةً : اسْتَحْفَظْتُه إِيّاهَا قالَ الشّاعِرُ :
اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطَاسٌ فضَيَّعَهُ |
|
فَبِئْسَ مُسْتَوْدَعُ العِلْمِ القَرَاطِيسُ |
كما فِي الصِّحاحِ ، وفي اللِّسَانِ : اسْتَوْدَعَهُ مالاً ، وأَوْدَعَهُ إِيّاهُ : دَفَعَهُ إِلَيْه لِيَكُونَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً ، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ :
حَتَّى إِذا ضَرَبَ القُسُوسُ عَصَاهُمُ |
|
وِدَنَا مِنْ المُتَنَسِّكِينَ رُكُوعُ |
أَوْدَعْتَنا أَشْيَاءَ ، واسْتَوْدَعْتَنَا |
|
أَشْيَاءَ لَيْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ |
وِالمُسْتَوْدَعُ ، عَلَى صِيغَةِ المَفْعُولِ ، في شِعْرِ سَيِّدِنا أَبِي عَبْدِ الله العَبّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَمْدَحُه صلىاللهعليهوآلهوسلم :
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلالِ وفِي |
|
مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ |
هُوَ المَكَانُ الّذِي تُجْعَلُ فيهِ الوَدِيعَةُ ، وأَرادَ بهِ المَكَانُ الّذِي جُعِلَ فيهِ آدَمُ وحَوّاءُ ، عَلَيْهَما السَّلامُ مِنَ الجَنَّةِ ، واسْتُودَعَاهُ ، وقولُه : «يُخْصَفُ الوَرَقُ» ، عَنَى بهِ قَوْلَه تَعَالَى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) (٣) ، وقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ :
كَأَنَّهَا أُمُّ ساجِي الطَّرْفِ أَخْدَرَهَا |
|
مُسْتَوْدَعٌ خَمَرَ الوَعْسَاءِ مَرْخُومُ (٤) |
أَيْ تُوارِي وَلَدَ هذِه الظَّبْيَةِ الخَمَرُ ، وقَوْلُ عَبْدَةَ بنِ الطَّبِيبِ العَبْشَمِيّ :
إِنَّ الحَوَادِثَ يَخْتَرِمْنَ ، وإِنَّمَا |
|
عُمْرُ الفَتَى فِي أَهْلِه مُسْتَوْدَعُ |
أَيْ وَدِيعَةٌ يُسْتَعادُ ويُسْتَرَدُّ.
أَو المُسْتَوْدَعُ : الرَّحِمُ ، وقَوْلُه تَعالَى : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) (٥) المُسْتَوْدَعُ : ما فِي الأَرْحَامِ ، وقَرَأَ ابنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو : «فمُسْتَقِرُّ» بكسِر القافِ ، وقَرَأَ الكُوفِيُّونَ ، ونافِعٌ وابنُ عامِرٍ ، بالفَتْحِ ، وكُلُّهُم قالُوا :(فَمُسْتَقَرٌّ) فِي الرَّحِمِ ، (وَمُسْتَوْدَعٌ) في صُلْبِ الأَبِ ، رُوِيَ ذلِكَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ ، ومُجَاهِدٍ ، والضَّحّاكِ ، ومَنْ قَرَأَ بِكَسْرِ القافِ قالَ : مُسْتَقِرٌّ فِي الأَحْيَاءِ ، (وَمُسْتَوْدَعٌ) في الثَّرَى.
__________________
(١) عن المفضلية رقم ٤٠ وبالأصل «وضباتان».
(٢) كذا بالأصل ولم يرد في مادة جمهر ، والقصة وردت في اللسان «ودع» عن المسروحي قال : سمعت رجلاً من بني رويبة بن قصيبة بن نصر بن سعد بن بكر ، يقول : أوفى رجل منا على ظهر ودع بالجمهورة وهي حرة لبني سعد بن بكر ، قال : فسمعت قائلاً يقول ما أنشدناه ، قال : فخرج ذلك الرجل حتى أتى قريشاً فأخبر بها رجلاً من قريش فأرسل معه بضعة عشر رجلاً ، فقال : احفروه واقرأوا القرآن عنده واقلعوه ، فأتوه فقلعوا منه فمات ستة منهم أو سبعة وانصرف الباقون ذاهبة عقولهم فزعاً فأخبروا صاحبهم فكفوا عنه ، قال : ولم يعد له بعد ذلك أحد.
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٢.
(٤) بالأصل «مرضوم» والمثبت عن الديوان.
(٥) سورة الأنعام الآية ٩٨.