الشِّدَّةَ ـ قالَ : ولا يَكُونُ العُودُ كَرِيماً حَتى يَكُونُ كذلِكَ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشَّمّاخِ :
شَرَائِجُ النبْعِ بَرَاهَا القَوّاسُ (١)
وقال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ :
وِأَصْفَرَ مِنْ قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ |
|
بهِ عَلَمَانِ مِنْ عَقْبٍ وضَرْسِ |
يَقُولُ : بُرِيَ مِنْ فَرْعِ الغُصْنِ ، ليسَ بفِلْقٍ ، ولِلسِّهامِ تُتَّخَذُ من أَغْصَانِه ، وقالَ المُبَرِّدُ : النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والشَّرْيانُ :شَجَرَةٌ واحِدَةٌ ، ولكِنَّها تَخْتَلِفُ أَسْمَاؤُهَا لاخْتِلافِ مَنَابِتِها ، وتَكْرُمُ على ذلِك (٢) ، فما يَنْبُتُ فِي قُلَّةِ الجَبَلِ فهُوَ النَّبْعُ ، والوَاحِدُ نَبْعَةٌ ، والنّابِتُ مِنْهُ في السَّفْحِ الشَّرْيانُ ، وما كَانَ فِي الحَضِيضِ فَهُو الشَّوْحَطُ (٣) ، وقد تَقَدَّمَ ذلِكَ في «ش ح ط» وقال الشّاعِرُ ـ يُفَضِّلُ قوْسَ النَّبْعِ عَلَى قَوْسِ الشَّرْيانِ والشَّوْحَطِ ـ :
وَكَيْفَ تَخافُ القَوْمَ ـ أُمُّكَ هابِلٌ ـ |
|
وِعِنْدَكَ قَوْسٌ فارِجٌ وجَفِيرُ |
مِنَ النَّبْعِ ، لا شِرْيَانَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ |
|
وِلا شَوْحَطٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ غَرُورُ |
وِقوْلُهُم : «لَو اقْتَدَحَ بالنَّبْعِ لأَوْرَى نارًا» ، مَثلٌ يُضْرَبُ فِي جَوْدَةِ الرَّأْيِ والحِذْقِ بالأُمُورِ ؛ لأَنَّهُ أَي : النَّبْعَ لا نَارَ فِيهِ وقالَ الأَعْشَى :
وِلَوْ رُمْتَ فِي ظُلْمَةٍ قادِحاً |
|
حَصَاةً بنَبْعٍ لأَوْرَيْتَ نَارَا |
يَعْنِي أَنَّه مُؤَتًّى لَهُ ، حَتَّى لَو قَدَحَ حَصاةً بنَبْعٍ لأَوْرَى له ، وذلِك ما لا يَتَأَتَّى لأَحَدٍ ، وجَعَلَ النَّبْعَ مَثَلاً فِي قِلَّةِ النّارِ ، قالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.
وِالنَّبّاعَةُ مُشَدَّدَةً : الاسْتُ يُقَالُ : كَذَبَتْ نَبّاعَتُكَ ، إِذا رَدَمَ ، وبالغَيْنِ المُعْجَمَةِ أَيْضاً ، كما في الصِّحاحِ. وانْبَاعَ العَرَقُ : إِذا سالَ ، وكُلُّ راشِح : مُنْباعٌ.
وكَذا انْبَاعَ عَلَيْنَا فِي الكَلامِ : إِذا انْبَعَثَ ، أَو وَثَبَ بَعْدَ سُكُونٍ ، مَحَلُّ ذِكْرِه في «ب و ع» وقد تَقَدَّمَ ، ووَهِم مَنْ ذَكَرَهُ ههُنَا يَعْنِي بهِ الجَوْهَرِيَّ ، وقد نَبَّهَ عليهِ ابنُ بَرِّيّ والصّاغَانِيُّ ، ولَمّا كانَ ابنُ دُرَيْد قَدْ سَبَقَ الجَوْهَرِيَّ في ذِكْرِهِ فِي هذا التَّرْكِيبِ لَمْ يَخُصَّ الجَوْهَرِيَّ بالتَّوَهُّمِ ، بَلْ عَمَّه.
وأَمَّا قَوْلُ عَنْتَرَةَ :
يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ (٤)
فأَلِفُه للإِشْبَاعِ ضَرُورَةً ، ورُوِيَ بِحَذْفِها أَيْضاً.
وِتَنَبَّعَ الماءُ : جاءَ قَلِيلاً قَلِيلاً ومِنْهُ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ :
ذَكرَ الوُرُودَ بِهَا وَشَاقَى أَمْرَه |
|
شُؤْماً ، وأَقْبَلَ حَيْنُه يَتَنَبَّعُ (٥) |
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
النَّبّاعَةُ ، مُشَدَّدَةً : الرَّمّاعَةُ مِنْ رَأْسِ الصَّبيِّ قَبْلَ أَنْ تَشْتَدَّ ، فإِذا اشْتَدَّتْ فَهِيَ اليافُوخُ.
وِيُنَابعُ ، بضَمِّ الياءِ : لُغَةٌ فِي نُبَايِع بالنُّونِ ، عَن المُفَضّلِ ، ويُقَالُ فيه أَيْضاً : يُنَابِعا ، بالضَّمِّ مَقْصُورًا ، فإِذا فُتِحَ أَوَّلُه مُدَّ ، قالَهُ كُرَاع ، وحَكَى غيرُه فيهِ المَدَّ والضَّمَّ ، ويُرْوَى نَبَايِعات ، بفَتْحِ النُّونِ ، ويُنَابِعَات ، بضَمِّ الياءِ.
وِالنَّبِيعُ ، كأَمِيرٍ : العَرَقُ ، نَقَلَه ابنُ بَرِّيٍّ ، وأَنْشَدَ للمَرّارِ :
تَرَى بِلِحَى جَمَاجِمِها نَبِيعاً
وِمَنْبَعُ الماءِ : مَوْضِعُ تَفَجُّرِه ، والجَمْعُ المَنَابِعُ.
وِالنّابِعَةُ : عَيْنٌ بالقُرْبِ من السُّوَيْسِ ـ أَحَد ثُغُورِ مِصْرَ ـ حُلْوٌ ، ليس لَهُمْ غَيْرُه.
وِاليَنْبُوعُ : المَنْبَعُ ، وجاءَ بمَعْنَى النّابِعِ أَيْضاً.
ومِنَ المَجَازِ : فُلانٌ صُلْبُ (٦) النَّبْعِ ، وما رَأَيْتُ أَصْلَبَ نَبْعَةً منهُ ، وهُوَ مِنْ نَبْعَةٍ كَرِيمَةٍ.
__________________
(١) قبله في اللسان :
كأنها وقد براها الإخماسْ |
|
وِدلجُ الليلِ وهادٍ قيّاسْ |
(٢) في الكامل للمبرد ١ / ٤٤٥ تختلف أسماؤها وتكرم بمنابتها.
(٣) كذا بالأصل وفي الكامل : وما كان في سفحه فهو الشوحط ، وما كان في الحضيض فهو الشريان والأصل كاللسان والتهذيب.
(٤) ديوانه واللسان وعجزه فيه :
زيافة مثل الفنيق المقرمِ
وفي الديوان ص ٢٢ المكدَمِ.
(٥) ديوان الهذليين ١ / ٥ برواية «شؤمٌ».
(٦) الأساس : صليبُ.