لا بارَكَ الرَّحْمنُ في أُمِّ القُتَرْ (١) |
|
أَأُمْغِطُ السَّهْمَ لإِرْهَاقِ الضَّرَرْ |
أَمْ ذاكَ مِنْ سُوءِ احْتِيَالٍ (٢) ونَظَرْ |
|
أَمْ لَيْسَ يُغْنِي حَذَرٌ عِنْدَ قَدَرْ |
ثُمَّ وَرَدَت الحُمُرُ ، ورَمَى ثالِثاً ، فكانَ كما مَضَى مِنْ رَمْيَهِ ، فقال :
إِنِّي لشُؤُمِي وشَقَائِي ونَكَدْ |
|
قَدْ شَفَّ مِنِّي ما أَرَى حَرُّ الكَبِدْ |
أَخْلَفَ ما أَرْجُو لِاهْلٍ ووَلَدْ (٣)
إِلى آخِرِهَا ، وهو يَظُنُّ خَطَأَهُ قال :
أَبَعْدَ خَمْس قَدْ حَفِظْتُ عَدَّهَا |
|
أَحْمِلُ قَوْسِي وأُرِيدُ رَدَّهَا |
أَخْزَى إِلهِي لِينَها وشَدَّها |
|
وِالله لا تَسْلَمُ عِنْدِي (٤) بَعْدَها |
وِلا أُرَجِّي ما حَيِيتُ رِفْدَهَا
وخَرَجَ مِنْ قُتْرَتهِ فعَمَدَ إِلَى قَوْسِه فكَسَرَها عَلَى صَخْرَةٍ ، ثم باتَ إِلى جانِبِها ، فلَمّا أَصْبَحَ نَظَر ، فإِذَا الحُمُرُ مُطَرَّحَةٌ حَوْلَه مُصَرَّعَةٌ ، وإِذا أَسْهُمُه بالدَّمِ مُضَرَّجَةٌ ، فنَدِمَ على كَسْرِ القَوْسِ فقَطَعَ إِبْهَامَه ، وأَنْشَدَ :
نَدِمْتُ نَدَامَةً لَوْ أَنَّ نَفْسِي |
|
تُطَاوِعُنِي إِذًا لقَطَعْتُ خَمْسِي |
ويُرْوَى : «لبَتَرْتُ خَمْسِي» (٥).
تَبَيَّنَ لِي سَفاهُ الرَّأْيِ مِنِّي |
|
لَعَمْرُ أَبِيكَ حِينَ كَسَرْتُ قَوْسِي |
ويُرْوَى : «لعَمْرُ اللهِ» (٦) ، ثمّ صارَ مَثَلاً لِكُلِّ نادِمٍ على فِعْلٍ يَفْعَلُه ، وإِيّاهُ عَنَى الفَرَزْدَقُ بقَوْلهِ :
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا |
|
غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوارُ |
وقالَ آخرُ :
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا |
|
رَأَتْ عَيْنَاهُ ما فَعَلَتْ يَداهُ |
وقالَ الحُطَيْئَةُ :
نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا |
|
شَرَيْتُ رِضَى بَنِي سَهْمٍ برَغْمِ |
وِالكَسَعُ ، مُحَرَّكَةً : مِنْ (٧) شِيَاتِ الخَيْلِ ، مِنْ وَضَح القَوَائِمِ : أَنْ يَكُونَ البَيَاضُ في طَرَفِ الثُّنَّةِ مِنْ رِجْلِها عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ (٨) ، وما أَحْسَنَ نَصَّ الجَوْهَرِيِّ : بَياضٌ في أَطْرافِ الثُّنَّةِ ، يُقَال : فَرَسٌ أَكْسَعُ بَيِّنُ الكَسَعِ ، ففيهِ اخْتِصَارٌ مُفِيدٌ.
وِحَمَامٌ أَكْسَعُ : تَحْتَ ذَنَبِه رِيشٌ بِيضٌ ، زادَ في التَّكْمِلَةِ :أَو حُمْرٌ ، ولَمْ يَذْكُرْه الأَصْفَهَانِيُّ في «غَرِيبِ الحَمَامِ».
وِمِنَ المجازِ : رَجُلٌ مُكَسَّعٌ ، كمُعَظَّمٍ ، قالَ الجَوْهَرِيُّ :وهُوَ من نَعْتِ العَزَبِ إِذا لم يَتَزَوَّجْ ، وتَفْسِيرُهِ : رُدَّتْ بَقِيَّتُه في ظَهْرِه ، وأَنْشَدَ للرّاجِزِ :
وِالله لا يُخْرِجُها مِنْ قَعْرِهِ |
|
إِلّا فَتًى مُكَسَّعٌ بغُبْرِهِ |
وهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَسْعِ النّاقَةِ ، وهُوَ عِلاجُ الضَّرْعِ بالمَسْحِ وغَيْرِه ، حَتَّى يَرْتَفِعَ اللَّبَنُ ، وقد تَقَدَّمَ.
وِقالَ أَبُو سَعِيدٍ : اكْتَسَعَ الفَحْلُ : إِذا خَطرَ فضَرَبَ فخِذَيْهِ بذَنَبِه فإِنْ شالَ بهِ ، ثم طَوَاهُ (٩) ، فقَدْ عَقْرَبَه.
وِفي الصِّحاحِ : اكْتَسَعَ الكَلْبُ بذَنَبِه : إِذا اسْتَثْفَرَ بهِ.
__________________
(١) في الفاخر : «في رمي القتر» وقدّمه على المشطور الأول.
(٢) عن الفاخر وبالأصل «سوء احتمال».
(٣) من قوله ورمى ثالثاً إلى هنا سقط من الفاخر ، وهو مثبت في اللسان ، ومكانه في الفاخر : ثم مكث على حاله فمرّ به قطيع آخر فرمى عيراً فأمخطه السهم وصنع صنيع الأول فأنشأ يقول :
ما بال سهمي يوقد الحباحبا |
|
قد كنت أرجو أن يكون صائبا |
وِأمكن العير وأبدى جانبا |
|
وِسار رأيي فيه رأياً خائبا |
ثم مكث في مكانه ، فمر به قطيع آخر فرمى عيراً فأمخطه السهم وصنع صنيع الأول فأنشأ يقول : أبعد خمس ...
(٤) في الفاخر : «مني» والأصل كاللسان.
(٥) وهي رواية اللسان.
(٦) وهي رواية اللسان.
(٧) في التهذيب : «في».
(٨) في التهذيب : أبي عبيدة.
(٩) عن التهذيب واللسان وبالأصل «طوّله».