بالهَاءِ رَفَعْتَ ، وقُلْتَ : يَوْجَعُه رَأْسُه كَمَا في الصِّحاحِ ، كيَمْنَعُ فِيهِمَا ، ولو قالَ : كيَسْمَعُ كانَ أَحْسَنَ.
ثُمّ قالَ الجَوْهَرِيُّ : وأَنَا أَيْجَعُ رَأْسِي ، ويَوْجَعُنِي (١) رَأْسِي ، ولا تَقُلْ يُوجِعُنِي ، فإِنَّ ضَمّ الياءِ لَحْنٌ وهِيَ لُغَةُ العامَّةِ ، قالَ الصّاغَانِيُّ ـ فِي التَّكْمِلَةِ ـ قالَ الجَوْهَرِيُّ :فُلانٌ يَوْجَعُ رَأْسَهُ ، نَصَبْتَ الرَّأْسَ ، ولم يَذْكُرِ العِلَّةَ في انْتِصَابِهِ ، كما هُوَ عادَتُه في ذِكْرِ فَرائِدِ العَرَبِيَّةِ ، والفَوَائِدِ النَّحْوِيَّةِ ، وهذِه المَسْأَلَةُ فِيها أَدْنَى غُمُوضٍ ، قالَ الفَرّاءُ :يُقالُ للرَّجُلِ : وَجِعْتَ بَطْنَكَ ، مثل : سَفِهْتَ رَأْيَكَ ، ورَشِدْتَ أَمْرَكَ ، قالَ : وهذا مِنَ المَعْرِفَةِ الَّتِي كالنَّكِرَةِ ؛ لأَنَّ قَوْلَكَ : بَطْنَكَ مُفَسِّرٌ ، وكَذلِكَ : غَبِنْتَ رَأْيَكَ ، والأَصْلُ فيهِ :وَجِعَ رَأْسُكَ ، وأَلِمَ بَطْنُكَ ، وسَفِهَ رَأْيُكَ ونَفْسُكَ ، فلمّا حُوِّلَ الفِعْلُ خَرَجَ قَوْلُكَ : وَجِعْتَ بَطْنَكَ ، وما أَشْبَهَهُ مُفَسِّرًا ، قال :وجاءَ هذا نادِرًا في أَحْرُفٍ مَعْدُودَةٍ ، وقالَ غَيْرُه : إِنَّمَا نَصَبُوا وَجِعْتَ بَطْنَكَ بنَزْعِ الخافِضِ مِنْهُ ، كأَنَّه قالَ : وَجِعْتَ مِنْ بَطْنِكَ ، وكَذلِكَ : سَفَهْتَ فِي رَأْيِكَ ، وهذَا قَوْلُ البَصْرِيِّينَ ؛ لأَنَّ المُفَسِّراتِ لا تَكُونُ إِلّا نَكِرَاتٍ.
وِضَرْبٌ وَجِيعٌ : مُوجِعٌ ، وهُوَ أَحَدُ ما جاءَ عَلَى فَعِيلٍ مِنْ أَفْعَلَ ، كَما يُقَالُ : عَذَابٌ أَلِيمٌ بمَعْنَى مُؤْلِمٍ ، قالَ المَرّارُ بنُ سَعِيد :
وِقَدْ طالَتْ بِكَ الأَيّامُ حَتّى |
|
رَأَيْتَ الشَّرَّ والحَدَثَ الوَجِيعَا |
وقِيلَ : ضَرْبٌ وجِيعٌ وأَلِيمٌ : ذُو وَجَع وأَلَمٍ.
وِالوَجْعاءُ : ع قالَ أَبُو خِراشٍ (٢) الهُذَلِيَّ :
وِكادَ أَخُو الوَجْعَاءِ لَوْلا خُوَيْلِدٌ |
|
تَفَرَّعَنِي بنَصْلِه غَيْرَ قاصِدِ |
وأَخُوها : صاحِبُهَا ، وَتَفَرَّعَنِي : عَلانِي بنَصْلِ السَّيْفِ غَيْرَ مُقْتَصِدٍ.
