كالذَّوائِبِ فِي نَوَاحِي الرَّأْسِ ، أَو القَلِيلُ من الشَّعرِ في وَسَطِ الرَّأْسِ خاصَّةً ، كالقُنْزُعَةِ ، بإِظْهَارِ النُّونِ ويُذْكَر في «ق ن ز ع» ، لاخْتِلافِهِم في نُونِه ، وهُنَا ذَكَره الجَوْهَرِيُّ وغيرُه من أَئِمَّةِ التَّصْرِيفِ ، وحَكَمُوا على زِيَادَةِ نُونِه.
وِقولُهم : قُلِّدْتُمْ قَلائِدَ قَوْزَعٍ كجَوْهَرٍ ، أَو لأُقلِّدَنَّكَ يا هذا قَلائِدَ قَوْزَعٍ ، أَي طُوِّقْتُم أَطْوَاقاً لا تُفَارِقُكُم أَبدًا ، قالَهُ ابنُ الأَعْرَابِيِّ على ما فِي العُبَابِ ، وأَنْشَدَ :
قلائدَ قَوْزَعٍ جَرَّتْ (١) عَلَيْكُم |
|
مَواسِمَ مِثْلَ أَطْوَاقِ الحَمَامِ |
وقال مَرَّةً : «قلائدَ بَوْزَعٍ» ثم رَجَع إِلى القافِ ، وفي اللِّسَان : قالَ الكُمَيْتُ بنُ مَعْرُوفٍ ، وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ : هو للكُمَيْتِ (٢) بنِ ثَعْلَبَةَ الفَقْعَسِيِّ :
أَبَتْ أُمُّ دِينَارٍ فأَصْبَح فَرْجُهَا |
|
حَصَاناً ، وقُلِّدْتُمْ قَلائِدَ قَوْزَعَا |
خُذُوا العَقْلَ إِنْ أَعْطَاكُمُ العَقْلَ قَوْمُكُمْ |
|
وِكُونُوا كمَنْ سَنَّ الهَوَانَ فأَرْبَعَا |
وِلا تُكْثِرُوا فِيه الضِّجَاجَ فإِنَّه |
|
مَحَا السَّيْفُ ما قَالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعَا (٣) |
فَمَهْمَا تَشَأْ منه فَزَارَةُ تُعْطِكْم |
|
وِمَهْمَا تَشَأْ منه فَزَارَةُ تَمْنَعَا |
وِقالَ أَبو تُرابٍ (٤) ـ حِكايةً عن العَرَبِ ـ : أَقْزَعَ لهُ فِي المَنْطِقِ ، وأَقْذَعَ ، وأَزْهَفَ (٥) : إِذا تَعَدَّى في القَوْلِ.
وِالتَّقْزِيعُ : الحُضْرُ الشَّدِيدُ ، وقال الأَصْمَعِيُّ : قَزَعَ الفَرَسُ يَعْدُو ، ومَزَعَ يَعْدُو ، إِذا أَحْضَرَ. انْتَهَى. وكأَنَّه شُدِّدَ للمُبَالَغةِ.
وِمن المجَازِ : التَّقْزِيعُ : تَجْرِيدُ الشَّخْصِ لأَمْرٍ مُعَيَّنٍ ، وكذا : إِرْسَالُ الرَّسُولِ ، شَبَّهُوه بقَزَعِ السَّحَابِ ، أَرادَ أنَّه يَسْعَى بخَبَرِه مُسْرِعاً إِسْراعَ البَرِيدِ. ومن المَجَازِ : المُقَزَّعُ ، كمُعَظَّمٍ : السَّرِيعُ الخَفِيفُ من الأَفْراسِ والرُّسُلِ ، قالَ مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ ـ رضِيَ الله عنه ـ :
أَآثَرْتَ هِدْماً بَالِياً وسَوِيَّةً |
|
وِجِئْتَ به تَعْدُو بَشِيراً مُقَزَّعَا |
ويُرْوَى : «بَرِيداً» والبَشِيرُ المُقَزَّع : الَّذِي جُرِّدَ للبِشَارَةِ ومن كُلِّ شيْءٍ ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ صائدًا :
مُقَزَّعٌ أَطْلَسُ الأَطْمَارِ لَيْسَ لَهُ |
|
إِلّا الضِّراءَ وإِلَّا صَيْدَها نَشَبُ |
وِالمُقَزَّعُ مِنَ الخَيْلِ : ما تُنْتَف ناصِيَتُه حتَّى تَرِقَّ ، قالَ الشاعِر :
نَزائعَ للصَّرِيحِ وأَعْوَجِيٍّ |
|
من الجُرْدِ المُقَزَّعَةِ العِجَالِ |
وِقِيلَ : هو الخَفِيفُ ، كما فِي العُبَابِ ، وفي اللِّسَانِ :الرَّقِيقُ الناصِيَةِ خِلْقَةً ، وقِيلَ : هُوَ المَهْلُوبُ الَّذِي جُزَّ عُرْفُه ونَاصِيَتُه.
وِالمُقَزَّعُ أَيْضاً : مَنْ لَيْسَ على رَأْسِه إِلّا شَعَرَاتٌ مُتَفَرِّقاتٌ تَطَايَرُ فِي الرِّيحِ قالَهُ اللِّيثُ : وأَنْشَدَ قولَ ذِي الرُّمَّةِ السّابِقَ ، وقالَ لَبِيدٌ ـ رضِيَ الله عَنْه ـ :
أَنا لَبِيدٌ ثُمَّ هذِي المِنْزَعَهْ (٦) |
|
يا رُبَّ هَيْجَا هِيَ خَيْرٌ مِن دَعَهْ |
أَكُلَّ يَوْمٍ (٧) هامَتِي مَقَزَّعَهْ
وقالَ الجَوْهَرِيُّ : رَجُلٌ مُقَزَّعٌ : رَقِيقُ شَعرِ الرَّأْسِ ، مُتَفَرِّقُه.
قالَ : وتَقَزَّعَ الفَرَسُ ، أَي تَهَيَّأَ للرَّكْضِ ، وقَزَّعَه تَقْزِيعاً : هَيَّأَه لِذلِكَ.
قالَ : وقَزَّعَ رَأْسَهُ تَقْزِيعاً : حَلَقَه. وفِي الصّحاحِ : حَلَقَ شَعرَه وبَقِيَتْ منه بَقَايَا فِي نَوَاحِيهِ ، وهو مَجازٌ ، وقد نُهِيَ عن ذلِكَ ؛ لِما فيه من تَشْوِيهِ الخِلْقَةِ ، أَو لِانَّه زِيُّ الشَّيْطَانِ ، أَو شِعارُ اليَهُودِ ، أَو غيرُ ذلِكَ ممّا هو مَبْسُوطٌ فِي شُرُوحِ الصَّحِيحَيْنِ.
__________________
(١) عن التكملة وبالأصل «حبرت عليكم».
(٢) عن اللسان وبالأصل «الكميت».
(٣) البيت في الشعر والشعراء ص ٢٣٧ ونسبه للكميت بن معروف قاله في ابن دارة ، مسلم بن مسافع ، وداره أمه.
(٤) في التهذيب : وقال إسحاق بن الفرج.
(٥) عن التهذيب ، وبالأصل «وأزحف».
(٦) المنزعة : القوس.
(٧) في ديوانه ص ٩٢ في كل يومٍ.