وِرَجُلٌ ضَلِيعُ الفَمِ ، أَي عَظِيمُه ، أَو وَاسِعُه ، هذا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ ، والأَوَّلُ قولُ القُتَيْبِيِّ ، وحكاهُ الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ ، وبهما فُسِّر الحَدِيثُ : «كان صلىاللهعليهوآلهوسلم وسَلَّمَ ضَلِيعَ الفَمِ» أَو عَظِيمَ الأَسْنَانِ مُتَرَاصِفُها ، وهو قولُ شَمِرٍ ، وهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بضِلْع الإِنْسَان ، وبه فُسِّر الحَدِيثُ المَذْكُورُ ، قال القُتَيْبِيُّ : والعَرَبُ تَحْمَدُ سَعَةَ الفَمِ وعِظَمَه ، وتَذُمُّ صِغَرَه ، ومنهفي صِفَتِه صلىاللهعليهوآلهوسلم أَنَّه «كانَ يَفْتَتحُ الكلامَ ويَخْتَتِمُه بأَشْدَاقِه ، وذلِكَ لِرَحْبِ شِدْقَيْه» (١).
وقالَ الأَصْمَعِيُّ : قُلْتُ لأَعْرَابِيٍّ : ما الجَمَالُ؟ قالَ : غُؤُورُ العَيْنيْنِ ، وإِشْرَافُ الحاجِبَيْنِ ، ورَحْبُ الشِّدْقَيْنِ.
قلتُ : والعَجَمُ بخِلافِ ذلِكَ ؛ فإِنَّهُم يمْدَحُونَ بصِغَرِ الفَمِ في أَشْعَارِهِم.
وِرَجلٌ أَضْلَعُ : شَدِيدٌ غَلِيظٌ عَظِيمُ الخَلْقِ ، وبه فُسِّر حَدِيثُ عبدِ الرَّحْمنِ بنِ عَوْفٍ رضِيَ الله عنه في مَقْتَلِ أَبِي جَهْلٍ : «تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا ، فقَتَلَا أَبَا جَهْلٍ» أَي بين رَجُلَيْن أَقْوَى من اللَّذَيْن كُنتُ بَيْنَهُمَا ، أَو رَجُلٌ أَضْلَعُ : سِنُّه شبِيهَةٌ بالضِّلَعِ ، قاله اللَّيْثُ ، وهي ضَلْعَاءُ ، ج : ضُلْعٌ ، بالضَّمِّ.
وِقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : الضَّوْلَعُ كجَوْهَرٍ : المَائِل بالهَوَى ، وهو مَجَازٌ.
وِقالَ الأَصْمَعِيُّ : المَضْلُوعَة : القَوْسُ التي في عُودِهَا عَطَفٌ وتَقَوُّمٌ ، كما في العُبَابِ ، وفِي اللِّسَان : تَقْوِيمٌ ، وقد شاكَلَ سائِرُهَا كبِدَهَا حكاه أَبُو حَنِيفَةَ ، وأَنْشَدَ للمُتَنَخِّلِ الهُذَلِيِّ :
وِاسْلُ عَنِ الحُبِّ بمَضْلُوعَةٍ |
|
تَابَعَهَا البارِي ولَمْ يَعْجَلِ (٢) |
ويُرْوَى : «نَوَّقَها» كالضَّلِيعِ والمَضْلُوعَة ، هكَذَا في النُّسَخ ، وفيه تَكْرَارٌ ، والصّوابُ : كالضَّلِيعِ ، والضَّلِيعَة ، يُقَال : قَوْسٌ ضَلِيعَةٌ ، أَي غَلِيظَة (٣) كما في شَرْحِ الديوانِ.
وِأَضْلعه : أَمالَهُ ، وهو مَجَازٌ.
وِمنه جمْلٌ مُضْلِعٌ ، كمُحْسِنٍ أَي مُثْقِلٌ للأَضْلاعِ ، قالَ الأَعْشَى :
عِنْدَه البِرُّ والتُّقَى وأَسَى الصَّرْ |
|
عِ وحَمْلٌ لمُضْلِعِ الأَثْقَالِ |
ويُرْوَى : «وأَسَى الشَّقِّ». وفي الحَدِيثِ : «الحِمْلُ المُضْلِعُ ، والشَّرُّ الّذِي لا يَنْقَطِعُ ، إِظْهَارُ البِدَع» قالَ ابنُ الأَثِيرِ : المُضْلِعُ : المُثْقِلُ كأَنَّه يَتَّكِىءُ على الأَضْلاعِ ، ولو رُوِيَ بالظَّاءِ ـ من الظَّلَعِ والغَمْرِ ـ لكانَ وَجْهاً.
