وِضَلِعَ السَّيْفُ ، كفَرِحَ يَضْلَع ضَلَعاً : اعْوَجَّ ، فهو ضَلِعٌ ، وهو خِلْقَةٌ فيه ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشّاعِرِ وهو مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الأَزْدِيّ :
وِقد يَحمِلُ السَّيفَ المُجَرَّبَ رَبُّه |
|
عَلَى ضَلَعٍ في مَتْنِه وهو قَاطِعُ |
وِمن المَجَاز : الضَّالِعُ : الجائرُ ، قالَ النّابِغَةُ الذُّبيَانِيُّ يَعْتَذِرُ إِلى النُّعْمَانِ :
أَتُوعِدُ عَبْداً لم يَخُنْكَ أَمانَةً |
|
وِتَتْرُكُ عَبْداً ظالِماً وَهْوَ ضَالِعُ (١) |
أَي : حائِرٌ ، ويُرْوَى : «ظالِعُ».
أَي : مُذْنِبٌ. ويقال : ضَلْعُك مَعَهُ ، أَي مَيْلُكَ معه وهَواك.
وِفي المَثَلِ : «لا تَنْقُشِ الشَّوْكَةَ بالشَّوْكَةِ ، فإِنَّ ضَلْعَهَا مَعَهَا» يُضْرَبُ للرَّجُل يُخَاصِمُ آخَرَ كذا في الصّحاحِ ، قِيلَ : القيَاسُ تَحْرِيكُه ؛ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ضَلِعَ مع فُلان ، كفَرِحَ ، ولكِنَّهُم خَفَّفُوا ، وهذا عَجِيبٌ مع ذِكْرِه قَريباً ضَلَعَ كمَنَع :مَالَ ، ومَعَ هذَا فلا حَاجَةَ إِلى ادِّعَاءِ التَّخْفِيفِ ، ثمّ قالَ الجَوْهَرِيُّ : فيَقُولُ : اجْعَلْ بَيْنِي وبَيْنَكَ فُلاناً لرَجُلٍ يَهْوَى هَوَاه ، ومنه حَدِيثُ ابْن الزُّبَيْرِ : «أَنَّهُ نازَعَ مَرْوَانَ عندَ مُعَاوِيَةَ رضياللهعنه فرأى ضَلْعَ مُعَاويَةَ مع مَرْوَانَ ، فقال : أَطِعِ الله يُطِعْكَ النّاسُ ، فإِنَّهُ لا طَاعَةَ لكَ عَليْنَا إِلّا في حَقِّ الله» ويُقَال : خَاصَمْتُ فُلاناً ، فكانَ ضَلْعُكَ عَلَيَّ ، أَي مِيْلُكَ.
وِالضَّلَعُ مُحَرَّكةً : الاعْوِجاجُ خِلْقَةً يَكُونُ في المَشْيِ (٢) من المَيْلِ ويُسَكَّنُ ، ومنه : لأُقِيمَنَّ ضَلَعَكَ ، بالوَجْهَيْن ، هكذا في سَائِرِ النُّسَخِ وهو خَطَأٌ ، والصّوابُ فيه «الضَّلَع» مُحَرَّكَةً فقط ، وقد اشْتَبَه على المُصَنِّفِ لمّا رَأَى في التَّهْذِيبِ والمُحْكَم : «لأُقِيمَنَّ ضَلَعَكَ وصَلَعَكَ ، أَي اعْوِجَاجَكَ ، فظَنَّ أَنَّ كِلَيْهما بالضّادِ ، وإِنَّمَا الفَرْقُ في التَّحْرِيكِ والسُّكُونِ ، وليْسَ كما ظَنَّ ، وإِنَّمَا هما بالضّادِ والصّادِ ، ودَلِيلُ ذلِك أَنَّه لم يُنْقَلْ عن أَحَدٍ من الأَئِمَّةِ التَّكْسِينُ في العِوَجِ الخِلْقِيِّ ، فتأَمَّلْ وأَنْصِف. أَو هو ، أَي الضَّلَعُ في البَعِيرِ بمَنْزِلَةِ الغَمْزِ في الدَّوَابِّ ، وقد ضَلِعَ ، كفَرِحَ ، فهو ضَلِعٌ ، والأَشبَهُ أَنْ يَكُونَ هذَا هُوَ تَفْسِير الظَّلَع ، بالظّاءِ ، يُقَالُ : بَعِيرٌ ظَالِعٌ ، إِذا كانَ يَتَّقِي ويَعْرَج ، كما سَيَأْتِي ، فإِنْ لم يَكُنْ الاعْوجَاجُ خِلْقَةً ، فهُوَ الضَّلْعُ ، بالتَّسْكِينِ ، تقولُ :هو ضَالِعٌ ، وقد ضَلَعَ ، كَمَنَعَ. هذا هو الصَّوابُ في تَحْقِيقِ هذا المَحَلِّ.