وِالوَجْعاءُ : السّافِلَةُ ، وهي الدُّبُرُ* مَمْدَوُدَة ، قال أَنَسُ بنُ مُدْرِكَةَ الخَثْعَمِيُّ :
غَضِبْتُ (٣) للمَرْءِ إِذْ نِيكَتْ حَلِيلَتُهُ |
|
وِإِذْ يُشَدُّ عَلَى وَجْعَائِهَا الثَّفَرُ |
أَغْشَى الحُرُوبَ وسِرْبَالِي مُضَاعَفَةٌ |
|
تَغْشَى البَنانَ وسَيْفٌ صارِمٌ ذَكَرُ |
إِنِّي وقَتْلِي سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَه |
|
كالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمّا عافَتِ البَقَرُ |
يَعْنِي أَنّهَا بُوضِعَتْ ، والجَمْعُ وَجْعاواتٌ ، والسَّبَبُ فِي هذا الشِّعْرِ أَنَّ سُلَيْكاً مَرَّ فِي بَعْضِ غَزَواتِهِ بِبَيْتٍ مِنْ خَثْعَمٍ ، وأَهْلُه خُلُوفٌ ، فرَأَى فِيهِنَّ امْرَأَةً بَضَّةً شابَّةً ، فعَلاهَا ، فأُخْبِرَ أَنَسٌ بذلِكَ ، فأَدْرَكَه ، فَقَتَلَه.
وِفي الحَدِيثِ : «لا تَحِلُّ المَسْأَلَةُ إِلّا لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ» هو أَنْ يَتَحَمَّلَ دِيَّةً ، فيَسْعَى بِها حَتّى يُؤَدِّيَها إِلى أَوْلِياءِ المَقْتُولِ (٤).
وِقالَ أَبُو حَنِيفَةَ : أُمُّ وَجَعِ الكَبِدِ : بَقْلَةٌ من دِقِّ البَقْلِ ، يُحِبهَا الضَّأْنُ ، لَها زَهْرَةٌ غَبْرَاءُ فِي بُرْعُمَةٍ مُدَوَّرَةٍ ، ولَهَا وَرَقٌ صَغِيرٌ جِدًّا أَغْبَرُ سُمِّيَتْ لأَنَّهَا شِفَاءٌ مِنْ وَجَعِ الكَبِدِ قالَ :والصَّفَرُ إِذا عَضَّ بالشُّرْسُوفِ يُسْقَى الرَّجُلُ عَصِيرَها.
وِالجِعَةُ ، كعِدَةٍ : نَبِيذُ الشَّعِيرِ عن أَبِي عُبَيْدٍ : قالَ الجَوْهَرِيُّ : ولَسْتُ أَدْرِي ما نُقْصانُه ، وقالَ الصّاغَانِيُّ : فإِنْ كَانَتْ من بابِ ثِقَةٍ. وزِنَةٍ ، وعِدَةٍ ، فهذا مَوْضِعُ ذِكْرِها.
قلتُ : وقالَ ابنُ بَرِّيٍّ : الجِعَةُ لامُهَا واوٌ ، مِنْ جَعَوْتُ ، أَيْ : جَمَعْتُ ، كأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذلِكَ لِكَوْنِهَا تَجْعُو النّاسَ عَلَى شُرْبِها ، أَي تَجْمَعُهُم ، وذَكَرَ الأَزْهَرِيُّ هذا الحَرْفَ فِي المُعْتَلِّ لِذلِكَ ، وسَيَأْتِي هُنَاكَ ، إِنْ شاءَ اللهُ تَعالى.
وِأَوْجَعَهُ : أَلَمَهُ فهُوَ مُوجِعٌ ، وفي الحَدِيثِ : «مُرِي بَنِيكِ يُقَلِّمُوا أَظْفَارَهُمْ أَنْ يُوجِعُوا الضُّرُوعَ» أَي : لِئَلَّا يُوجِعُوهَا إِذا حَلَبُوها بأَظْفَارِهِمْ.
وِتَوَجَّعَ الرَّجُلُ : تَفَجَّعَ ، أَو تَشَكَّى الوَجَعَ ، وتَوَجَّعَ لِفُلانٍ مِنْ كَذا : رَثَى لَهُ مِنْ مَكْرُوهٍ ، قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ :
__________________
(١) الصحاح : ويَوجع رأسي.
(٢) كِذا بالأصل وصوابه عروة بن مرة كما في شرح أشعار الهذليين ص ٦٦٣ والوقعاء لم ترد في معجم البلدان.
(*) ساقطة من الكويتية وبعدها في القاموس : وقبيلة من الأَزد.
(٣) في التهذيب : أنفت للمرء.
(٤) بعدها في النهاية : فإن لم يؤدها قُتل المتحمل عنه ، فيوجعه قتله.