وِهُوَ مُضْلِعٌ لهذَا الأَمْرِ ، كما في العُبَابِ ، ومُضْطَلِعٌ بهذا الأَمْرِ ، أَي قَوِيٌّ عليه ، زادَ الجَوْهَرِيُّ : وقال ابنُ السِّكِّيتِ :ولا تَقُلْ مُطَّلِعٌ ، بالإِدْغَامِ. وقال أَبو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ حاتِمٍ : يُقَالُ : هو مُضْطَلِعٌ بهذا الأَمْر ومُطَّلِعٌ له : فالاضْطِلاعُ من الضَّلاعَة ، وهي القُوَّةُ ، والاطِّلاعُ من العُلُوِّ ، من قَوْلِهم :اطَّلَعْتُ الثَّنِيَّةَ ، أَي عَلَوْتُهَا ، أَي هو عَالٍ لذلِكَ الأَمْرِ ، مَالِكٌ له ، هذا نَصُّ الصّحاحِ ، وجَوَّزَه اللَّيْثُ أَيْضاً ، فقالَ :مُضْطَلِعٌ ومُطَّلِعٌ ، الضّادُ تُدْغَم في التّاءِ ، فتَصِيرانِ طاءً مُشَدَّدَةً ، كما تَقُول : اظَّنَّنِي ، أَي اتَّهَمَني. واظَّلَمَ ، إِذا احْتَمَلَ الظُّلْمَ ، وسَيَأْتِي زِيَادَةُ بَيَانٍ لذلِكَ في «ط ل ع» وفي حَدِيثِ عليٍّ رضِيَ الله عَنْه ، في صِفَتهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كما (٤) حُمِّلَ ، فاضْطَّلَعَ بأَمْرِكَ لطَاعَتِك» هو افْتَعَلَ من الضَّلاعَة ، أَي قَوِيَ عليه ، ونَهَضَ به.
وِدَابَّةٌ مُضْلِعٌ : لا تَقْوَى أَضْلاعُها على الحَمْلِ ، كما في اللِّسَانِ والمُحيطِ.
وِتَضْلِيعُ الثَّوْب : جَعْلُ وشْيِهِ على هَيْئَةِ الأضْلاعِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وِقالَ ابنُ شُمَيْلٍ : المُضَلَّعُ ، كمُعَظَّمٍ : الثَّوْبُ نُسِجَ بَعْضُه وتُرِكَ بَعْضُه ، وقالَ اللِّحْيَانِيُّ : هُوَ المُوَشَّى ، وقيل :المُضَلَّعُ مِنَ الثيَابِ : المُسَيَّر ، وهو الَّذِي فيه سيُورٌ من الإِبْرَيْسَمِ ، وقِيلَ : هو المُخَطَّطُ ، وهُوَ الَّذِي فيه خُطُوطٌ من القَزِّ عَرِيضَةٌ شبِيهَةٌ بالأَضْلاعِ ، وقِيلَ : هو المُخْتَلِفُ النَّسْجِ الرَّقِيقُ ، قال امْرُؤُ القَيْسِ ـ ويُرْوَى لِيَزِيدَ بنِ الطَّثْرِيَّةِ ـ :
تَصُدُّ عَنِ المَأْثُورِ بَيْنِي وبَيْنَهَا |
|
وِتُدْنِي عَليْهَا السّابِرِيَّ المُضَلَّعَا |
وِضَلَعَ الرَّجُلُ ، كمَنَعَ ، وتَضَلَّعَ ، أَي امْتَلأَ ما بَيْنَ
__________________
(١) التهذيب : «شدقة» والأصل كاللسان.
(٢) ديوان الهذليين ٢ / ١١ ويروى «بمبضوعة» ويروى : نوّقها الباري.
(٣) الذي في الديوان : بمضلوعة أي بقوس ضليعة وهي الشديدة.
(٤) في غريب الهروي : «لِما» والأصل كاللسان والنهاية.