أَتُوعِدُ عَبْداً لَمْ يَخُنْكَ أَمانَةً |
|
وِتَتْرُكُ عَبْداً ظَالِماً وهْوَ ظالِعُ؟ |
ويُرْوَى : «ظالِم الرَّبِّ ظالِع» ويُرْوَى : «وهُوَ ضالِعُ» بالضّادِ ، وقد تَقَدَّمَ.
ودابَّةٌ ظالِعٌ ، وبِرْذَوْنٌ ظالِعٌ ، بِغَيْرِ هاءٍ فيهِمَا لِلمُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ ، إِن كانَ مُذَكَّراً فعَلَى الفِعْلِ ، وإِنْ كانَ مُؤَنَّثاً فعلَى النَّسَبِ ، وقالَ اللَّيْثُ : الظّالِعُ يَسْتَوِي فيه المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ ، وكذلِكَ الغامِزُ ، ولا يَقُولونَ للأُنْثَى : ظالِعَةٌ ، ولا غامِزَةٌ ، أَوْ هِيَ ظالِعَةٌ بهاءٍ ولا يُقَالُ : غامِزَةٌ.
وِفي المَثَلِ وقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الهَرَوِيُّ : وفي حَدِيثِ بَعْضِهِم : «فإِنَّه لا يَرْبَعُ عَلَى ظَلْعِكَ من ليسَ يَحْزُنُه أَمْرُكَ» أَي : لا يَهْتَمُّ لِشَأْنِك إِلّا من يَحْزُنُه حالُكَ ، أَو لا يُقِيمُ عَليْكَ في حَالِ ضَعْفِكَ إِلّا مَنْ يَحْزُنُه حالُكَ قَالَه أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحمَدَ القُرَشِيُّ ، وعَلَى كِلا الوَجْهَيْنِ أَصْلُه : مِنْ رَبَعَ الرَّجُلُ يَرْبَعَ رُبُوعاً : إِذَا أَقامَ بالمَكَانِ ، كأَنَّه يقولُ : لا يُقِيمُ على عَرَجِكِ ـ إِذَا تَخَلَّفْتَ عن أَصْحَابِكَ لِضَعْفِكَ ـ إِلّا مَنْ يَهْتَمُّ لأَمْرِك ، كما في العُبَابِ ، ومنه قوْلُهُمْ : ارْبَعْ على ظَلْعِكَ ، أَي : إِنَّكَ ضَعِيفٌ ، فانْتَهِ عَمَّا لا تُطِيقُه. وفي اللِّسَان : هو من رَبَعْتُ الحَجَرَ : إِذا رَفَعْتَه ، أَي ارْفَعْهُ بمِقْدَارِ طاقَتِكَ. هذا أَصْلُه ، ثُمَّ صارَ المَعْنَى ارْفُقْ بنَفْسِكَ (١) فِيمَا تُحَاوِلُه. وهو مَجَازٌ.
وِفي المَثَل : «ارْقَ عَلَى ظَلْعِكَ» أَي تَكَلَّفْ ما تُطِيقُ.
قالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : فتَقُولُ : رَقِيتُ رُقِيًّا ويُقَالُ : ارْقَأْ ، مَهْمُوزاً ، أَي أَصْلِحْ أَمْرَك أَوَّلاً ، من قَوْلِهِم : رَقَأْتُ ما بَيْنَهُم ، أَي أَصْلَحْتُ ، وقِيلَ : مَعْنَاه أَمْسِكْ ، من رَقَأَ الدَّمْعُ يَرْقَأُ أَو مَعْنَاهُ : تَكَلَّفْ ما تُطِيق ، لأَنَّ الرّاقِيَ في سُلَّمٍ إِذا كَانَ ظالِعاً فإِنَّهُ يَرْفُقُ (٢) بنَفْسِه ، أَي لا تُجَاوِزْ حَدَّكَ في وَعِيدِك ، وأَبْصِرْ نقْصَكَ وعَجْزَكَ عَنْهُ. وكلامُ المصَنِّفِ هُنا غيْرُ مُحَرَّرٍ ، فإِنَّه كَرَّرَ قَوْلَه : «تَكَلَّفْ ما تُطِيقُ» وذَكَره مَرَّتَيْنِ ، وجَعَلَ قولَهُ : «لأَنَّ الرَّاقِيَ إِلى آخره» من تَفْسِيرِ ارْقَأْ مَهْمُزاً ، وليْسَ كذلِكَ ، إِنَّمَا هو تَفْسِيرُ ارْقَ من الرُّقِيِّ ، ولو ذَكَرَه قبْلَ ذِكْرِ المَهْمُوزِ لسَلِمَ من المُؤَاخَذَةِ والتَّكْرَارِ ، وفِي اللِّسَانِ : مَعْنَى ارْقَ عَلَى ظَلْعِكَ ، أَي تصَعَّدْ في الجَبَل ، وأَنْتَ تَعْلم أَنَّكَ ظالِعٌ ، لا تُجْهِدْ نَفْسَك ، وهذا الَّذِي ذَكَرَه صاحِبُ اللِّسَانِ أَخْصَرُ من عِبَارَةِ المُصَنِّفِ : وأَوْفَى بالمُرَادِ. وقالَ الكِسائِيُّ : المَعْنَى في كُلِّ ذلِك : اسْكُتْ على ما فِيكَ من العَيْبِ ، ورَوَى ابنُ هانِىءٍ عن أَبِي زيْدٍ : تَقُولُ العَرَبُ (٣) :ارْقَأْ عَلَى ظَلْعِكَ ، أَي كُفَّ ؛ فإِنِّي عالِمٌ بمَساوِيكَ ، قالَ المِرّارُ بنُ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيّ :
مَنْ كان يَرْىَ على ظَلْعٍ يُدَارِئُه |
|
فإِنَّنِي نَاطِقٌ بالحَقِّ مُفْتَخِرُ |
يَقُولُ : من كانَ يُغْضِي على عَيْبٍ ، أَو عَلَى غَضاضَةٍ في حَسَبٍ ، فإنِّي افْتَخِرُ بالحَقِّ. ويُقَالُ : قِ علَى ظَلْعِكَ ، إِذا كانَ بالرَّجُلِ عَيْبٌ ، فأَرَدْتَ زَجْرَهُ ، لِئَلّا يُذْكَرَ ذلِكَ مِنْهُ فيُجِيبُه : وَقَيْتُ ، أَقِي وَقْياً. ويُقَالُ : ارْقِ عَلَى ظَلْعِكَ ، بكَسْرِ القافِ ، أَمْرٌ من الرُّقْيَةِ ، كأَنَّه قالَ : لا ظَلَعَ بِي أَرْقِيهِ وأُداوِيه. ومنه قَوْلُ بَغْثَرَ بنِ لَقِيطٍ :
لا ظَلْعَ بِي أَرْقَى عَليْه وإِنَّمَا |
|
يَرْقَى عَلَى رَثَيَاتِه المَنْكُوبُ |
قالَ ابنُ بَرِّيّ : أَي أَنا صَحِيحٌ لا عِلَّةَ بِي وفي مَثَلٍ آخَرَ : «ارْقَ على ظَلْعِكَ أَنْ يُهاضَا» أَي : ارْبَعْ عَلَى نَفْسِك ، وافْعَل بقَدْرِ ما تُطِيقُ ، ولا تَحْمِلْ عَليْهَا أَكْثَرَ مِمّا تُطِيقُ.
وِالظُّلَاعُ ، كغُرَابٍ : دَاءٌ فِي قَوَائِم الدّابَّةِ ، لا مِنْ سَيْرٍ ولا تَعَبٍ ، فتَظْلَعُ مِنْهُ ، قالَه اللَّيْثُ.
وِفي المَثَلِ : «لا أَنامُ حَتّى يَنَامَ ظَالِعُ الكِلابِ» أَي : لا أَنامُ إِلّا إِذا هَدَأَتِ الكِلابُ. ورَوَى أَبُو عُبَيْدٍ عن الأَصْمَعِيِّ ـ في بابِ تَأْخِيرِ الحَاجَةِ ثُمَّ قَضَائِها في آخِرِ وَقْتِها ـ : من أَمْثَالِهم في هذا : «إِذَا نامَ ظالِعُ الكِلابِ» قالَ : وذلِكَ لأَنَّ ظَالِعَها لا يَقْدِرُ أَنْ يُعَاظِلَ مع صِحَاحِها لضَعْفِه ، فيَنْتَظِرُ فرَاغ آخِرِهَا ، فلا يَنَامُ ، حَتَّى إِذا لمْ يَبْقَ غيْرُه سَفَدَ حينَئذٍ ، ثُمَّ نامَ ، ونَحْو ذلِك قال ابنُ شُمَيْلٍ في كِتابِ الحُرُوفِ أَو الظّالِعُ : الكَلْبُ الصّارِفُ ، وهو لا يَنامُ. فيُضْرَبُ مثلاً لِلمُهْتَمِّ بأَمْرِه الَّذِي لا يُغْفِلُه ، ولا يَنَامُ عنه ولا يُهْمِلُهُ ، قالَه
__________________
(١) اللسان : على نفسك.
(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : تَرَفَّقَ.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : اقْأ.