كما يُقَال : فلانٌ مِن رِجالاتِ العَرَبِ ولم يُرِد التَّأْنِيثَ.
قالَ : وقلتُ للخَلِيل : الضِّبْعَانُ ذَكَرٌ ، فكيف جُمِع على ضِبْعانَاتٍ : فقال : كُلَّمَا اضْطُرُّوا إِلى جَمْعٍ فصَعُبَ ، أَو اسْتَقْبَحُوه ، ذَهَبُوا به إلى هذِه الجَمَاعَةِ يَقُولُون : هذا حَمَامٌ ، فإِذا جَمَعُوا قالوا : حَمَامَات ، ويَقُولُونَ : فلانٌ من رِجَالاتِ النّاسِ. وقال أَبو لَيْلَى : الحَمَامُ الكَثِير ، والحَمَامَاتُ أَدْنَى العَدَدِ. وهي سَبُعٌ كالذِّئبِ ، إِلّا إِذا جَرَى كأَنَّه أَعْرَجُ ، فلِذا سُمِّيَ الضَّبُعُ العَرْجَاءَ (١).
وِمِنَ الخَوَاصّ : أَنَّ مَنْ أَمْسَكَ بيَدِه حَنْظَلَةً فَرَّتْ منه الضِّبَاعُ. ومَنْ أَمْسَكَ أَسْنَانَهَا (٢) مَعَهُ لم تَنْبَحْ عليه الكِلابُ ، وجِلْدُهَا إِنْ شُدَّ على بَطْنِ حَامِلٍ لم تُسْقِط الجَنِينَ ، وإِن جُلِّدَ به مِكْيالٌ وكِيلَ به البَذْرُ أَمِنَ الزَّرْعُ مِنْ آفَاتِه التي تُصِيبُه. والاكْتِحَالُ بمَرَارَتِها يُحِدُّ البَصَر.
وِيُقَال : سَيْلٌ جارُّ الضَّبُعِ ، أَي شَدِيدُ المَطَر ؛ لأَنَّ سَيْلَه يُخْرِجُها من وِجَارِهَا. وفي حَدِيثِ الحَجّاجِ : «وجِئْتُكَ في مِثْلِ جَارِّ الضَّبُعِ» أَي فِي المَطَرِ الشَّدِيدِ.
وِإِنَّمَا قِيلَ : دَلْجَةُ الضَّبُعِ ، لأَنَّهَا تَدُورُ إِلى نِصْفِ اللَّيْلِ ، كما في العُبَابِ.
وِالضَّبُع ، كرَجُلٍ : السَّنَةُ المُجْدِبَةُ المُهْلِكَةُ الشَّدِيدَةُ ، مُؤَنَّثٌ ، وفي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «قَالَ رَجُلٌ : يا رَسُولَ الله أَكَلَتْنَا الضَّبُعُ ، فدَعَا لَهُم» وهو مَجازٌ ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشّاعِرِ ـ وهو العَبّاسُ بنُ مِرْدَاسٍ ، رضِيَ الله عنه ، يُخَاطِبُ أَبا خُرَاشَةَ خُفَافَ بنَ نَرُبَةَ رَضِيَ اللهُ عنه ـ :
أَبا خُرَاشَةَ أَمَّا أَنْتَ ذَا نَفَرٍ |
|
فإِنَّ قَوْمِيَ لَمْ تَأْكُلْهُم الضَّبُعُ(٣) |
هذِه رِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ ، وفي شِعْرِه «إِمَّا كُنْتَ» قالَهُ الصّاغَانِيُّ ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ : الكلَامُ الفَصِيحَ في إِمّا وأَمّا : أَنّه بكَسْرِ الأَلِفِ في «إِما» إِذا كَانَ ما بَعْدَه فِعْلاً ، وإِنْ كانَ ما بَعْدَهُ اسْماً ، فإِنّك تَفْتَحُ الأَلِفَ من أَمَّا ، رواه سِيبَوَيْهٌ بفتح الهمْزَةِ ، ومعناه أَنَّ قَوْمَكَ لَيْسُوا بأَذِلّاءَ فَتَأْكُلهم الضَّبُعُ ، ويَعْدُو عَلَيْهِم السَّبُعِ ، وقد رُوِيَ هذا البيتُ لمالِكِ بنِ رَبِيعَة العامِرِيِّ ، ورُوِيَ «أَبا خُبَاشَةَ» يَقُولُه لأَبِي خُبَاشَةَ عَامِرِ بنِ كَعْبِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ كِلابٍ.
