إِذَا مَرَّتْ مِنْ تَحْتِ السَّحَابَةِ الكَبِيرَةِ الوَاحِدَةُ قَزَعَةٌ بهَاءٍ ، ومنه حَدِيثُ الاسْتِسْقَاءِ : «ومَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ» ، أَي : قِطْعَةٌ مِن الغَيْمِ ، وقال الشاعِرُ :
مَقانِبُ بعْضُهَا يَبْرِي لِبَعْضٍ |
|
كأَنَّ زُهَاءَها قَزَعُ الظِّلالِ |
وقِيل : القَزَعُ : السَّحَابُ المُتَفَرِّقُ ، وما فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ ، أَي لَطْخَةُ غَيْمٍ.
وِفِي كَلامِ عليٍّ رَضِيَ الله تَعالَى عنه حين ذَكَر الفِتَنَ (١) فقال : «إِذا كانَ ذلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بذَنَبِه ، فَيَجْتَمِعُون إِلَيْه كما يَجْتَمِعُ قَزَعُ الخَرِيفِ» ، أَي قِطَعُ السَّحَابِ ؛ لأَنَّه أَوَّلُ الشِّتَاءِ ، والسَّحابُ يَكُونُ فيه مُتَفَرِّقاً غَيْرَ مُتَرَاكِمٍ ولا مُطْبِقٍ ، ثمّ يَجْتَمِعُ بعضُه إِلى بَعْضٍ بَعْدَ ذلِكَ ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ يصِفُ ماءً في فَلَاةٍ :
تَرَى عُصَبَ القَطَا هَمَلاً عَلَيْه |
|
كَأَنَّ رِعَالَهُ قَزَعُ الجَهَامِ |
لا فِي الحَدِيثِ ، كما تَوَهَّمِ الجَوْهَرِيُّ قال شيخُنَا :قُلْت : بل المُتَوَهِّمُ هو ابنُ (٢) خالَةِ المُصَنِّفِ ، وإِلَّا فاللَّفْظُ حَدِيثٌ خَرَّجَه الجماهِير عن علِيٍّ رضِيَ الله عنه ، وذَكَرَهُ ابنُ الأَثِيرِ وغيرُه ، وليس بمَثَلٍ ، كما توهَّمَه المُصَنِّفُ ، وقد أَشارَ إِلى ذلِكَ في النامُوسِ ، ولكِنَّه لم يَذْكُرْ مَنْ خَرَّجَه ولا صَحابَتَه ، والله أَعْلَم.
قلتُ : وهذا مِن شيْخِنَا تَحَامُلٌ مَحْضٌ ، وتَعَصُّبٌ للجَوْهَرِيِّ من غيرِ مَعْنًى ، والصّوابُ ما قَالَهُ المُصَنِّف ، فإِنَّ الَّذِي ذَكَرَه أَصْحابُ الغَرِيبِ ـ كابنِ الأَثِيرِ وغَيْرِه ـ عَزَوْهُ لسيِّدنا عليّ رضياللهعنه ، ولم يَعْزُوه إِلى المُصْطَفَى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو من جُمْلَةِ خُطَبِهِ المُخْتَارَةِ ، وكَلامِهِ المَأْثُور الذِي شَرَحَه العَلّامةُ ابنُ أَبِي الحَدِيد في شَرْحِه على نَهْجِ البَلَاغَة ، وليس في كَلَامِ المُصَنِّفِ ما يَدُلُّ على أَنَّه مَثَلٌ حَتّى يُوَهَّم ، فتَأَمَّل.
وِالقَزَعُ : صِغَارُ الإِبِلِ ، نقله الجَوهَرِيّ ، وهو مَجازٌ.
وِمن المَجَاز : القَزَعُ : أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ ، ويُتْرَكَ* مَوَاضِعُ منهُ مُتَفَرِّقَةً غيرَ مَحْلُوقَةٍ ، تَشْبِيهاً بقَزَع السَّحَابِ ، ومنهالحَدِيثُ : «نَهَى عَنِ القَزَعِ» يَعْنِي : أَخْذَ بَعْضِ الشَّعَرِ وتَرْكَ بَعْضِه ، وهو مَجازٌ ، وقالَ ابنُ الرِّقاعِ :
حَتَّى اسْتَتَمَّ علَيْهَا تامِكٌ سَنِمٌ |
|
وِطَارَما انْسَلَت عن جِلْدِها قَزَعَا (٣) |
وِالقَزَعُ مِنَ الصُّوفِ : ما يَتَحاتُّ ويَتَنَاتَفُ فِي الرَّبِيعِ فيَسْقُط.
