وِتَبَضَّعَ العَرَقُ ، مِثْلُ تَبَصَّعَ أَي سالَ ، وبالمُعْجَمَةِ أَصَحُّ .. وهُنَا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقَدْ صَحَّفَه اللَّيْثُ ، وتَبِعَهُ ابنُ دُرَيْدٍ وابنُ بَرّيّ ، كما تَقَدَّمَ. قال الجَوْهَرِيُّ : ويقالُ :جَبْهَتُهُ تَبَضَّعُ عَرَقاً ، أَيْ تَسِيلُ ، وأَنْشَدَ لِأَبِي ذُؤَيْبٍ :
تَأْبَى بِدِرَّتِهَا إذا ما اسْتُكْرِهَتْ |
|
إلَّا الحَمِيمَ فإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ |
قال الأَصْمَعِيُّ : وكانَ أَبُو ذُؤَيْبٍ لا يُجِيدُ وَصْفَ الخَيْل ، وظَنَّ أَنَّ هذا مِمَّا تُوصَفُ بِهِ. انْتَهَى.
قُلْتُ : وقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّ أَبِي سَعِيدٍ السُّكَّرِيّ عَلَيْهِ. ومَعْنَى يَتَبَضَّعُ : يَتَفَتَّحُ بالعَرَقِ ويَسِيلُ مُتَقَطِّعاً.
وقال ابنُ بَرِّيّ : ووَقَعَ في نُسْخَةِ ابنِ القَطّاعِ «إذا ما اسْتُضْغِبَتْ» وفَسَّرَهُ بفُزَّعَتْ ، لِأَنَّ الضَّاغِبَ هو الَّذِي يَخْتَبِئُ في الخَمَرِ ، ليُفَزِّعَ بمِثْلِ صَوْتِ الأَسَد. والضُّغَابُ : صَوْتُ الأَرْنَبِ ، وتَقَدَّمَ شَيْءُ من ذلِكَ في «ب ص ع» قَرِيباً ، فَرَاجِعْهُ.
وِانْبَضَعَ : انْقَطَعَ ، هو مُطَاوعُ بَضَعْتُهُ بمَعْنَى قَطَعْتُهُ.
وِابْتَضَعَ : تَبَيَّنَ ، وهو مُطَاوعُ بَضَعَهُ بمَعْنَى بَيَّنَهُ ، هكَذَا في التَّكْمِلَة.
وفي اللِّسَانِ : بَضَعْتُه فانْبَضَع وبَضَعَ (١) ، أَي بَيَّنْتَه فَتَبَيَّن.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه :
ويُجْمَع بَضْعَةُ اللَّحْمِ عَلَى بَضِيعٍ ، وهو نَادِرٌ ، ونَظِيرُه الرَّهِينُ جَمْع الرَّهْنِ ، وَكلِيبٌ ومَعِيزٌ جَمْعُ كَلْبٍ ومَعْزٍ.
وِالبَضِيعُ أَيْضاً : اللَّحْمُ كما في الصِّحاح. قالَ : يُقَالُ :دَابَّةٌ كَثِيرَةُ البَضِيعِ ، وهُوَ ما انْمَازَ من لَحْمِ الفَخِذِ. الوَاحِدَةُ بَضِيعَةٌ.
ويقَالُ : رَجلٌ خَاظِي البَضِيعِ ، أَيْ سَمِينٌ.
قال ابنُ بَرِّي : يُقَالُ : سَاعِدٌ خاظِي البَضِيع ، أَي مُمْتَلِئُ اللَّحْمِ. قال الحَادِرَة :
وِمُنَاخِ غَيْرِ تَبيئةٍ (٢) عَرَّسْتُهُ |
|
قَمِنٍ مِنَ الحَدَثانِ نَابِي المَضْجَعِ |
عَرَّسْتُهُ ووسَادُ رَأْسِيَ سَاعِدٌ |
|
خَاظِي البَضِيعِ عُرُوقُه لَمْ تَدْسَعِ |
أَي عُرُوقُ سَاعِدِهِ غَيْرُ مُمْتَلِئَةٍ مِنَ الدَّمِ ، لِأَنَّ ذلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِلشُّيُوخِ.