وقَالَ ابنُ الأَثِيرِ : الضَّبُع في الأَصْلِ حَيَوَانٌ ، والعَرَبُ تَكْنِي به عن سَنَةِ الجَدْبِ.
وِضَبُع بلا لامٍ : ع ، وأَنْشَدَ أَبُو حَنِيفَةَ :
حَوَّزَهَا من عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ |
|
في ذَنَبَانٍ وَيَبِيسٍ مُنْقَفِعْ |
قال الصّاغَانِيُّ : أَنْشَدَه الأَصْمَعِيُّ لأَبِي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيِّ ، وهو لعُكّاشَةَ بنِ أَبِي مَسْعَدَةَ (٤) السَّعْدِيِّ ، ولأَبِي مُحَمَّدٍ أُرْجُوزةٌ عَيْنِيَّةٌ ، وليس ما أَنْشَدَه فيها :
تَرَبَّعَتْ مِنْ بينِ دَارَاتِ القِنَعْ |
|
بَيْنَ لِوَى الأَمْعَزِ منها وضَبُعْ |
أَو ضَبُع : رابِيَةٌ ، والَّذِي في مُعْجَمِ أَبِي عُبَيْدٍ البَكْرِيِّ ما نَصُّه : ضَبُع : جَبَلٌ فارِدٌ بينَ النِّبَاج والنَّقْرَةِ ، سُمِّي بذلِك لما عَلَيْهِ مِنْ الحِجَارَة التي كانَتْ (٥) مُنَضَّدَة ؛ تشبيهاً لها بالضَّبُع وعُرْفِها ؛ لأَنَّ للضَّبُعِ عُرْفاً من رَأْسِها إِلى ذَنَبِهَا.
ومَوْضِعٌ قِبَلَ حَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ ، بَيْنَهَا وبينَ أُفَاعِيَةَ ، يقال له : ضَبُعُ الخَرْجا (٦) ، وفيه شَجَرٌ يَضِلُّ فيهِ النّاسُ.
ووَادٍ قُرْبَ مَكَّةَ ، أَحْسبهُ بينَهَا وبَيْنَ المَدِينَةِ.
ومَوْضِعٌ من دِيَارِ كَلْبٍ بنَجْدٍ ، وفي كَلَامِ المُصَنِّفِ من القُصُورِ ما لا يَخْفى.
وِالضِّباعُ ، ككِتَابٍ : كَوَاكِبُ كَثِيرَةٌ أَسْفَلَ مِن بَنَاتِ نَعْشٍ ، كما في العُبَابِ.
وِبَطْنُ الضِّبَاعِ : ع (٧) ، قالَ المُرَقِّشُ الأَكْبَرُ :
جَاعِلَاتٍ بَطْنَ الضِّبَاعِ شِمَالاً |
|
وِبِرَاقَ النِّعَافِ ذَاتَ اليَمِينِ |
__________________
(١) قال الدميري : والضبع توصف بالعرج وليست بعرجاء وإنما يتخيل ذلك للناظر وسبب هذا التخيل لدونة في مفاصلها وزيادة رطوبة في الجانب الأيمن على الأيسر منها.
(٢) في حياة الحيوان للدميري : لسانها.
(٣) قوله ذا نفر نصب خبراً لكان المحذوفة التي عوّض عنها «ما» تعويضاً لازماً. والبيت من شواهد النحويين لحذف «كان» بعد «أن» وتعويض «ما» عنها. انظر كتاب سيبويه ١ / ٢٩٣ وما ورد به في هذا المعنى.
(٤) عن التكملة وبالأصل «أبي سعدة».
(٥) معجم البلدان «ضبع» : كأنها.
(٦) في معجم البلدان : ضبع أُخرُجي.
(٧) في التكملة : «وادٍ».