وِالضَّلَعُ أيضاً ـ في قَوْلِ سُوَيْدِ بن أَبِي كاهلٍ ـ :
كَتَبَ الرَّحْمنُ والحَمْدُ لَهُ |
|
سَعَةَ الأَخْلَاقِ فينا والضَّلَعْ |
القُوَّةُ واحْتِمَالُ الثَقِيل ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الأَصْمَعِيِّ.
وِالضَّلَعُ من الدَّيْن : ثِقَلُه ، ومنه حَدِيثُ الدُّعَاءِ (٣) :«اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ من الهَمِّ والحَزَنِ ، والعَجْزِ والكَسَلِ ، والبُخْلِ والجُبْنِ ، وضَلَعِ الدَّيْنِ ، وغَلبَةِ الرِّجَالِ» قالَ ابنُ الأَثِيرِ : أَي ثِقَلُ الدَّيْنِ. قالَ : والضَّلَعُ : الاعْوِجَاجُ ، أَي يُثْقِلُه حَتَّى يَمِيلَ صاحِبُه عن الاسْتِوَاءِ والاعْتِدَالِ لثِقَلِه. وهو مَجَازٌ.
وِالضَّلاعَةُ : القُوَّةُ وشِدَّةُ الاضْطِلاعِ ، تَقُولُ منه : ضَلُعَ الرَّجُلُ ، كَكَرُمَ ، فهو ضَلِيعٌ ، أَي قَوِيٌّ شَدِيدُ ، وقِيلَ : هو الطَّوِيلُ الأَضْلاعِ ، العَظِيمُ الخَلْقِ ، الضَّخْمُ من أَيِّ حَيوانٍ كانَ ، حتَّى من الجِنِّ ، ومنهالحَدِيثُ. «أَنَّ عُمَرَ رضِيَ الله عَنْهُ صَارَعَ جِنِّيًّا فصَرَعَه عُمَرُ ، ثم قالَ لَهُ : ما لذِرَاعَيْكَ كأَنَّهما ذِرَاعَا كَلْبٍ؟ ـ يسْتَضْعِفُه بذلِك ـ فقالَ له الجِنِّيُّ : أَما إِنِّي مِنْهُم لضَلِيعٌ» أَي عَظِيمُ الخَلْقِ شَدِيدُ ، ج : ضُلْعٌ بالضَمَّ ، الظّاهِرُ أَنّه بضَمَّتَيْنِ كنَجِيبٍ ونُجُبٍ.
وِقال ابنُ السِّكِّيتِ : فَرَسٌ ضَلِيعٌ : تامُ الخَلْقِ مُجْفَرٌ (٤) غَلِيظُ الأَلْوَاحِ ، كَثِيرُ العَصَبِ ، قال امْرُؤُ القَيْسِ :
ضَلِيعٌ إِذا اسْتَدْبَرْتَه سَدَّ فَرْجَهُ |
|
بضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ ليْسَ بأَعْزَلِ |
وقال غيْرُه : هو الطَّوِيلُ الأَضْلاعِ ، الوَاسِعُ الجَنبَيْنِ ، العَظِيمُ (٥) الصَّدْر
__________________
(١) ديوانه ص ٤٨.
(٢) في المحكم : «الضلع خلقه في الشيء من الميل» والأصل كاللسان.
(٣) في التهذيب : وروي عن النبي (ص) أنه قال : اللهم ...
(٤) في التهذيب : مجفر الجنبين.
(٥) التهذيب : العريض الصدر.