ويُقَالُ : إنّ فُلاناً لَشَدِيدُ البَضْعَةِ حَسَنُها ، إذَا كان ذا جِسْمٍ وسِمَنٍ.
وقولُهُ :
وِلا عَضِلٍ جَثْلٍ كَأَنَّ بَضِيعَهُ |
|
يَرابِيعُ فَوْقَ المَنْكِبَيْنِ جُثُومُ |
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ بَضْعَةٍ ، وهو أَحْسَنُ ، لِقَوْلِهِ : يَرَابِيع ، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّحْم.
ويقال : سَمِعْتُ للسِّيَاطِ خَضَعَةً ، وللسُّيُوفِ بَضَعَةً ، بالتَّحْرِيكِ فِيهِمَا ، أَيْ صَوْتَ وَقْعٍ ، وصَوْتَ قَطْعٍ ، كما فِي الأَساسِ.
وِالمَبْضُوعَةُ : القَوْسُ. قَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ :
وِمَبْضُوعَةً مِنْ رَأْسِ فَرْعٍ شَظِيَّةً (٣)
يَعْنِي قَوْساً بَضَعَها ، أَيْ قَطَعَها.
وِبَضَعْتُ من فُلان : إذا سَئِّمْتَ مِنْهُ ، علَى التَّشْبِيهِ ، كما في الصّحاح.
وفي الأَساسِ : سَئِمْتَ مِنْ تَكْرِيرِ نُصحهِ فقطعتَه.
وِالبُضْعُ «بالضَّمِّ» : مِلْكُ الوَلِيِّ العَقْدَ لِلْمَرْأَةِ. ويُقَالُ :البُضْع : الكُفْءُ ، ومِنْهُ الحَدِيث : «هذا البُضْعُ لا يُقْرَع أَنْفُهُ» أَرادَ صاحِبَ البُضْعِ ، يُريدُ : هذا الكُفءُ لا يُرَدُّ نَكَاحُهُ (٤) ، ولا يُرْغَبُ عَنْهُ. وقَرْعُ الأَنْفِ عِبَارَةٌ عن الرَّدِّ.
وقالَ ابنُ الأَثِيرِ : الاسْتِبْضاعُ : نَوْعٌ مِن نِكَاحِ الجاهِلَيَّةِ ، وذلِكَ أَنْ تَطْلُبَ المَرْأَةُ جِمَاعَ الرَّجُلِ لِتَنالَ مِنْهُ الوَلَدَ فَقَط ، كانَ الرَّجُلُ مِنْهُم يَقُولُ لِأَمَتِهِ أَو امْرَأَتِهِ : أَرْسِلِي إلى فُلانٍ فاسْتَبْضِعِي مِنْهُ ، ويَعْتَزِلُهَا فَلا يَمَسُّها ، حَتَّى يَتَبَيَّن حَمْلُها من ذلِكَ الرَّجُلِ ، وإنّمَا يَفْعَلُ ذلِكَ رَغْبَةً في نَجَابَةِ الوَلَدِ.
__________________
(١) العبارة في التهذيب ، وهو قول الليث. أما عبارة اللسان : وبضع الكلام فانبضع بيّنه فتبيّن. وبضع من صاحبه ... الخ.
(٢) كذا بالأصل واللسان وبهامشه : كذا بالأصل هنا ، وسيأتي في دسع تاءية ولعله نيئة بنون أوله أي أرض غير مرتفعة.
(٣) ديوان أوس ص ٢١ وعجزه :
بطود تراه بالسحاب مكلّلا
(٤) قال ابن الأثير : وأصله في الإبل أن الفحل الهجين إذا أراد أن يضرب كرائم الإبل قرعوا أنفه بعصا أو غيرها ليرتدّ عنها ويتركها.