أَيْنَ دُرَيْدٌ فهو ذُو بَرَاعَهْ |
|
حَتَّى تَرَوْهُ كَاشِفاً قِنَاعَهْ |
تَعْدُو به سَلْهَبَةٌ سُرَاعَهْ
هكَذَا أَنْشَدَه ابنُ دُرَيْدٍ (١) ، كما في العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ ، وقال ابنُ بَرِّيّ : فَرَسٌ سَرِيعٌ وسُرَاعٌ ، قال عَمْرُو بن مَعْدِيكَرِبَ.
حَتَّى تَرَوْه كاشِفاً ...
إِلى آخِره.
وِقَوْلُهم : السَّرَعَ ، السَّرَعَ أَي الوَحَا الوَحَا* ، هكَذَا هو مُحَرَّكاً ، كما هو مَضْبُوطٌ عندنَا ، وفِي الصّحاحِ : كعِنَبٍ فيهما (٢) ، وضَبَط الوَحا بالقَصْر وبالمَدِّ.
وِقَوْلُهم : سرْعَانَ ذا خُرُوجاً ، مُثَلَّثَة السِّينِ ، عن الكِسَائِيِّ ، كما نقلَه الزَّمَخْشَرِيُّ أَيْ سَرُعَ ذا خُرُوجاً ، نُقِلَتْ فَتْحَةُ العَيْنِ إِلى النُّونِ ، لأَنَّهُ مَعْدُولٌ من سَرُعَ فبُنِيَ عليه كما في الصّحاحِ والعُبَابِ. وسَرْعانَ : يُسْتَعْمَلُ خَبَراً مَحْضاً ، وخَبَراً فيه مَعْنَى التَّعَجُّبِ ، ومنه قَوْلُهم : لَسَرْعَانَ ما صَنَعْتَ كذا ، أَي ما أَسْرَعَ ، وقال بِشْرُ بنُ أَبِي خازمِ :
أَتَخْطُبُ فِيهِم بعد قَتْلِ رِجَالِهمْ |
|
لَسَرْعَانَ هذا! والدِّمَاءُ تَصَبَّبُ |
وفي العُبَاب :
وِحَالفْتُمُ قوْماً هَرَاقُوا دِماءَكُم |
|
لَسَرْعَانَ ... |
الخ ويُرْوَى : «لَوَشْكَانَ» وهذِه الرِّواية أَكثرُ.
وِأَمّا قَوْلُهُم فِي المَثَلِ : «سرْعَانَ ذا إِهَالَةً» ، فأَصْلُه أَنّ رَجُلاً كانَتْ له نَعْجَةٌ عَجْفَاءُ ، ورُغَامُهَا يَسِيلُ من مَنْخِرَيْهَا ؛ لِهُزَالِهَا ، فقِيلَ له : ما هذَا الَّذِي يَسِيلُ؟ فقَال : وَدَكُهَا ، فقال السّائِلُ ذلِكَ القَوْلَ. هذَا نَصُّ العُبَابِ ، وفي اللِّسَان : وأَصْلُ هذَا المَثَل أَنَّ رَجُلاً كانَ يُحَمَّقُ ، اشْتَرَى شَاةً عَجْفَاءَ يَسِيلُ رُغَامُها هُزَالاً وسُوءَ حَالٍ ، فظَنَّ أَنّه وَدَكٌ ، فقال : «سَرْعَانَ ذا إِهالَةً» قال الصّاغَانيُّ : ونَصَبَ إِهالَةً على الحالِ وذا : إِشارةٌ إِلى الرُّغامِ ، أَي سَرُعَ هذا الرُّغَامُ حَالَ كَوْنِه إِهالَةً. أَو هُو تِمْيِيزٌ على تَقْدِيرِ نَقْلِ الفِعْلِ ، كَقَوْلِهم : تَصَبَّبَ زَيْدٌ عَرَقاً ، والتَّقْدِيرُ : سَرْعَانَ إِهَالَةُ هذِه. يُضْرَب مَثلاً لِمَنْ يُخْبِرُ بكَيْنُونَةِ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِه ، كما في العُبَابِ.
وَسَرَعَانُ النّاس ، مُحَرَّكَةً : أَوائِلُهُم المُسْتَبِقُون إِلى الأَمْرِ ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ فِيمَنْ يُسْرِعُ من العَسْكَرِ ، وكان ابن الأعرابي يُسَكِّنُ ، ويَقُولُ سَرْعَانُ الناسِ : أَوائِلُهُم. وقال القُطَامِيُّ ـ في لُغَةِ مَنْ يُثَقِّلُ ، فيَقُول : سَرَعان ـ :
وِحَسِبْتُنَا نَزَعُ الكَتِيبَة غُدْوَةً |
|
فيُغَيِّفُون ونَرْجِعُ السَّرَعَانَا (٣) |
وقال الجَوْهَرِيّ ـ في سَرَعانِ النّاسِ بالتَّحْرِيك :أَوَائلهم ـ يلزمُ الإِعْرَابُ نُونَه في كُلِّ وَجْهٍ ، وفي حَدِيثِ سَهْوِ الصَّلاةِ : «فخَرَج سَرَعَانُ النّاسِ ، وكذا حَدِيثُ يَوْمِ حُنَيْنٍ : «فخَرَج سَرَعَانُ النّاسِ وأَخِفّاؤُهُمْ» رُوِيَ فيهِمَا بالفَتْح والتَّحْرِيك ، ويُرْوَى بالضَّمِّ أَيضاً ، على أَنَّه جَمْعُ سَرِيع ، كما تَقَدَّمَ.
وِالسَّرَعَانُ من الخَيْلِ : أَوَائِلُهَا ، وقَدْ يُسَكَّنُ ، قال أَبُو العَبّاس : إِنْ كانَ السَّرَعانُ ، وَصْفاً في النّاسِ قِيل : سَرَعانُ وسَرْعَانُ ، وإِذا كانَ في غَيْرِ النّاسِ فسَرَعَانُ أَفْصَح ، ويَجُوزُ سَرْعَان.
وِالسَّرَعانُ مُحَرَّكةً : وَتَرُ القَوْسِ عن أَبِي زَيْدٍ ، قال ابنُ مَيّادَةَ :
وِعَطَّلْتُ قَوْسَ اللهْوِ من سَرَعَاتِها |
|
وِعَادَتْ سِهَامي بَيْنَ رثٍّ ونابل (٤) |
ويُرْوَى «بين أَحْنَى وناصِل».
أَو سَرَعَانُ عَقَبِ المَتْنَيْن : شِبْهُ الخُصَلِ ، تُخَلَّصُ من اللَّحْمِ ، ثم تُفْتَلُ أَوْتَاراً للْقِسِيِّ العَرَبِيَّةِ ، قالَ الأَزْهَرِيَّ :سَمِعْتُ ذلِكَ من العَرَبِ ، قالَ أَبو زَيْدٍ : الوَاحِدَةُ بهَاءٍ.
__________________
(١) الجمهرة ٢ / ٣٣٠ وفيها «ذو بزاعة» قال : ويروى : ذو براعة. ونسب الأشطار لعمرو بن معدي كرب ، وفي التكملة كالأصل لامرأة قيس بن رواحة.
(*) بالقاموس : الوَحَى الوحَى.
(٢) الذي في الصحاح بالتحريك فيهما ، ضبط حركات.
(٣) في التهذيب : «ونوجع» والأصل كاللسان ، وفي اللسان غيف : قال ابن بري : الذي في شعره :
فيغيفون ونوزع السرعانا
وانظر ديوانه ص ١٨.
(٤) في اللسان : بين أحنى وناصلِ.