وِمن المَجَازِ : القَزَعُ : غُثَاءُ الوَادِي ، يُقَالُ : رمَى الوَادِي بالقَزَع ، قالَهُ أَبُو سَعِيدٍ والزَّمَخْشَرِيُّ.
وِمن المَجَازِ : الفَحْلُ يَرْمِي بالقَزَعِ ، وهو : لُغَامُ الجَمَلِ وزَبَدُه على نُخْرَتِه ، قالَهُ أَبو سَعِيد والزَّمَخْشَرِيُّ.
وِالقَزَعَةَ ، بهاءٍ : وَلَدُ الزِّنَا ، كذا في النَّوَادِرِ.
وِقَزَعَةُ ، بِلا لامٍ : عَلم : جَماعَةٍ من المُحَدِّثِينَ ، ذَكَرَهُم صاحبُ التَّقْرِيب ، ويُسَكَّنُ للتَّخْفِيفِ ، حكاهُ ثَعْلَبٌ.
وِكُزبَيْرٍ : قُزَيْعُ بنُ فِتْيَانَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ مُعاوِيَةَ (٤) بنِ الغَوْثِ بنِ أَنْمَارِ بنِ إِراشٍ.
وِالرُّبَيْعُ بن قُزَيْعٍ ، كزُبَيْرٍ فيهما : التابَعِيُّ ، عن ابْنِ عُمَرَ ، وعنه شُعْبَةُ ، وقد تَقَدَّم ذلِكَ للمُصَنِّفِ في «ر ب ع» ونَسبَه إِلى غَطَفانَ. قلتُ : وولَدُه قَيْسُ بنُ الرُّبَيْعِ ، حَدَّث أَيْضاً.
وِكَبْشٌ أَقْزَعُ ، تَنَاتَفَ صُوفُه فِي أَيّامِ الرَّبِيعِ ، ذَهَب بَعْضٌ وَبَقِيَ بَعْضٌ ، وكذلِكَ شَاةٌ قَزْعاءُ ، كما في العُبَابِ ، وفي اللِّسَانِ : ونَاقَةٌ قَزْعاءُ كذلِك.
وِقالَ ابنُ السِّكِّيتِ : يُقَالُ : ما عِنْدَه قَزَعَةٌ ، مُحَرَّكَةً ، أَي شَيءٌ من الثِّيَابِ ، وكذلِكَ مَا عَلَيْه قِزاعٌ ، ككِتَابٍ : قِطْعَةُ خِرْقَةٍ ، وقد تَقَدَّم أَنَّه صَحَّفَه بَعْضُهُم بالذّالِ المُعْجَمَة.
وِالقَزِيعَة ، كشَرِيفَةٍ : القُنْزُعَةُ ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ (٥) ، وهي وَاحِدَةُ القَنَازِع ، وسيُذْكَر. وزادَ ابنُ عَبّادٍ : وكذلِكَ القُزَّعَةُ ، مثلُ قُبَّرَةٍ بحَذْفِ إِحْدَى النُّونَيْنِ ، وإِدْغامِها فِي الزّايِ ، وضَبَطَهُ غيرُه بضَمٍّ فسُكُونٍ ، ومِثْلُه في اللِّسانِ ، وهي الخُصْلَة من الشَّعرِ تُتْرَكُ على رَأْسِ الصَّبِيِّ ، وهي
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : حين ذكر الفتن ، عبارة اللسان :حين ذكر يعسوب الدين ، فقال : يجتمعون إلخ» ومثله في التهذيب.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : هو ابن خالة المصنف ، لعل الأولى : هو ابن أخت خالة المصنف ، يعني المصنف».
(*) بالقاموس : «تُترك» بدل : «يُترك».
(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «قزع».
(٤) في جمهرة ابن حزم ص ٤٧٤ : معاوية بن زيد بن الغوث.
(٥) الجمهرة ٣ / ٦.