لَمَالُ المَرْءِ يُصْلِحُه فيُغْنِي |
|
مَفَاقِرَه أَعَفُّ من القُنُوعِ |
يَقُولُ : لأَنْ يُصْلِحَ المَرْءُ مالَه ، ويَقُومَ عَليْه خيْرٌ من القُنُوعِ ، وهو المَسْأَلَة.
قُلْتُ : ومن التَّضْيِيعِ بمَعْنَى الإِهْلاك استِعْمَالُ العَامَّة :ضَيَّعُوا فُلاناً ، إِذا ضَرَبُوا عُنُقَه بالسَّيْفِ خاصَّةً.
وِفي المَثَلِ : «الصَّيْفَ ضَيَّعْتِ اللبَنَ» بكسرِ التّاءِ ، وقال يَعْقُوبُ : هكَذَا يُقَالُ ، ولو خُوطِبَ به المُذَكَّرُ أَو الجَمْعُ ؛ لأَنَّه في الأَصْلِ خُوطِبَت به امْرأَةٌ كانَتْ تَحْتَ مُوسِرٍ ، أَي غَنِيٍّ فكَرِهَتْه لكِبَرِه ، فطَلَّقَهَا ، فتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مُمْلِقٌ ، أَي فَقِيرٌ ، فبَعَثَتْ إِلى زَوْجِهَا الأَوّلِ تَسْتَمِيحُه وفي بَعْضِ نُسَخِ الصّحاحِ تَسْتَمْنِحُه ومَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ، أَي تَسْتَرْفِدُه ، وتَطْلُب مِنْه بِرًّا ، فقالَ ذلِك لَهَا والصَّيْفَ : مَنْصُوبٌ على الظَّرْفِ ، كما في الصّحاحِ. أَو طَلَّق الأَسْوَدُ بن هُرْمُزَ امْرَأَتَه العَنُودَ الشَّنِّيَّةَ (١) ، من بَني شَنٍّ ، وفي سائرِ النُّسَخِ الشَّنِيئَة على وَزْنِ سَفِينَة ، وهو خَطَأٌ رَغبَةً عنها إِلى امْرأَةٍ جَمِيلَةٍ من قَوْمِه. وفي العبَابِ : ذاتِ جَمَالٍ ومالٍ ، ثمَّ جَرَى بَيْنَهُمَا ما أَدَّى إلى المُفَارَقَةِ ، فَتَتبَّعَتْ نَفْسُه العَنُودَ ، فراسَلَهَا ، فأَجَابَتْه بقولِها :
أَتَرَكْتَنِي حَتّى إِذَا |
|
عُلِّقْتَ [أَبْيَضَ] *كالشَّطَنُ |
أَنْشَأْتَ تَطْلُبُ وَصْلَنا |
|
في الصَّيْفِضَيَّعْتَ الَّلَبنْ |
وِعَلَى هذَا التَّاءُ مَفْتُوحَةٌ (٢) لتَغَيُّرِ المَثَل وقِيلَ : مُرْسِلُ المَثَلِ عَمْرُو بن عَمْرِو بنِ عُدَسَ ، قالَه لدَخْتَنُوسَ بنتِ لَقِيطِ بنِ زُرَارَةَ (٣) ، فضَرَبَتْ يَدَهَا على مَنْكبِ زَوْجِها ، وقالت : «هذا ومَذْقُه خَيْرٌ». وتَضَيَّعَ المِسْكُ : فاحَ ، لغةٌ في تَضَوَّعَ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وفي العُبَابِ : وهذا من بابِ الإِبْدَالِ.
وِعُثْمَانُ بنُ بَلْجٍ الضّائعُ : مُحَدِّثٌ ، سَمِعَ عَمْرَو بنَ مَرْزُوقٍ ، وعنه ابنُ دَاسَةَ.
وِعَالِمُ غَرْنَاطَةَ أَبُو الحَسَن عليُّ ابنُ محمَّد الكُتَامِيّ بنُ الضّائِعِ ، الأَشبِيلِيُّ من نُحاةِ المَغْرِبِ ، ماتَ سنةَ ثَمانِينَ وسِتِّمائةٍ (٤).
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
يُقَال للرَّجُلِ إِذا انْتَشَرَت عليه أَسْبَابُه حتّى لا يَدْرِي بأَيِّها يَبْدأُ : فَشَتْ ضَيْعَتُه.
وفُلانٌ أَضْيَعُ من فُلانٍ : أَي أَكْثَرُ ضِيَاعاً منه.
ويُقَال : مَعْنَى : فَشَتْ ضَيْعَتُه : كَثُرَ مالُه عليه ، فلم يُطِقْ جِبَايَتَه ، وقِيلَ : مَعْنَاه أَخَذَ فيما لا يَعْنِيه من الأُمورِ.
ومن أَمْثَالِهم : «إِنِي لأَرَى ضَيْعَةً لا يُصْلِحُهَا إِلّا ضَجْعَةٌ» قالها راعٍ وَفَضَتْ عليه إِبِلُه ، فأَراد جَمْعَها ، فَتبَدَّدَتْ عليه ، فاستَغَاثَ حينَ عَجَزَ بالنَّوْمِ ، وقال جَرِيرٌ :
وِقُلْنَ تَرَوَّحْ لا تَكُنْ لَكَ ضَيْعَةٌ |
|
وِقَلبَكَ لا تَشْغَلْ ، وهُنَّ شَوَاغِلُهْ |
وِالضَّيْعَةُ : المَرَّةُ من الضَّيَاع.
وتَرَكْتُه بضَيْعَةٍ ، أَي غير مُفْتَقَدٍ.
وِالضّائعُ : ذُو فَقْرٍ أَو عِيَالٍ ، أَو حالٍ قَصَّرَ عن القِيَامِ بِها ، وبه فُسِّرَ الحَدِيثُ : «وتُعِين ضَائعاً» ويُرْوَى بالصّادِ والنُّونِ ، وقد تَقَدَّمَ ، وكِلاهُمَا صَوَابٌ في المَعْنَى. وقَوْلُهم :فُلانٌ يأْكُلُ في مِعًى ضَائِعٍ ، أَي جائعٍ ، وقِيلَ لابْنَةِ الخُسِّ :ما أَحَدُّ شَيْءٍ؟ قالَتْ : نابٌ جائِع ، يُلْقِي في مِعىً ضائِع.نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِالضّائِعُ : لَقَبُ عَمْرِو بنِ قَمِيئةَ الشّاعِرِ ، كان رَفِيقَ امْرِىءِ القَيْسِ ، ضَبَطَه الحَافِظُ.
وِتَضَيَّعَ الريحُ : هَبَّتْ هُبُوباً ؛ لأَنَّهَا تُضَيِّعُ ما هَبَّتْ عليهِ ، نَقَلَه الرّاغِبُ.
__________________
(١) في القاموس : «الشنيئة» وعلى هامشه عن نسخة أخرى : العَنُودَ الشنِّيَّة.
(*) كذا بالقاموس والكويتية (خَوْداً).
(٢) على هامش القاموس : «قلت هذه الزيارة (وعلى هذا التاء مفتوحة) ليست بنسخة المؤلف اه شنقيطي هنا.
(٣) انظر قصتها في الفاخر للمفضل مثل ١٨٦ قال الأصمعي : معناه تركت الشيء في وقته وطلبته في غير وقته. وقال اليمامي : معناه تركت الشيء وهو ممكن وطلبته في غير وقت إمكانه.
(٤) بالأصل «سنة مائتين وثمانين» والمثبت عن المطبوعة الكويتية ، وانظر حاشيتها.